حذرت دراسة جديدة من خطورة استخدام العملة الإلكترونية (بيتكوين)، في ظل لجوء التنظيمات المتطرفة على استخدامها إضافة إلى جماعات الجريمة المنظمة وعمليات غسيل الأموال، مبينة أن التنظيمات الإرهابية توظف البيتكوين لديها، وتستخدمها في التمويلات المحظورة وشراء الأسلحة والمعدات، فيما هناك جهود دولية كبيرة لتجفيف منابع الإرهاب. ويسلط البحث الذي صدر عن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية وأعده الباحث حسن محمد ضمن سلسلة الإصدارات البحثية (تعليقات) الضوء على عملة الـ “بيتكوين” ودورها في تمويل الحركات الإرهابية، وكشف أن هناك توجه من التنظيمات المتطرفة نحو توظيف تلك العملات والاستفادة من ميزاتها المتنوعة والكبيرة، حيث تلجأ إلى “بيتكوين” في حال عدم كفاية الموارد التقليدية كوسيلة للتمويل والتخفي عن أعين السلطات، وأيضاً مع التقدم التكنولوجي للجماعات الإرهابية، وكذلك استمرار عدم خضوع البيتكوين لسلطة مركزية أو أي قيود. وأوضح البحث أن التمويل يمثل أحد الأعمدة الرئيسة في بناء وهيكلة الجماعات والتنظيمات المتطرفة، وأنه قد ظهرت عملات إلكترونية افتراضية لا يوجد لها رصيد فيزيائي أو وجود مادي ملموس، وانتشرت بين مختلف دول العالم، وقبلت بها شركات كبرى وسيلة للدفع والشراء، واتسع نطاق الاستخدام والانتشار السريع لعملات الافتراضية وظهرت مؤشرات مهمة على استخدام الجماعات الإرهابية تلك العملات وخطورة التوظيف السيئ للـ “بيتكوين” بوصفها أبرز العملات الافتراضية وأكثرها انتشاراً. وبين أن البيتكوين عملة إلكترونية بشكل كامل يتم تداولها عبر الإنترنت فقط ولا تخضع لهيئة تنظيمية مركزية أو جهة إصدار ولا تخضع لرقابة ولا يمكن تعقبها وسريعة التداول، ويتم الحصول عليها عبر شبكة الإنترنت باستخدام برامج مجانية تجري عمليات حسابية معقدة وموثقة، وإصدارها عبر عملية تعدين البيتكوين، ويحتاج المستخدم فيها إلى حل مجموعة من الخطوات الرياضية والمتسلسلة “الخوارزميات”، وتتم تحت أسماء مستعارة. ولا يمكن أن تصل القيمة الكلية لعملات بيتكوين التي طرحت للتداول لأول مرة عام 2009م بهدف تغيير الاقتصاد العالمي، الموجودة في السوق لأكثر من 21 مليون بيتكوين، وتم إنتاج 14 مليون وحدة منها حتى الآن، ومن المنتظر الوصول للإصدار الكامل عام 2025م إلى 2030م، حيث يتم حالياً إنتاج 25 بيتكوين حول العالم كل 10 دقائق تتقلص هذه الكمية إلى النصف كل 4 سنوات فيما سيتم إنتاج آخر بيتكوين عام 2140م. وأشار البحث الذي صدر عن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، إلى أن من أهم مميزات البيتكوين التي تعد إحدى أنجح صور العملات الافتراضية في المعاملات المالية حول العالم وليست في حاجة لوسيط، سهولة إخفاء المستخدمين واتساع النطاق والسرعة الفائقة في نقل الأموال والتحكم وحماية الهوية والأموال وانخفاض تكلفة الاستخدام وسهولته مع صعوبة التعقب والتحصين الأمني. وقد اعترفت ألمانيا الدول الوحيدة التي تعترف رسمياً بالبيتكوين نوعاً من النقود الإلكترونية، وعربياً تستخدم بشكل طفيف، فيما تدرس بعض البنوك العالمية استخدامها. وتبرز أهمية البحث في كونه تطرق مجالاً خفياً في تمويل العنف وجماعاته المتعددة، وتناول مدى إمكانية توظيف جماعات العنف لهذه العملات، ووضع التوصيات لمواجهة تل الظاهرة والحد من آثارها السلبية، ودعا لضرورة إيجاد عدد من الضوابط التي تحافظ على الميزات النسبية للعملات الافتراضية وتضمن قدراً من الأمن والسلامة وتحديد هويات المتعاملين والمتداولين لتلك العملة. ويهتم البحث بدراسة وتحليل العلاقة بين العملات الافتراضية الجديدة (Virtual Currency) التي تُسَمَّى أيضاً العملات المشفرة (Cryptocurrency)، وتتميز بدرجات كبيرة من السرية والخصوصية واللامركزية – والجماعات الدينية المتطرفة والإرهابية التي تتبنى العنف سبيلاً للعمل والتوسُّع، ودراسة المؤشرات الدالة على تزايد أهمية تلك العملات في التداول والتبادل والتعاملات التجارية، وفي تمويل الجماعات والتنظيمات الدينية المتطرفة، وتمويل عمليات شراء الأسلحة والمعدات التي تستخدمها تلك الجماعات. وتتناول الدراسة تطور عملة “بيتكوين” بوصفها الصورة الأبرز لتلك العملات المشفرة، وترصد مواقف الجماعات المتطرفة تجاه تلك العملات، وتحاول الوقوف على مدى قدرة توظيف تلك الجماعات لمخرجات الحداثة وثورة المعلومات في تداول تلك العملات عبر وسائط مخفية ومشفرة، وعناصر التوظيف الأمثل لها لديها. وتقتصر الدراسة هنا على الجماعات والتنظيمات التي تنتهج العنف، مثل: القاعدة، وتنظيم داعش، والفرق والجماعات التابعة لهما والمنضوية تحت لوائهما، وتُلقي الضوء على مدى إدراك تلك التنظيمات أو بعضها لأهمية العملات الافتراضية الجديدة عامة، وعملة “بيتكوين” تحديداً، والتقنيات الحديثة التي تُستخدم في تحقيق التوظيف الأمثل لهذه المنتجات الجديدة من عملات افتراضية وعناصر تقنية. وتعد سلسلة “تعليقات” البحثية التي يصدرها المركز عبارة عن مقالات صغيرة تُنشر إلكترونياً فقط باللغتين العربية والإنجليزية، وتقدّم تحليلات معمّقة مختصرة تركّز في أحد الأحداث السياسية، وتتميّز بأنها يواكب القضايا الراهنة وهي مازالت في ذروة تناولها.
مشاركة :