فضائح التلوث تحكم بالموت البطيء على سيارات الديزل

  • 9/12/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

فرانكفورت (ألمانيا) - تراجع إقبال المستهلكين الأوروبيين على الديزل في ظل خطر منعه من بعض المدن إثر الفضائح المتعددة التي يتخبط فيها والمعايير الجديدة الصارمة التي يرزح تحت وطأتها، كما لو كان محكوما عليه "بموت بطيء". وقد طُبعت النسخة السابقة العام 2015 من معرض فرانكفورت الدولي للسيارات الذي ينطلق الثلاثاء بفضيحة التلاعب بمحركات الديزل في السيارات المصنعة لدى شركة "فولكسفاغن" الألمانية. وبعد عامين، طرأت تغييرات كبيرة على المشهد في عالم السيارات إذ ان المحركات العاملة على الديزل تفقد هيمنتها خصوصا في معقلها الأوروبي على وقع التراجع في ثقة المستهلكين. ويوضح مدير مركز "سنتر اوف اوتومايتيف مانجمنت" (سي ايه ام) ستيفان براتزل لوكالة فرانس برس "نشهد منذ أشهر عدة تراجعا واضحا في مبيعات السيارات العاملة على الديزل في السوقين الأوروبيين الكبيرين في فرنسا والمانيا". ففي فرنسا، وللمرة الأولى منذ العام 2000، تراجعت مبيعات السيارات الخاصة الجديدة العاملة على الديزل منذ مطلع العام الحالي دون عتبة 50% مسجلة 47,8% على رغم التخفيضات الضريبية على سيارات الشركات. كذلك سجلت مبيعات هذه السيارات تراجعا كبيرا في المانيا اذ انخفضت حصة مركبات الديزل إلى 37,7% في اغسطس/آب في مقابل 45,3% قبل سنة. ولطالما شجعت السلطات العامة على اقتناء سيارات عاملة على الديزل باسم مساهمتها في الاستقلال في مجال الطاقة والحد من انبعاثات ثاني اكسيد الكربون. واستثمرت الشركات المصنعة والمتخصصة في تجهيزات السيارات مبالغ طائلة في هذه التكنولوجيا. إزالة مكلفة للتلوث غير أن فضيحة "فولكسفاغن" اعادت خلط الأوراق وكشفت الستار عن ممارسات شائنة في القطاع تقوم على الغش أو التحايل على القواعد المعمول بها في شأن انبعاثات اكسيد النيتروجين الخطيرة على الصحة. وفي فرنسا، بينت فحوص نشرت نتائجها الحكومة العام 2016 وجود معدلات تتخطى حتى عشر مرات تلك المسموح بها في بعض الآليات كما أن تحقيقات قضائية تتناول أربع مجموعات هي "فولكسفاغن" و"رينو" و"فيات كرايسلر" و"بي اس ايه"، وهذه الأخيرة مستهدفة على خلفية اعتمادها "استراتيجية قائمة على التزوير" في تقرير بشأن مكافحة الغش كشفت عنه الجمعة صحيفة "لوموند" الفرنسية. وتضع قواعد الترخيص الأوروبية التي بدأ سريانها في الأول من سبتمبر/أيلول أطرا قانونية أكثر تشددا حيال هذه الانبعاثات إضافة إلى تلك المرتبطة بالجزيئات. ولاحترامها يتعين على المصنعين استثمار مبالغ أكبر. ويقول المدير العام لشركة "فوريسيا" للتجهيزات باتريك كولر "نعرف كيف نقضي على مصادر التلويث في محركات الديزل غير أن لهذا الأمر ثمنا". هذا الثمن يقرب من "1500 يورو عن كل مركبة" على ما يوضح المسؤول عن قطاع السيارات في "اكسنتور" مارك ميشاي مشيرا إلى أن استخدام الديزل غير مبرر في المركبات التي يقل ثمنها عن 20 الف يورو. ويقول مدير مرصد "سيتيليم" للسيارات فلافيان نوفي إن "المواءمة التدريجية لأسعار الوقود والديزل (في المحطات) ستفقد هذا الأخير ميزته التنافسية أو سيتوجب استخدام المركبات العاملة بالديزل للقيادة لمسافات طويلة للغاية ما يعني أنها لن تخص سوى فئة صغيرة من السائقين". إعادة الثقة بالديزل ويضاف إلى ذلك القرارات الصادرة عن مدن كبرى مثل باريس التي اعلنت رئيسة بلديتها آن هيدالغو عزمها منع استخدام الديزل بحلول العام 2025. وفي المانيا، قد يرغم القضاء المناطق البالغ عددها حوالى سبعين في البلاد على منع استخدام المحركات الأكثر تلويثا في حال تخطيها المعدلات المسموح بها لانبعاثات اكسيد النيتروجين. أما المستشارة الألمانية أنغيلا ميركا الحريصة على الجمع بين حسن إدارة القطاع الصناعي القوي في البلاد وتهدئة مخاوف مواطنيها، فقد أبدت رغبتها في "إعادة الثقة بالديزل". غير أن فرديناند دودنهوفر مدير مركز "سي ايه ار" للبحوث يرى أن الأوان قد فات لهذا الموضوع "ففضيحة التلاعب بالمحركات أوصلت الديزل إلى طريق مسدود"، معتبرا أن هذه التكنولوجيا تشهد "موتا بطيئا". هذا الموقف يعارضه ميشاي الذي يعتبر أن "موت الديزل ليس وشيكا على صعيد السيارات الكبيرة". ويبقى على الشركات المصنعين تكييف انتاجاتها وهي قد تخفق في تحقيق الأهداف الأوروبية لناحية انبعاثات ثاني اكسيد الكربون من دون الاستعانة بمحركات الديزل، ما يفسر السباق الحالي على انتاج السيارات الكهربائية. كذلك يتعين الأخذ في عين الاعتبار عشرات ملايين سيارات الديزل التي تسير حاليا على الطرقات. ويوضح الخبير في قطاع السيارات لدى شركة "اولر هرمس" للتأمين ماكسيم لوميرل "ليس لدينا أي مصلحة في أن تحصل الأمور بشكل مباغت للغاية".

مشاركة :