السعودي تركي اليوسف: علينا أن نُغيّـر ذائقة المشاهد

  • 9/13/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

قبل كل شيء، لم يكن ليكتب هذا اللقاء لولا «ظل الحلم»، العمل الذي من أجله غص ضيفنا بفراق والده، فلم يستطع أن يذهب بحزنه وحيداً، لأنه مرتبط بساعات تصوير لا يمكنه وقفها بأي شكل من الأشكال. وبعد ثلاثة أيام من الحداد، أجبر اليوسف على متابعة تصوير العمل، وهو يرى في ذلك الأمر «التزاماً أدبياً وفنياً وأخلاقياً»، هو الذي عبّر عن ألمه برحيل والده بقوله: «أحسست صدري فارغاً من شدة الألم». كان والده يبتغيه مذيعاً، لكنه كافح ليثبت نفسه ممثلاً، ويقول: «حين شاهدني في مسلسل حياة ثانية قال لي: عذراً يابني من شدة ما أقنعتني في لحظات كرهتك». هو الأبن البكر في أسرة من خمسة أخوة وأختين، تزوج في سن متأخرة وأنجب نورة ومحمد، ويقول اليوسف إن العمل الذي كان يتمنى أن يهديه الى والده هو «حياة محمد بن قاسم الثقفي، ولكن يؤسفني تعثره، لأنه قرأ السيناريو وتأثر به كثيراً». وعن الدور الذي يجسده في مسلسل «ظل الحلم» قال: «أقوم بدور دكتور في الباراسيكولوجيا، وهو علم الظواهر الخارقة غير المعترف بها عالمياً. ويدور حول عمل الأحلام الماورائية، عبر حبكة درامية طويلة، كتبه شريك النجاح الكاتب علاء حمزة الذي سبق أن كتب حياة ثانية». أما في ما يخصّ الدراما السعودية فقال: «أتمنى أن تستمرّ في تطورها حتى تصل الى القمة لأنّها تحمل كل مقومات النجاح، وصنّاعها يعملون بما أمكن من الوسائل الى أن ترتقي الى المستوى الذي نحلم به جميعاً في هذا المجال». وأضاف قائلاً: «أستطيع وصف الدراما السعودية بقول للمتنبي: «ولم أر في الناس عيباً كنقص القادرين على التمام، ومتفائل بالرؤية المقبلة للمملكة، فالتاريخ والجغرافيا يقولان ذلك». وتابع اليوسف حديثه: «ثمة أعمال كوميدية كثيرة عندنا من شأنها الترويح عن المشاهد، وهذا مهم لكنه ليس كل شيء، لأننا في حاجة ايضًا إلى أعمال تراجيدية عميقة تحمل شيئاً من الثقافة والجدية. لا يجب أن تمثلنا الأعمال الخفيفة التي أصبحت تشكل الجزء الأكبر من إنتاجنا الدرامي». وحول نجوميته المظلومة أجاب سريعاً: «أنا جزء من الدراما السعودية فإذا كانت هي مظلومة فأنا مظلوم، وذلك في حاجة إلى من يعلق الجرس ويشد همته، العمل الخفيف مطلوب، إنما لا يوجد عمل يغنيني ثقافياً، عمل يحرك ساكن القلب والفكر». وحين تمحور الحديث عما يريده الجمهور، أجاب عن السؤال بسؤال آخر: «هل يجب أن نتحدث عن الجمهور الذي أصبح الهاتف كلّ حياته، أم سنتحدث عن القارئ المثقف؟ إذا توجهنا إلى الجمهور فسنجد النتيجة مؤلمة، الأكثر متابعة هو للأسف ليس الجميل وليس الأخلاقي. لذا أقول إنّه دور جهات عدة، من ضمنها التعليم والإعلام، في تعديل الذائقة». وعن أولئك الذين يريدون تشويه رسالة الفنان أجاب: «ثمة من زرع أفكاراً معينة حتى غدت بمثابة تراكمات قديمة، لكنّ الوعي الإنساني كفيل بإيقاظ الضمير وتغيير الأفكار المغلوطة. لا أنسى الكم الكبير من الناس الذين أوقظت ضمائرهم تجاه أمهاتهم بعد مسلسل «دمعة عمر» مثلاً، وأشكر الله على ذلك، وللفنان دور في تحسين المجتمع في حال احترم مهنته وعرف كيف يُقنع الناس بدوره». وأكّد اليوسف أنه يحلم بعملٍ يحمل قضية الإنسان وكيفية التعامل معه قبل أن نتعرف عليه، وعلى توجهه، ويضيف: «نحتاج الى أعمال تحرّك العاطفة وتتحدّث عن الغفران والتسامح وتقوّم العلاقة مع الآخر. أعمال تشير إلى القسوة التي نراها أحياناً بين الأهل داخل العائلة نفسها لنُبيّن من خلالها أنّ الحياة لا تستحق كلّ هذا العنف، على الصعيد المعنوي أو اللفظي أو الجسدي». وعن مغريات عالم الفنّ ومشاكله قال «إنّ الميادين كلّها تقدّم مغريات للعاملين فيها لكنّ الأمر مرتبط بسلوك الإنسان وطباعه. لكنّ المشكلة أن الأضواء مسلطة على المجال الفني أكثر من أي مجال آخر». وعن الأشياء التي يمكن أن يكون الفن قدّمها أو أخذها منه قال: «قدمت الكثير في عملي لكنني أشعر أني أثقلت على نفسي برسالة متعبة كان أولى بها أهلي وأقاربي وحياتي الخاصة، وأنا أتمنى للمقربين مني مسامحتي. لقد عشقت الفن منذ نعومة أظافري، كافحت وحاربت وحوربت إلى هذه اللحظة، لكن أدعو الله أن اكون قد حققت شيئاً، خصوصا أنني بعد كل هذه السنوات أشعر بأن الثمن كان غالياً عليّ أنا، أولاً على صحتي وأقاربي، وأولادي، ومن يحبون تركي. وأوّل من قصرت معه هو والدي، بغيابي الطويل وسفري وابتعادي عنه. ولكن ما يريحني أنه كان فخوراً بي. وعلى المستوى الشخصي أقول احياناً لو انني عملت في أي مهنه أخرى لكنتُ أريح بالاً، وإن كان حب الجمهور وتقديرهم لي يعوضانني عن كل ذلك».

مشاركة :