المنتخب السوري لكرة القدم والمشهد المتجدد

  • 9/10/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

«فريق كرة القدم للسوريين، وليس للنظام أوللمعارضة، كما خيول الريح، وكما غزلان البادية، لا تمنحوا انتصاره أو خسارته لأحد، لا تفقأ عينك (جكارة) بأنفك.. لا تنتهك أمك جكارة بأبيك»، اقتباس من صفحة الصحافي السوري نبيل الملحم. «وقفنا مع هاد الفريق السوري لأن كما وضحت سابقا، هاد حلم بلد مو حلم نظام ولا سلطة ولا رئيس بيجي وبيروح غيره..»، اقتباس من صفحة المخرج السوري جمال داوود. «ليس ثمة سياسة وليس ثمة رياضة في سورية الأسد أساساً حتى يتم الفصل بينهما»، اقتباس من مقال للصحافي السوري ملاذ الزعبي. حافظ الأسد «جونيور» وجه رسالة إلى الفريق «السوري» وتمنى له النجاح والفوز. الملحم وداوود والزعبي يحملون موقفاً واضحاً ضد النظام، وأما حافظ جونيور فلا داعي للكلام عن موقفه من كرسي والده ونظامه. يمكن أن نملأ الآن صفحات باقتباسات تحمل من الشتائم ما يزيد عن قاموس ضخم مخصص للشتائم. شتائم متطايرة من طرفي نزاع، ولكن الطرفين هذه المرة في سورية ليسا «مؤيداً للنظام ومعارضاً له»، الشتائم اليوم يتقاذفها متقبل لفكرة أن فريق كرة القدم الذي لعب مع قطر ومع إيران يحمل اسم «سورية»، وآخر يؤمن أن الفريق يحمل اسم «بشار الأسد»، ويشترك الطرفان في أنهما معارضان للنظام، ويختلفان بكل التفاصيل الأخرى، وما بين الاختلاف والاتفاق اعتمدت الشتائم ولغة التخوين. سورية المعارضة اليوم، إما إنك توافقني فأنت وطني، وإما إنك تخالفني فأنت خائن. كمعارَضة، ماتت أحلامنا واحداً تلو الآخر، فما استطعنا تكوين فريق كرة قدم «ربما يحمل اسم «الحر»، نتبناه وندافع عنه وننتظر انتصاره، والسبب بديهي، الإخفاقات الهائلة للمعارضة السياسية. الإخفاقات التي بدأت مع فقدانها كرسي سورية في الجامعة العربية بعد أن حصلت عليه في واحدة من السنوات، وبالطبع لا يتحمل «الشعب» كامل مسؤولية هذا الإخفاق وإنما تتحمله بكليته المعارضة السياسية الفاشلة، التي فرضت نفسها على السوريين. ذكر المعارضة في حديث عن كرة القدم هو خطوة في صلب الموضوع، معارضة سارت من إخفاق إلى آخر، من كرسي بالجامعة العربية، إلى إقصاء حتى من حفلات عشاء الجامعة العربية، من إعلان سفارات وجوازات سفر للسوريين الرافضين لتمثيلية السفارة السورية، وإلى سجن أو احتجاز السوريين الذين صدقوا كذبة جواز سفر الائتلاف؛ وفي المحصلة اضطر كل السوريين المطرودين من سورية للذهاب إلى سفارات النظام، حاملين ابتسامات وبضعة مئات من الدولارات لدعم خزينة بشار. لم يخونهم أحد، لأن الجميع بحاجة لجواز سفر؛ والأهم امتلأت الحسابات البنكية لمعارضين لا نعرف من هم. هل سألنا أنفسنا لماذا رفع عمر السومة علم الثورة في الملعب ذات يوم، ولماذا أعلن انتماءه لمجتمع معارضي النظام «مع ملاحظة أنه لم يكن مضطراً»؟ ولماذا رفع اليوم علم النظام؟ هل حاولت المعارضة العمل على أي نشاط مدني حقيقي ليكون فريق كرة القدم الحر مشروعاً قابلاً للتنفيذ ولو بعد حين؟ ربما لو أن فكرة كهذه كانت موجودة ولو تأخر تنفيذها لاستقطبت الثورة والمعارضة معظم لاعبي الفريق السوري الحامل للعلم الأحمر اليوم. حلم آخر لم يولد ولكنه مات. المعضلة هي معضلة أخلاقية لا تبدأ بشتم كل من قال إنه يشجع المنتخب السوري، ولا تنتهي بشتم كل من تمنى الموت والخسارة لمنتخب بشار الأسد. فنحن لا نطلب ملائكة في معارضتنا وإعلامنا وفايسبوكنا، بل نطلب حداً أدنى من الأخلاقية يحمي أطفال سورية. إن قرأت ما كتبه الملحم وداوود «كأمثلة فقط» واقتنعت بكلامهما، يصفعني كلام حافظ جونيور، ويرجعني كيلومترات إلى الوراء، وإن قلت إن هذا الفريق يحمل اسم بلدي، تأتيني الشتائم من كل حدب وصوب. وإن وجدت رأي الزعبي والكثيرين الكثيرين ممن يجرمون الفصل بين الرياضة والسياسة، منطقياً، فلأن الأدلة كثيرة، والشهداء أكثر، والحرمان أكثر وأكثر، والظلم يجعلني أميل لرأي تلك الأكثرية. نستطيع أن نجيب عن سؤال أكثر من معقد «ما هو النظام السوري؟»، «من هو هذا النظام؟»، هل صعدنا إلى الشجرة وكسرنا السلم الذي استخدمناه للصعود؟ أم كما يبدو أنهم خطفونا من الشجرة إلى حفرة لا نرى قرارها ولا ضوءاً أعلاها؟ كيف سنتعامل بعضنا مع بعض بعيداً من لغة الشتم والتخوين يوماً ما، هل يستوي السومة والخطيب والساروت وقويدر؟ هل ستسمح لي كسوري ألا أفصل بين السياسة والرياضة، أم أنك ستشهر مسدسك بوجهي، وإن سمحت لي فهل سأقبل أنا أن تشجع فريق يهدي فوزه للأسد؟ معضلة أخلاقية لا بوادر لحلها اليوم ولا غداً، ونبقى بين كاره ومحب لفريق كرة قدم، غائبين عن قضيتنا الاساسية، سورية الأمس واليوم وغداً، خصوصاً مع إعدام أحلام واحداً تلو الآخر.

مشاركة :