تحقيق:إيمان عبدالله آل عليانتقال العدوى عن طريق المستشفى لا يقتصر على مستشفيات الدولة؛ بل موجود على مستوى العالم، وهناك بعض الشكاوى من العدوى المكتسبة في المستشفيات، والتحكم في العدوى ليس بالشيء السهل؛ إذ إنه يتطلب تكاليف وإجراءات صارمة ومعايير عالمية ليكون فعالاً. واللافت أنه في بعض أقسام العناية المركزة، نجد أن ما يفصل مريضاً عن آخر، ستارة، رغم أن هناك مستشفيات أخرى تضع حواجز زجاجية لمنع انتقال العدوى، وهناك ملاحظة أخرى على أقسام العناية المركزة، أنها لا تشدد على الزائر ارتداء الكمامة والكيس البلاستيكي في الأرجل، مما يؤثر على نقل العدوى للمريض، فما هي الطرق التي تتبعها وزارة الصحة ووقاية المجتمع لتدارك الأمر؟، والسؤال الذي يطرح نفسه، كيف تتم مراقبة الممرضات ومدى نظافتهن وحرصهن على تبديل القفازات عند تقديم الخدمات التمريضية لكل مريض؟كم نسبة انتقال العدوى في المستشفيات؟ وهل النسبة تتوافق مع النسب العالمية؟ وما الآلية التي تتبعها الوزارة في تعقيم الأجهزة؟ وهل لديها غرف للتعقيم في المستشفيات أم أنها تبعث الأجهزة إلى مراكز خارجية لتعقيمها؟«الخليج» تحاول الإجابة عن هذه الأسئلة في التحقيق التالي: أكدت مريم علي «ربة بيت» أن انتقال العدوى من مريض لآخر أمر وارد في المستشفيات، ومن خلال اتباع الأساليب الوقائية، بالإمكان تجنب ذلك. وقالت: للأسف انتقلت عدوى من مريض إلى زوجي، بسبب نومهما في الغرفة ذاتها، نظراً لعدم وجود غرف شاغرة، والضغط الكبير على المستشفى أسهم في سهولة انتقال العدوى، وهذا الأمر يتطلب زيادة عدد الغرف، وعزل المرضى الذين يعانون من الالتهابات الصدرية التي تكون خفيفة ولكنها تنتقل مباشرة وتشكل خطراً كبيراً على كبار السن، ويجب مراعاة كبار السن وتوفير غرف خاصة بهم مهما كانت حالتهم، لأنهم يلتقطون العدوى مباشرة في ظل مناعتهم البسيطة. كثير من التجاوزات وأكد راشد النقبي «موظف في القوات المسلحة» أنه في أقسام العناية المركزة، نجد الكثير من التجاوزات، سواء من قِبل الكادر التمريضي أو من قِبل أهل المريض، فنجد أنه في وقت الزيارة أكثر من 4 أشخاص ماكثين مع المريض، وهذا الأمر يضر بصحته وقد ينقل له العدوى، وأما من قِبل الكادر التمريضي فلا نجد اهتمامهم بإلزام الزائرين بلبس الكمامة والبلاستيك في الأرجل وتعقيم الأيدي قبل الدخول، وهذا الأمر يسهم بشكل كبير في نقل العدوى للمريض ويؤثر سلباً على صحته خاصة إذا كانت حالته خطرة. وأكدت خولة الحمادي «موظفة في البلدية» أن الكادر الطبي والتمريضي حريص على اتباع كافة الإجراءات لمنع نقل العدوى للمريض، سواء من خلال تبديل القفازات بشكل كبير، وعزل المرضى المصابين بأمراض معدية بغرفة خاصة، وكتابة لافتة على الباب بأن المريض مصاب بمرض مُعدٍ، ويجب لبس الكمامات والقفازات قبل الدخول، ويمنع دخول الأطفال إلى الغرفة، ولكن للأسف بعض الأهالي لا يلتزمون بتلك التعليمات، ومن ثم يشتكون بأن المستشفى لم يلتزم بمعايير السلامة والحفاظ على صحة المرضى. وأكد محمد المزروعي «موظف في الشرطة» أنه في حال عزل المريض في غرفة مستقلة، توضع إشارات توضيحية للزائرين تشرح لهم الإجراءات والاحتياطات المطلوب اتباعها قبل الدخول إلى غرفة المريض مع التركيز الدائم على ضرورة غسل وتطهير اليدين قبل وبعد أي تلامس مع المريض أو المنطقة المحيطة به، ويتم أيضاً التركيز على التقليل من عدد الزائرين لأن التزاحم دائماً يعدّ من أسباب انتشار الأمراض المعدية، وكثير من الأسر تلتزم بذلك، في حين أن الأسر الأخرى لا تلتفت إلى تلك الملاحظات. 3 % معدلها بمستشفياتنا أكد الدكتور يوسف السركال، وكيل وزارة الصحة ووقاية المجتمع المساعد لقطاع المستشفيات، أنه حسب إحصاءات وتقارير منظمة الصحة العالمية ومركز السيطرة على الأمراض في الولايات المتحدة الأمريكية؛ فإن معدل العدوى المكتسبة في المستشفيات التابعة للوزارة على مستوى الدولة يبلغ 3% فقط، وهو ثاني أفضل معدل منخفض على مستوى العالم. وقال إن العدوى المكتسبة في المستشفيات تعتبر من أكثر التحديات التي تواجه المنشآت الصحية والتي تصيب المرضى ولا سيما كبار السن منهم، والمرضى من ذوي المناعة المحدودة، والمرضى ممن توصف لهم أدوية لتخفيض المناعة كزراعة الأعضاء والسرطان والأطفال الخدج والمرضى ممن بحاجة إلى علاج طويل الأمد مثل مرضى العناية المركزة ومرضى الحروق. وأوضح، من الأسباب التي تؤدي للعدوى المكتسبة في المستشفيات هو الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية سواء من قبل المرضى أنفسهم أم تلك التي توصف من قبل بعض الأطباء، وهذه تؤدي بدورها لنشوء سلالات ميكروبية مقاومة للمضادات الحيوية وتكون سريعة الانتشار. وأكد أن وزارة الصحة ووقاية المجتمع وضعت برنامجاً متكاملاً للحدّ من العدوى المكتسبة في المستشفيات، ومجموعة من الأنشطة للترصد والوقاية من العدوى المكتسبة في المستشفيات وتستخدم كافة المعايير الوقائية اللازمة والتقصي الوبائي بشكل مستمر، من خلال تفعيل مكتب خاص لمنع ومكافحة العدوى وإدراجه في الهيكل التنظمي لكافة المستشفيات، وتعيين مسؤول عن المكتب، وتعيين لجنة مركزية على مستوى الوزارة لمتابعة شؤون منع العدوى ولجنة فرعية بكل مستشفى. وقال: أنشأت اللجنة أنظمة لترصد وتقصي العدوى المكتسبة في المستشفيات، وتحديد الحالات المرضية ذات الخطورة والأقسام الحرجة التي يمكن أن يتم بها نشوء أو انتقال العدوى أكثر من غيرها، علاوة على متابعة كافة أقسام المستشفيات، و تم تبني وتطبيق مجموعة من السياسات وبروتوكولات العمل منظمة لكافة أقسام المستشفيات ومنها ماهو خاص بأقسام العناية المركزة وفق أفضل الممارسات العالمية في منع العدوى المكتسبة في المستشفيات، وتمت توعية المعنيين بها، ويتم إضافة سياسات وإجراءات بشكل دوري وفقاً للاحتياجات ومسايرة للتطورات العلمية. تدريب الفريق الطبي وأشار إلى أنه من منطلق حرص الوزارة على تدريب الكوادر البشرية؛ حيث إن التحكم في هذه العدوى يُبنى أولاً على تدريب الفريق الطبي على أساليب الوقاية من حدوث العدوى وترسيخ مفاهيمها وتطبيق السياسات والإجراءات المعتمدة من قبل المنظمات العالمية، تم وضع برامج توعوية تثقيفية وتعزيزية للكادر الطبي و العاملين من الفئات المساندة في المستشفيات ومنها ما يقدم للمرضى أيضاً عن الطرق المثلى للوقاية من العدوى تقدم للجميع بشكل دوري.وقال: نظراً لأن الطريقة المثلى لمنع العدوى المكتسبة في المستشفيات ومنع انتشارها بين المرضى هو غسل الأيدي؛ فقد تم وضع برنامج لذلك، ألزم الجميع به ويتم التدقيق على مدى الالتزام به بشكل دوري ويتم إطْلاع المعنيين على نتائج التدقيق ويتم وضع البرامج التدريبية في هذا الشأن وفقاً لذلك، كما يتم عزل المرضى المصابين للحد من انتشار العدوى، وكذلك اتباع إجراءات التخلص الآمن من النفايات وتصنيفها ومعالجتها، وتم تبني حزمة من مؤشرات الأداء خاصة بمكافحة العدوى تتابع بكافة المستشفيات، كما تم تنظيم أوقات الزيارة للمرضى وتحديد العدد المسموح له بزيارة المريض حفاظاً على صحة المرضى وتقليلاً لانتقال العدوى لهم. وأضاف: بالنسبة للبس الكمامة وأغطية الأرجل في العناية المركزة فيتم استخدامها وفقاً للحاجة ومع بعض المرضى، وفي غرف العزل؛ حيث يتم استخدام كافة وسائل الوقاية الشخصية مثل الكمامة أو القناع الواقي للوجه أو النظارات الواقية، إضافة إلى لبس القفازات متى ما دعت الحاجة، إلى جانب لبس الثوب الواقي وفقاً لتوصيات المنظمات العالمية وأفضل الممارسات في هذا الشأن، ويوجد بكل مستشفى وحدة خاصة بالتعقيم تمت تهيئتها حسب المعايير العالمية وتم تجهيزها بأحدث الأجهزة وتم وضع السياسات وبروتوكولات العمل المنظمة والخاصة بها. تزايد أعداد المرضى أكد الدكتور وائل برو، مختص في الطب الباطني في مستشفى الإمارات بالجميرا، وعيادات مستشفى الإمارات - دبي مارينا، أن من أهم أسباب العدوى المكتسبة في المستشفيات هي تزايد أعداد المرضى والازدحام في المستشفيات، وضعف الجهاز المناعي، فضلاً عن تزايد قدرة البكتيريا على مقاومة المضادات الحيوية نتيجة سوء استخدام هذه المضادات. مشيراً إلى أنه تختلف نسبة انتقال العدوى بين المستشفيات ولكن بشكل عام؛ فإن واحداً من بين كل 25 مريضاً في المستشفى يتعرض لعدوى واحدة على الأقل مرتبطة بالرعاية الصحية. وعن طرق الوقاية، قال: تتمثل طرق الوقاية باتباع عدة إجراءات منها، غسل اليدين واستعمال القفازات والمواد المعقمة المناسبة من أجل الحدّ من انتقال الميكروبات بين المرضى، وحماية المرضى عبر الاستخدام الملائم لمضادات الميكروبات، والتغذية المناسبة، والتطعيمات، وتقليل الإجراءات الجراحية التدخلية والتوعية حول الاستخدام الأمثل لمضادات الميكروبات، والوقاية من انتشار العدوى بين موظفي المستشفى، والارتقاء بمستوى ثقافة موظفي المستشفى فيما يتعلق برعاية المرضى، لا سيما أن مكافحة العدوى هي مسؤولية تقع على عاتق جميع خبراء الرعاية الصحية من أطباء وممرضين. تقدم بطيء على الرغم من أن نسبة كبيرة من حالات العدوى والوفيات تعزى إلى العدوى المرتبطة بالمستشفيات، والتي يمكن الوقاية منها وأن التدخلات المنخفضة التكلفة الخاصة بالوقاية من العدوى ومكافحتها متوفرةٌ، فإن التقدم في هذا الميدان لا يزال بطيئاً، وتكلفة تشخيص وعلاج مرضى عدوى المستشفيات والعناية بهم، في الولايات المتحدة الأمريكية تتجاوز المليار دولار سنوياً، وتم تحديد 4 أنواع من الجراثيم المسؤولة عن عدوى المستشفيات وتم ترتيبها حسب الأهمية والانتشار إلى: البكتيريا والفطريات والفيروسات والطفيليات. نسب عالمية أكدت منظمة الصحة العالمية أن العدوى المرتبطة بالرعاية الصحية، تهدد سلامة المرضى في جميع أنحاء العالم، و أن حوالي 5% إلى 15% من المرضى المقبولين في مستشفيات العناية الفائقة في البلدان المتقدمة، يكتسبون عدوى مرتبطة بالرعاية الصحية في أي وقت من الأوقات. وأن خطر اكتساب عدوى في البلدان النامية أعلى بـ 2 إلى 20 ضعفاً.وتقول المنظمة: إن إقليم شرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية لديه واحد من أعلى تواترات العدوى المرتبطة بالمستشفيات في العالم؛ حيث تم الإبلاغ عن انتشار للعدوى المرتبطة بالمستشفيات في العديد من البلدان وفي الإقليم، بما يتراوح من 12% إلى 18% في العام 2014، كما أن عبء الأمراض المعدية السارية بين العاملين في الرعاية الصحية مرتفع إلى حد كبير في الإقليم، نتيجة ممارسات الرعاية الصحية غير المأمونة.
مشاركة :