هُناك في «سنغافورة»، جنوب شرقي قارة آسيا، وصلت أول امرأة إلى سدة الرئاسة، البلد التى تُعرف بأن حركة المرور فيها تسير بسرعة عبّر الطرقات الواسعة الخضراء، وتُعرف بشدة النظافة أيضًا، والتعايش الآمن بين أهلها، والأجانب، رغم وجود 4 عرقيّات رئيسية: «صينية، ماليزية، هندية، وأوروبية-آسيوية». خلال الأيام الماضية، أُجريت الانتخابات بين 3 أشخاص، بينهم امرأة واحدة، «حليمة يعقوب»، 63 عامًا، رئيسة البرلمان سابقًا، والتى تأهلت تلقائيًا كمرشحة على أساس شغلها لمنصب عام رئيسة للبرلمان بين عامل 2013- 2017، وبهدف تعزيز الشعور بالشمول في الدولة التى توصف بـ «متعددة الثقافات»، قررت سنغافورة أنّ تكون الرئاسة «منصب شرفي». صحيح أنّ «حليمة» أول امرأة وصلت لحكم البلاد، ولكن ذلك تم وسط انتقادات سببها غياب المنافسة، لعدم تأهل أى مرشح آخر، وهو ما دفعها للتأكيد على أحقيتها في الفوز، قائلة: «سواء في حال وجود انتخابات أو غيابها، أعد أن أخدم الجميع، وأن أؤدي عملي بكثير من الحماس والعمل الجاد وبذات الشغف والالتزام. أنا رئيسة للجميع»، وأضافت: «إن بامكان كل امرأة أن تتطلع إلى أعلى منصب عندما تكون لديك الشجاعة والتصميم والعزم على العمل الجاد». «إننّي رئيسة للجميع، بغض النظر عن العرق أو اللغة أو الدين أو العقيدة»، الكلمات الأولى التى قالتها «حليمة» عندّما تسلمت مفاتيح الحُكم، فهي امرأة مسلمة «محجبة» ولدَت لأب هندي وأم ملاوية، ومن الطبيعي أن تُصبح مزيجًا من الأفكار، وتستطيع في النهاية أنّ تتقبل الآخر بكل بساطة. صحيح أنّ تلك الشعارات التى تُردَدها عن المساواة بين الجميع «بسيطة»، ولكن «حليمة» كانت «حليمة» مثل اسمها تمامًا، حيث عملت بمبدأ يقول «#نفعلها سويًا» على أرض الواقع، حيث نشرت عدة صور من لقاءاتها مع الجماعات المتنّوعة عبّر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي، «فيس بوك»، والتى بلغ عدد متابعيها حوالي 30 ألف شخص حول العالم. في 11 سبتمبر من الشهر الجاري، زارت «حليمة» إحدى المنظمات الخيرية في سنغافورة، والتى تقدم المساعدات للضعفاء والمحرومين والمرضى، مُطبقين الشعار الذى تُفضله «حليمة» دائمًا: «مساعدة الضعفاء بغض النظر عن اللغة والعرق والدين»، وأضافت: «حجابي لي والوطن للجميع». تظهر «حليمة» في عدة صور أخرى وسط مجموعة من البوذيين، الديانة التى تُشكل حوالي 34% من تشكيل البلاد، حيث عقدت جلسة حوار في الاتحاد البوذي، قائلة: «هذا ليس اجتماعنا الأول، لقد التقيتُ بهم عندما كُنت نائبة، إنني أحبهم كثيرًا، وأستمتع بالتوافق والتسامح بين الأديان المختلفة»، واختتمت كلماتها بـ: «أشكركم على استضافتي والترحيب بي». كتبت «حليمة» على صفحتها أيضًا تدوينة شخصية عن حُبها لدار القديس يوسف في سنغافورة، قائلة: «هذا الصباح دعتني صديقتي الشقيقة (تريزا) لزيارة الدار، وأخذتني في جولة لزيارة المرافق المتنوعة، وقالت لي فلسفتها التى تؤكد (نحنُ نعتبر كل من يأتى إلى وطننا شخص وليس مريض»، وعندما اختتمت زيارتها، كتبت: «إنني سعيدة بالمشهد الحميم في دار القديس، إنهم يهتمون بالمسنين ويغذوّن الشباب في مجتمع متماسك». وكانت «حليمة» قد شغلت منصب عضو في البرلمان عن حزب العمل الشعبي الحاكم منذ ما يقرب من عقدين من الزمن قبل استقالتها لتوليها الرئاسة. وقالت: «أنا رئيسة للجميع، وعلى الرغم من عدم وجود انتخابات، فإن التزامي بخدمتكم يظل كما هو». وأضافت حليمة أنها «ستبدأ العمل على الفور» لتوحيد البلاد. كما أصرت على أن وضعها كأول سيدة في سنغافورة «ليست مجرد رمز»، وذلك في خطاب ألقته أمام حشد يهتف بينما كان يرتدي البرتقالي، وهو لون من المفترض أن يرمز إلى الوحدة.
مشاركة :