مركز المعلومات في «القبس» | بعد أن وضعت بين أيدي الباحثين والمهتمين أعداد مجلة «الكويت والعراقي»، التي أصدرها مؤرخ الكويت عبدالعزيز الرشيد والصحافي العراقي يونس بحري، ها هي حفيدة مؤرخ الكويت الأول شيخة عبداللطيف الرشيد تضع بين أيديهم كتاب «من رسائل عبدالعزيز الرشيد»، الذي يضم ثلاث رسائل هي: «تحذير المسلمين من اتباع غير سبيل المؤمنين» التي طبعت في بغداد عام 1929، «محاورة إصلاحية» جرت بين طلاب المدرسة الأحمدية في الكويت، وطبعت ببغداد عام 1923، و«الدلائل البينات في حكم تعلم اللغات»، التي طبعت في مصر عام 1923، وتشير في مقدمة الكتاب إلى أن للشيخ الرشيد مؤلفات مخطوطة لم تر النور، منها: «تحقيق الطلب، في رد تحفة العرب»، رد على كتاب ابن عقيل الحضرمي، و«الهيئة والإسلام»، كما أن له مقالات نشرها في صحف، منها «اليقين» البغدادية و«الهلال» و«الشورى» المصريتين، وغيرها. وتعد بالعمل جاهدة على جمعها وإتاحتها للقراء. يتضمن تصدير الكتاب لمحة عن حياة الشيخ الرشيد، الذي ولد في الكويت عام 1887، وحين أتم الثامنة من عمره أدخله والده الكتاب، فتعلم القرآن الكريم والخط ومبادئ الحساب، ثم لازم الشيخ عبدالله خلف الدحيان، فدرس على يديه الفقه والعلوم العربية والعقائد، وسافر إلى الزبير، حيث درس على يد عالمها محمد بن عوجان علوم الفرائض والنحو، كما سافر إلى الإحساء، وقرأ على شيوخها شرح ألفية ابن مالك وبعض الرسائل في الفقه. وفي عام 1911 أقام فترة في بغداد، حيث لازم العلامة الكبير محمد شكري الألوسي، وبعدها رحل إلى القاهرة، وتعرف على عدد من علمائها، وبعد ذلك انتقل إلى مكة، ثم إلى المدينة المنورة التي مكث فيها نحو عشرة أشهر، أكمل فيها حفظ ألفية العراقي في مصطلح الحديث، و«نظم جمع الجوامع» و«عقد الجمان». للسيوطي. كما قام برحلات أخرى إلى بلاد كثيرة منها اندونيسيا، حيث مكث فترة طويلة بغرض الدعوة، وفيها أدركته المنية بعيدا عن وطنه عام 1938. وتقول شيخة الرشيد إن الشيخ عبدالعزيز الرشيد ترجم هذه المشارب العلمية المتعددة والمناهج التي اطلع عليها إلى أنشطة كثيرة، تمثلت في التأليف والتدريس وأعمال الدعوة والنشر. وكان من أهم إنتاجه العلمي الذي اشتهر به كتابه «تاريخ الكويت»، الذي يعد أول كتاب من نوعه عن دولة الكويت. وعرفت مجلته «الكويت» التي كان يطبعها في القاهرة، وكان لها كثير من المشتركين المهتمين بما تنشر من بحوث ومقالات في شتى المجالات التاريخية والجغرافية والأدبية. كما عرفت مجلة «الكويت والعراقي» التي أصدرها بالاشتراك مع يونس البحري، إضافة إلى مجلة «التوحيد». توثيق وتخريج تلفت نظر القارئ إلى الحاجة الماسة إلى توثيق وتخريج الأحاديث الشريفة والتفاسير والأقوال المأثورة التي يوردها الشيخ عبدالعزيز الرشيد، لاسيما في أولى الرسائل التي يتضمنها الكتاب «تحذير المسلمين من اتباع سبيل غير المؤمنين»، التي يتصدى فيها الشيخ الرشيد للقول بتفضيل مساواة الرجال مع النساء، مؤكدا أن «فضل الرجال على النساء معلوم بالكتاب والسنة والمشاهدة»، ومفسرا الآية الكريمة «الرجال قوامون على النساء» بأن الرجال «متسلطون على تأديب النساء والأخذ على أيديهن»، ومستنتجا أن جعل الولاية للرجل على زوجته يدل على أن «جنس الرجال أفضل من جنس النساء». وفي فصل «في ذم النساء والتحذير من مكايدهن»، يقول الرشيد «إن النساء حبائل الشيطان وبهن يتوصل إلى مقاصده الخبيثة». ويرى «أن لزوم المرأة بيتها وعدم الخروج منه إلى المدارس، لا سيما في هذا الزمان الفاسد أولى وأحرى، لأن جواز خروج المرأة من بيتها له شروط، وتلك الشروط قلما توجد في امرأة من نساء هذا الوقت..»! ولتعضيد رأيه يورد الرشيد، من دون تحقيق أو تخريج، أقوالا عجيبة غريبة في ذم النساء والتحذير منهن. محاورة إصلاحية والرشيد الذي لا يدخر جهداً في ذم النساء في رسالته الأولى، يفرغ غضبه على «فساد علماء الدين»، والجامدين من أهل العمائم، في رسالته الثانية، التي يقول فيها: «وبعد، ففي 27 رجب سنة 1324 احتفل الكويتيون بامتحان طلبة المدرستين المباركية والأحمدية احتفالا شائقا استمر ثلاثة أيام متواليات..»، ويضيف «أما كيفية الامتحان فهي على غير الطريقة المألوفة في المدارس، وذلك أن التلميذ يقف بين الجمع المحتشد، الذي قد يضم ألفين من الرجال ثم يسأل..»، ويشير إلى أن هذه الطريقة «من الطرق المستحسنة النافعة لأنها تكسب التلميذ الشجاعة الأدبية، وهي من أعظم ما يتسلح به المصلحون». ويمضي الرشيد قائلا: «وقد ارتجلت في أول يوم من امتحان المدرسة الأحمدية خطبة، أوضحت فيها أن من أدواء المسلمين التي أنهكت قواهم وأخرتهم في ميدان الحياة هو فساد علماء الدين، كان لها أثر حسن في نفوس المفكرين، كما أنها كانت الصاعقة المحرقة على الجامدين من العلماء وغيرهم. وفي اليوم الرابع احتفلت المدرستان ايضا بتوزيع الجوائز على الطلبة وجرت هناك زيادة على الخطب والأناشيد والاشعار محاورات عديدة في مواضيع شتى، من بينها محاورة اشترك فيها ثمانية طلاب من طلبة المدرسة الأحمدية، مدارها على شيخ جامد من أهل العمائم، استشاره أحد اخوانه في دخول إحدى المدارس العصرية، فحذره من الدخول فيها، مبينا له ما يدل على فسادها، ثم انبرى له أحد التلاميذ فأبطل حججه وبراهينه التي أدلى بها بكلام قوي وحجة متينة».
مشاركة :