بعد انقضاء 100 يوم على المقاطعة الرباعية من مصر والسعودية والبحرين والإمارات، أصبح مونديال قطر 2022 على حافة الخطر بحيث يتم سحبه وفق إجراءات رسمية عمومية للفيفا، أو بمطالبة من الاتحاد الأوروبي بالذات لسحب الاستضافة، حيث تعالت الأصوات من بريطانيا وألمانيا على وجه الخصوص عطفاً على تقرير المحقق الأمريكي مايكل جارسيا، الخاص بشبهات الفساد التي أدت إلى فوز الملف القطري بمونديال 2022، لكن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) متمسك بقرار الاستضافة حتى الآن مما عرض مصداقية أعلى سلطة كروية في العالم إلى الاهتزاز، وفي المقابل كان القطريون أعداء أنفسهم بامتياز عندما عمدوا إلى إبرام صفقات انتقال قياسية لمصلحة باريس سان جيرمان المملوك لهم في فرنسا، حيث فتحت تلك الانتقالات عليهم نيران جديدة من صوب مخالفة قواعد اللعب المالي النظيف في أوروبا، وفيما يلي أهم المحطات التي شهدتها ال100 يوم الماضية:تساءلت الغارديان البريطانية: «هل مونديال قطر تجربة فكرية؟ تقرير جارسيا عن قطر يثير الضحك لا الغضب، ودليل على أننا تجاوزنا جميع الحدود الأخلاقية من أجل المال، كلما علمنا المزيد عن فضائح استضافة قطر للمونديال زاد التساؤل ماذا يريد بعد رئيس «فيفا» إنفانتينو من أسباب لسحب الاستضافة من قطر؟ هل وصلنا معه لطريق مسدود؟ لقد شاهدنا أشكال العبودية في قطر، وشاهدنا موت المئات من العمال، لكن «فيفا» لم تحرك ساكناً حتى مع صدور تقارير عن منظمات دولية مثل منظمة العفو وحماية حقوق الإنسان، هذا الثمن كانت «فيفا» مستعدة لدفعه لأن قطر للطيران أحد الرعاة الأساسيين لها وبدلاً من أن يقول المتحدث الرسمي للفيفا بأنه سيراجع ملف قطر خرج ليقول لنا «العمل متواصل بوتيرة متسارعة في ملاعب 2022».علمنا من تقرير جارسيا أن عضواً سابقاً في اللجنة التنفيذية للفيفا هنأ أعضاء في الاتحاد القطري لكرة القدم وشكرهم على «الدعم» مباشرة بعد فوز قطر بملف الاستضافة، وبعد شهر من ذلك الإيميل وجدت 300 ألف يورو طريقها لحساب هذا العضو في البنك، وعلمنا من تقرير جارسيا بوجود إيداع بمليوني دولار في حساب ابنة عضو في اللجنة التنفيذية رغم أنها بسن ال10 ولا تعرف الكثير من البيزنس الرياضي ناهيك عما فعلته أكاديمية اسباير القطرية في «تعبيد» طريق الملف من خدمات هنا وهناك، لذا لا توجد ردة فعل من عالم الرياضة لهذه المسرحية سوى الضحك.اتفق الوسط الرياضي العربي على أن مونديال قطر 2022 ليس سوى قصر من الرمال سينهدم فوق رأس أميرها وحاشيته وعلق مرتضى منصور رئيس نادي الزمالك المصري:«ما بُني على باطل فهو باطل.. وعندما نرى الأمير السابق وزوجته في مقر الفيفا يوم التصويت والإعلان، فهذا يعني أنهم في قطر كانوا واثقين بالفوز، ويعرفون جيداً أنه تحقق بعد تحركاتهم المشبوهة قبل أن يعلن بلاتر النتيجة. «فيما قال الإعلامي أحمد شوبير (نجم الأهلي والمنتخب المصري السابق): للأسف الثقة في مؤسسة كرة القدم مفقودة من زمان وكنا نتوقع التغيير بعد إزاحة بلاتر ورجاله في إطار ثورة تصحيح وتطوير إلا أن انفانتينو والإدارة الجديدة لم يفعلا شيئاً في هذا الصدد.وقال المحلل الرياضي أيمن يونس لاعب الزمالك والمنتخب السابق:»هناك يقين بأن قطر اشترت تنظيم المونديال بطريقة غير مشروعة، والمهم أن تتم ترجمة هذا اليقين إلى آليات تنفيذ بحالات «تلبس» واضحة لأن فكرة السحب شديدة الصعوبة لأن المسألة لا تتوقف عندها؛ فهناك شخصيات سوف تدخل السجن، ومنظومة الفساد التي كسبت تنظيم مونديال 2022 معقدة ومتشابكة، وتحتاج تشكيل لجنة متفرغة تتولى مهمة إدارة آليات حرمان قطر من الاستضافة حماية لكرة القدم». ساركوزي في عين العاصفة * كشفت الصحافة البريطانية في 4 أغسطس/آب الماضي، تحقيقات للقضاء الفرنسي في حدثين أولهما إهداء كأس العالم 2022 لقطر وشراء شركة الديار القطرية للاستثمار العقاري حصة في فيوليا الفرنسية التي تعمل في مجال إمدادات المياه وإدارة النفايات والطاقة وخدمات النقل والأدلة هائلة وفق المحققين منها لقاء عُقد بين ساركوزي وميشال بلاتيني، الرئيس السابق للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، ومسؤولين قطريين في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2010 أي قبل 10 أيّام على التصويت. وتشير المعلومات إلى أنّ بلاتيني كان ضدّ منح قطر استضافة كأس العالم لكنّ ساركوزي طلب منه بإلحاح أن يغيّر موقفه والصفقة أبرمت بعدما وافقت قطر على شراء فريق باريس سان جيرمان، بمساعدة المالك السابق للنادي والصديق المقرب لساركوزي. * وكشف كتاب «فرنسا تحت النفوذ» لفانيسا راتينير وبيير بيان كيف أصبحت فرنسا الأرض المفضلة للعبة القطرية وبحسب الكتاب الذي صدر في 2014 فإن الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك حذر خليفته ساركوزي بأنه يسلك الطريق الخطأ بالتقارب مع قطر ومحاولة إعادة العلاقات مع الرئيس السوري بشار الأسد،وحكى شيراك لخليفته كيف جاء رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم إلى قصر الإليزيه محملاً بحقائب الأموال من أجل أن يقدم رشوة له، قائلاً: «نيكولا، هناك شائعات فساد تحوم حول رئيس الوزراء القطري وقدومه إلى باريس.. انتبه جيداً»، وأشار الكتاب إلى قيام قطر بتمويل طلاق الرئيس ساركوزي من زوجته السابقة سيسيل في أكتوبر/ تشرين الأول 2007. * وربطت قطر بين نجاح باريس سان جيرمان كروياً وبين نجاحها سياسياً لذا اتخذ تميم قراره بتعيين ناصر الخليفي على رأس نادي باريس سان جيرمان بدلاً من شقيقه جوعان بن حمد آل ثاني خريج الكلية العسكرية. ورأى تميم أن جوعان لا يصلح للمنصب لأنه أحد أفراد العائلة الحاكمة وليس من السهل توجيه الأوامر إليه بينما الخليفي على العكس تماماً سينقذ بدبلوماسيته وجه قطر في حال ساءت الأمور والبروتوكول سيمنعه من التطاول على أميره، واستثمر ناصر حفيد الصيادين علاقته بالأمير جيداً وجنى الكثير. واستغلت الدوحة في ظل أزمتها السياسية الجانب الرياضي تطبيقاً لسياسة» القوة الناعمة « التي تنتهجها فمولت شراء نادي باريس سان جيرمان لنجم برشلونة السابق البرازيلي نيمارمقابل 222 مليون يورو ثم استعارات الفرنسي الواعد كيليان مبابي من غريمه موناكو بطل فرنسا على أن تشتريه الموسم المقبل مقابل 166 مليون جنيه إسترليني مما دفع كبار الأندية الأوروبية للتعبير عن غضبها واتهام سان جيرمان بتشويه اللعبة وتوازنها في الساحة الأوروبية، وعنون الصحافي بوب هولمز في صحيفة «ذا صن ديلي»: «نيمار بيدق في لعبة سياسية» قبل أن يصب سان جيرمان في الأيام الأخيرة من موسم التنقلات زيتاً على النار بخطف مبابي من موناكو. كم دفعت قطر لتحتل كأس العالم؟ سؤال في أول الفيلم الوثائقي على قناة «أبوظبي الرياضية»، وحسب الوثائق فإن صوت قبرص لقطر مثلاً كلف 27 مليون دولار، وأن التايلاندي سيم هونج كان وسيطاً في بيع صوت بلاده مقابل صفقة من الغاز، وأن 400 ألف دولار خرجت لرئيسي الاتحادين الكاميروني والنيجيري حياتو وآدامو والتحويل كان من ابن همام، ووصفت «أبوظبي الرياضية» ما حصل قبل كأس العالم بأنه كان «موسم الغنائم» حتى إن القطري محمد بن همام الرئيس السابق للاتحاد الآسيوي تكفل بالمصروف الدراسي لابنة رئيس اتحاد منغوليا، جانبول بويانميك. «التايمز»: دعم الإرهاب أو المونديال أكدت صحيفة التايمز البريطانية أن قطر ستكون مهددة بشكل جدي بسحب تنظيم مونديال 2022 منها في حال استمرار دعمها للإرهاب. وكتبت: «رغم الثروات الكبيرة التي تملكها الدوحة واحتمائها بإيران فإنها يمكن أن تهدر جهودها الكبيرة التي أسفرت عن اختيارها لتنظيم المونديال. حشدت قطر الجهود لاستضافة كأس العالم 2022، وبدأت الاستعدادات له بالفعل لكن إن لم تحذف اسمها سريعًا من محور تمويل الإرهاب فعليها أن تستعد لضغط دولي لسلب شرف تنظيم البطولة من ملاعبها». وأكدت «التايمز» الاتهامات بدعم وتمويل الإرهاب التي تلاحق قطر التي قالت إنها «تلعب دورًا أكبر من وزنها».
مشاركة :