فان ديك وكوتينيو وسانشيز في مواجهة مأزق البقاء

  • 9/12/2017
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

الآن، ومع انتهاء الجلبة والصخب اللذين حملهما موسم الانتقالات الدوري الإنجليزي الممتاز الذي تقدر إجمالي صفقاته بنحو بـ1.4 مليار جنيه إسترليني، من الصعب أن يمنع المرء نفسه عن التساؤل حول ماهية الأفكار التي تدور في أذهان اللاعبين الذين تحطمت آمالهم في الانتقال لأندية أخرى مع غروب شمس آخر أيام موسم الانتقالات.في الواقع، داخل عالم كرة القدم، يبدو ذلك مكافئاً لفكرة أن تنال أخيراً موعداً محدداً للقاء الذي طالما حلمت به، وتصحو ذلك اليوم مفعما بالآمال والتوقعات، ثم تفاجأ بعد انتظار طويل أن اليوم لن يحمل معه أي شيء مميز.إذن كيف سيكون الحال الآن مع الهولندي فيرجيل فان ديك وفيليبي كوتينيو اللذين جرى تجاهل طلبيهما للانتقال تماماً من قبل مجلسي إدارة ناديهما ومن المنتظر أن يمثلا ساوثهامبتون وليفربول على الترتيب بمهنية وحرفية كاملة في أقرب وقت ممكن؟ والأمر كذلك بالنسبة لأليكسيس سانشيز الذي عاد من مهمته الدولية مع منتخب بلاده تشيلي وهو يدرك أنه كان قاب قوسين أو أدنى من الفرار بعيداً عن مشكلات آرسنال، لكن حلمه لم يتحول إلى واقع قط؟في الواقع، إن البوصلة الأخلاقية الغريبة بعالم كرة القدم تعني أن موجات الغضب التي تشتعل من حين لآخر ليست من بين العوامل الكبرى المؤثرة بمجرد أن تنطلق المباريات وتبدأ المنافسات الحقيقية. ولعلنا جميعاً نتذكر الأرجنتيني كارلوس تيفيز الذي أدى تردده إزاء المشاركة كبديل في صفوف مانشستر سيتي في مباراة أمام بايرن ميونيخ في إطار بطولة دوري أبطال أوروبا إلى منعه من المشاركة وتغريمه ويبدو أنه وصل مع ناديه لنقطة اللاعودة؟الغريب أن كارلوس تيفيز ذاته الذي واجه طوفاناً من المشاعر الودودة الجياشة عندما عاد إلى صفوف الفريق بعد ذلك بشهور ليسجل أهدافاً عاونت مانشستر سيتي على الفوز باللقب. وبذلك يتضح أن المشاعر على صعيد كرة القدم يمكن أن تمر بحالات مد وجزر متطرفة إذا بدا ذلك ملائماً للجميع.وإذا تمكن فان ديك وكوتينيو وسانشيز، بغض النظر عن مشاعرهم الشخصية، من العودة إلى الملعب في إطار الدوري الممتاز وقدموا أداءً متميزاً ومتناغماً على النحو الذي أكسبهم شهرتهم ومكانتهم المميزة، فإنه سيجري الترحيب بهم مجدداً وبسرعة.ومع هذا، فإن الصعوبة الأكبر تواجه اللاعبين الذين تحتاج إليهم أنديتهم بدرجة أقل حال عدم تحول تطلعاتهم خلال موسم الانتقالات إلى واقع. على هوامش فرق كرة القدم بمختلف أرجاء البلاد، ثمة لاعبين لا يزالون محاصرين داخل نظام يبقي عليهم داخل أندية تحمل لهم إمكانية محدودة من حيث المشاركة الفعلية داخل الملعب. هل تتذكرون فنسنت يانسن الذي لا بد أنه عاين صور فيرناندو ليورنتي بقميص توتنهام هوتسبير بينما ظل هو ساكناً دون حراك؟.لم يستطع اللاعب الهولندي من الالتزام باللعب لحساب برايتون، لكن الحياة داخل توتنهام ستحمل له بالتأكيد لحظات من الإحباط إذا ما عايش موسم آخر ظل خلاله على هامش اللاعبين الـ11 الأساسيين.ويبقى التساؤل الملح هنا: كيف يتمكن اللاعبون من التعامل مع مثل هذا الموقف عندما تتحطم آمالهم في بدء صفحة جديدة من مسيرتهم الكروية؟ كان يانسن قد انضم إلى توتنهام هوتسبير منذ عام مضى في أعقاب النجاح الذي حققه في صفوف «إي زد الكمار»، وذلك بناءً على اتفاق يستمر أربع سنوات. والمؤكد أنه ليس من السهل على أي لاعب الإبقاء على شعوره بالثقة بنفسه وبروح إيجابية بوجه عام في وقت لا يشارك في المباريات. والمؤكد كذلك أن الراتب الضخم لا يكون كافياً دوماً لخلق شعور أفضل لدى اللاعب.وهنا يطرح نموذج وينستون بوغارد نفسه، ذلك أنه لاعب يجري النظر إليه على نطاق واسع باعتباره مثالا لفئة اللاعبين الذين يجنون ثروة ضخمة مع المشاركة في الملعب لفترات محدودة للغاية تكاد لا تكفي كي تتسخ أحذيتهم. داخل تشيلسي، جنى بوغارد ما يقرب من 10 ملايين جنيه إسترليني، في الوقت الذي لعب في صفوف النادي 12 مرة فقط بين عامي 2000 و2004 بيد أن الواقع يكشف عن رجل تملكه شعور بالوحدة واليأس والاعتقاد بأن أحداً من المحيطين به لا يتفهم حقيقة موقفه.وفي هذا الصدد، قال بوغارد: «لم يكن وضعي جيداً للغاية، وحاولت مراراً إيجاد حل له وبسبل شتى، مثل حث النادي على الموافقة على انتقالي لناد آخر على سبيل الإعارة أو بيعي أو أي شيء من هذا القبيل. وبالنسبة للاعب مثلي، فإن عدم المشاركة في اللعب يحمل شعوراً مؤلماً، ويصبح عبئاً ذهنياً من العسير للغاية تحمله. ومن الصعب للغاية الإبقاء على الحافز بداخلي في مثل هذه الظروف».ولم يكن من الجيد رؤية لوكاس بيريز الذي عاد إلى ديبورتيفو لا كورونا الإسباني في اليوم الأخير من موسم الانتقالات، وهو يصل إلى مطار مسقط رأسه بعد عام من الإحباط داخل آرسنال لم يشارك خلاله في الملعب إلا نادراً. وظهر بيريز وذراعه تحيط بولده ويمران عبر بوابة صالة الوصول، بينما وقفت حشود من الجماهير تحييه بحرارة وتشدو باسمه. وبدا واضحاً أن في هذه اللحظة تحديداً، عاد الحافز بداخله للظهور تجاه المشاركة في كرة القدم بعد فترة ناضل خلالها للحصول على فرصة واعتملت في نفسه كثير من الشكوك والمخاوف.وعبر الدوري الإنجليزي الممتاز، يبقى الكثير من اللاعبين محصورين داخل أندية كانوا يتطلعون نحو الفكاك منها. داخل إيفرتون، يبدو المستقبل غامضاً على أفضل تقدير أمام روس باركلي وكيفين ميالاس وعمر نياسي. وفي ليفربول، بقي لازار ماركوفيتش، لكن من غير المتوقع أن يشارك كثيراً في المباريات. وبالمثل، بقي جاك كوالباك في صفوف نيوكاسل يونايتد. أيضاً، استمر ديافرا ساكو في وستهام يونايتد في أعقاب مجموعة من الأحداث المثيرة. وقد آل اللاعب على نفسه السفر إلى رين الفرنسي لإجراء فحص طبي دون إبرام اتفاق بين الناديين وانتهى به الحال إلى قضاء اليوم الأخير من موسم الانتقالات معلقا برفقة وكيل أعماله على أمل الفوز بصفقة الانتقال، إلا أنه مني بالفشل نهاية الأمر.ومع استئناف الأندية حياتها اليومية العادية بعد انتهاء موسم الانتقالات، تبقى على الهوامش مجموعة من اللاعبين غير المرغوبين والمحبطين تبدو الأيام المقبلة أمامهم مليئة بالشكوك والمخاوف.

مشاركة :