محاولات قطرية مستميتة لتخفيف الأزمة الماليةاتسعت محاولات قطر المستميتة لتخفيف الأزمة الاقتصادية ببيع المزيد من أصولها السيادية في الخارج وإصدارات صغيرة من الأذون والسندات الحكومية بتكلفة اقتراض مرتفعة بسبب انحدار ثقة المستثمرين بمستقبل أوضاعها المالية على المدى البعيد.العرب [نُشر في 2017/09/16، العدد: 10753، ص(11)]قطر خفضت حصتها في تيفاني للمجوهرات في آخر جولة لبيع أصولها الأجنبية الدوحة - كشفت تحركات الحكومة القطرية هذا الأسبوع عن حجم أزمة السيولة التي تعاني منها بسبب موجة نزوح الأموال عن البلاد رغم قيام السلطات بضخ عشرات المليارات من الدولارات في النظام المصرفي المحلي. وتشير التقديرات إلى أن حجم الأصول الخارجية التي باعتها الدوحة والاستثمارات التي قامت بتسييلها يصل إلى 40 مليار دولار في محاولة لمعالجة أزمة السيولة المتفاقمة في البلاد بسبب حركة الأموال باتجاه واحد نحو الخارج. وفي آخر تلك الخطوات خفض جهاز قطر للاستثمار وهو صندوق الثروة السيادية للبلاد، حصته في شركة تيفاني للمجوهرات من 13 إلى 9.5 بالمئة لتجمع نحو 415 مليون دولار بحسب بنك مورغن ستانلي الذي أدار الصفقة. ويواجه اقتصاد قطر ضغوطا منذ الخامس من يونيو الماضي، حينما قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع الدوحة بسبب دعمها للإرهاب. ولدى صندوق الثروة السيادية القطري احتياطيات مالية تقدر بنحو 300 مليار دولار، لكن الخبراء الاقتصاديين يتكهنون بأن البلد الخليجي بدأ باستخدام جزء كبير منها لتخفيف تداعيات المقاطعة. وأودعت حكومة قطر عشرات مليارات الدولارات خلال الأشهر الثلاثة الماضية لمساعدة البنوك القطرية في التعويض عن الأموال التي سحبها مستثمرون ومقيمون في البلاد ومصارف من دول عربية أخرى جراء الأزمة الدبلوماسية. وتكشف بيانات مصرف قطر المركزي خروج نحو 22.5 مليار دولار من ودائع العملاء الأجانب والودائع والقروض الأجنبية بين البنوك خلال يونيو ويوليو، والتي يعتقد أنها في الأسـاس من دول المقـاطعة الأربع. ومن المؤكد أن تلك الأرقام ارتفعت منذ ذلك الحين. وتشير البيانات أن الحكومة القطرية أودعت ردا على ذلك ما يقرب من 18 مليار دولار في البنوك المحلية في يونيو ويوليو فقط. وأعلن مصرف قطر المركزي في 6 سبتمبر الجاري عن بيع أذون خزانة حكومية بقيمة إجمالية تبلغ مليار ريال (274.7 مليون دولار) نيابة عن الحكومة القطرية على شريحتين الأولى لأجل 3 و6 أشهر. وكشف الحجم المتواضع للإصدار خشية السلطات القطرية من اختبار ثقة المستثمرين المتدهورة بأوضاعها المالية والمستقبل الغامض للاقتصاد القطري إذا ما استمرت المقاطعة المفروضة عليها من الدول العربية الأربع. ويبدو أن الدوحة فضلت أن تجس نبض الأسواق مـن خـلال إصـدار خجـول لمعرفة مدى ثقة المستثمرين بإصداراتها السيادية، بدل إصدار كبير قد يعرضها لإحراج كبير إذا لم يجـد طلبا من قبـل المستثمـرين في الأسواق. كما أن الأجل القصير لأذون الخزانة يكشف أيضا خشية الدوحة من اختبار ثقة الأسواق في المدى الأوسع لأذون الخزانة البالغ سنة واحدة بسبب غموض مستقبل الاقتصاد القطري على المدى البعيد. وبحسب بيانات المصرف القطري فقد بلغت قيمة الإصدار الأول نحو 650 مليون ريال (178.5 مليون دولار) وبلغت عوائده 2.25 بالمئة، لأجـل 3 أشهـر فيمـا بلغـت قيمة الإصدار الثاني 350 مليون ريال (96.2 مليون دولار) لأجـل 6 أشهر وبلغت عوائده 2.49 بالمئة.مصرف قطر المركزي: خروج 22.5 مليار دولار من ودائع العملاء والبنوك خلال يونيو ويوليو وتشير تلك العوائد إلى ارتفاع كبير حتى عن الإصدار السابق في مطلع الشهر الماضي والذي بلغت قيمته 750 مليون ريال (206 ملايين دولار) وبلغت عوائده 2.14 بالمئة. وتكشف تلك العوائد ارتفاع تكلفة اقتراض قطر التي تعاني من شح السيولة بسبب حركة الأموال إلى خارج البلاد رغم ضخ المؤسسات السيادية لمليارات الدولارات لتهدئة قلق الأسواق. ويعاني الاقتصاد المحلي القطري من التداعيات القاسية للمقاطعة التي شملت إغلاق جميع المنافذ البحرية والجوية والبرية وإغلاق أجواء البلدان الأربع بوجه الرحلات القادمة والمتجهة إلى قطر. وكانت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني قد قالت بداية الشهر الحالي إن الدوحة قد تضطر لخفض الإنفاق الرأسمالي على المشاريع الحكومية إذا اشتد الضرر الذي لحق باقتصاد البلاد جراء المقاطعة. وخفضت الوكالة تصنيفها لقطر درجة واحدة إلى “أي.أي سالب” مع نظـرة مستقبلية سلبية لتنضم بذلك إلى وكالتين أخريين رئيسيتين هما موديز وستاندرد أند بورز. ويرى محللون أن تغيير نظرة وكالات التصنيف الائتماني إلى الاقتصاد القطري يمكن أن يقوض الثقة في اقتصادها ويفاقم المتاعب المالية. وتقدر فيتش إجمالي المطلوبات الخارجية قصيرة الأجل على قطر، بأكثر من 115 مليار دولار وهو ما يعادل 68 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع في العام الحالي. وقالت إن ثلث تلك المبالغ لدائنين في دول مجلس التعاون الخليجي. وأكدت تقارير دولية أن المؤسسات السيادية القطرية ضخت نحو 7 مليارات دولار في المصارف القطرية في الشهر الماضي لتهدئة المخاوف من شحة السيولة. ويؤكد محللون أن المؤسسات السيادية تضخ أموالها في قربة مثقوبة لأن حركة السيولة تمضي في اتجاه واحد إلى الخارج بسبب تراجع ثقة المستثمرين بمستقبل الاقتصاد القطري. في هذه الأثناء وسعت السلطات القطرية أمس رهانها على إيران وتركيا بتوقيع اتفاق ثلاثي لتسهيل حركة النقل، وهو ما يمكن أن يفاقم عزلتها عن جيرانها من الدول الخليجية لأن علاقاتها مع إيران كانت أبرز أسباب المقاطعة.
مشاركة :