مع التحية لوزير التعليم؟!

  • 9/15/2017
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

لو سألت أي إنسان عن أهم الأشياء التي لا يمكن التنازل عنها بالنسبة للشعوب، لأتتك الإجابات متفقة على أن الأمن والتعليم والصحة هي من المهمات التي تحتاج إلى أن تكون دائماً في أفضل حال. مع التأكيد من قبله على وجوب أن يكون المنتمون والقائمون بأعمالها ممن يملكون القدرة والضمير لأجل جعلها تواكب ما يحتاج إليه المجتمع.. وإن طلبت منه تحديد الأهم بالنسبة للارتقاء والتطور لأي بلد، فبلا شك أنه سيحدد التعليم كشأن أول ومهم. هذه التوطئة في تحديد الأولويات وهي التي حضرت قبل انطلاق العام الدراسي الجديد بيومين تعيدني إلى زمن قبل نحو أربعين عاما حينما كنّا تلاميذ أطفالا ففتيانا مراهقين نتلقف ما نتلقاه بشغف ولهفة، ورزقنا الله على نياتنا التي تواءمت مع زمننا، ذلك الزمن المكتظ بالخير والتسامح وحب الآخر.. فكان معلمونا نعم المعلمين، سواء كانوا من جلدتنا أو من العرب المقيمين. كان تعليمنا ينطلق مما يحتاجه محيطنا البسيط جدا.. فدرسنا وفق الإمكانيات المتاحة، في زمن كان تطوير التعليم يرتكز في أساسه على إيجاد المقر المناسب والمعلمين دون أدوات مساعدة. الآن كل شيء متوفر -ولله الحمد- سواء المباني أو الأدوات والأجهزة وقبلهم جميعا المعلم المتخصص والإدارات التعليمية المساندة للعملية التعليمية، ومع ذلك اختل زمننا هذا لأنه اعتمد على الحشو وتخلى عن الفهم والإدراك فتراجعت العملية التعليمية وأصبحت تعاني، ونحمد الله أن من بيننا خبراء مدركين واعين لمصادر الخلل والتي من أهمها أن تكون المدرسة ليست محلا للتلقين فقط بل لدراسة وفهم العلوم الحديثة النافعة ولزرع المفاهيم وغرس القيم والأهم ترسيخ المواطنة في قلوب الطلاب والطالبات متوافقة مع تلقي العلوم والمناهج التربوية التعليمية، ونحسب أن مثل هذا سينشئ مجتمعا على قدر عال من الأخلاق والاحترام.. والأهم المواطنة الحقة تجاه بلده وهو يزينها بالمعارف والعلوم وما يحتاجه عصره. الآن والعام الدراسي سيفتح أبوابه بعد غد أقول إن من أهم أدوار المدرسة التربية على المواطنة وتأصيل الانتماء للوطن بإحياء الخلايا الحية تلك التي ترتبط بالوطن وحب هذا الوطن والتأكيد على أنه شأنا أولا.. ومنه التربية على حماية هذه المواطنة والارتقاء بها وجعلها من أساسيات التعليم الذي يتلقونه ليست معرفة فقط ولكن ممارسة.. فالتربية على المواطنة هي إشراك هذا الطالب الصغير بكل ما هو مهم من قيم وشخصيات وأرض وربطها بالمواطنة وتحريرها من أن ترتكز على مقرر أو منهج تلقيني إنشائي بل على تربية سلوكية قائمة تربط الطالب والطالبة بوطنة لزرع الانتماء القوي داخله. أتمنى أن تُقر مواد المواطنة لكي تكون في الإطار التعليمي ومن ضمن أساسياته ومن مناهجه الاعتزاز بكل ما ينتمي إلينا والاهتمام بتاريخنا وثرواتنا وتنمية حب الوطن، وبين هذا وذلك ترسيخ الأخلاق كعلم يجب أن يتعلمه الطالب في كيفية التعامل مع الآخر ومع المخالف وحتى من هو بعيد عنّا.. وهنا لن نغفل السلوك والأخلاق والحب والتسامح كمنهج يجب أن يتم التعامل معه لأننا نحتاج كثيرا إليها في عقول أبنائنا وبناتنا في زمننا الجاري. ترسيخ المواطنة يجعلنا مطالبين وبشدة بمراجعة شاملة لمناهجنا وفكرنا الدعوي، نبني إستراتيجية تعتمد التحرر من الفكر القديم المتزمت، وجعل هذه المناهج تقدم الإسلام بأبهى شكل ووفق الرقي الذي دعا له ربنا عز وجل في محكم آياته ورسولنا الكريم في هديه النبوي، علينا أن نبذل كل ما من شأنه في مناهج تعمل على رفع مستوى التلاقي والحوار وتقبل رأي الآخر والتخاطب والأسس الأخلاقية في التعامل، ونحن إن فعلنا ذلك لن نأتي بجديد؛ لأنها المثل الأعلى التي نجدها في محكم التنزيل، وفي الأحاديث النبوية الشريفة. علينا أن نفكر جديا في إعادة صياغة تعليمنا والرسائل الموجهة، وألا نركن إلى من يخرج علينا ليستخف بعقولنا وكأنه هو من يملك الحقيقة، وعلى الآخرين أن ينصاعوا له، فالزمن تغير ولا بد من إعادة تنمية التفكير والعقل كي يدرك حقيقة ما حوله، فقد سئمنا تعبئة أبنائنا لكي يكونوا آلات مطواعة، وحينما ننشغل عنهم يجدون من يعيد تحريكهم وتغذيتهم بنفس النهج لكن وفق المفهوم العدائي التفجيري. المهم في القول إن لوزارة التعليم شأنا كبيرا ومهماً في هذا التردي، فهي تتعامل مع موظفين لا معلمين تربويين.. فالمهم الحضور المنتظم، والسجلات المكتملة، وهي غير معنية بالدورات التربوية الإلزامية، وما يذهب لتطوير المعلم وتنقيح المناهج وتطويرها، أما الحصيلة والفحوى «الله بالخير» وعليه فإن تراجع مستوى أبنائنا وبناتنا ينطلق من هذه المثالب.. التي صنعها المنهج ومسيرو التعليم وفرضوها على المعلم.

مشاركة :