كتب - إبراهيم بدوي: أكدت زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى إلى فرنسا قوة ومتانة العلاقات الراسخة بين الدوحة وباريس، فيما بعثت بعدد من الرسائل المهمّة والحاسمة إلى دول الحصار. وترصد الراية أهم هذه الرسائل التي تتجسّد أبرزها في قناعة دولة غربية كبرى مثل فرنسا وما لها من ثقل في صناعة القرار السياسي الأوروبي والدولي، بسلامة موقف قطر الداعي إلى الحوار والتفاوض لحل الأزمة الراهنة من جهة وأيضاً عدم قناعتها بمزاعم دول الحصار حول دعم قطر للإرهاب وإن هذه المزاعم لا تخرج عن كونها فزاعة لابتزاز الغرب دون جدوى من جهة أخرى. وأكدت المواقف الفرنسية على مدار الأزمة، التزامها بقواعد الدبلوماسية والقانون الدولي الداعم للحوار والتفاوض لحل الخلافات والأزمات سلمياً، وهو المنهج الذي تتبعه الدوحة منذ اندلاع الأزمة المفتعلة ضد شعبها، فيما تتعنت دول الحصار في مطالبها التي تحاول بها عبثاً انتهاك السيادة القطرية. وتشهد العلاقات القطرية الفرنسية تنامياً لافتاً على كافة الصعد والمستويات في السنوات الأخيرة وتتجسد في زيارات متبادلة على أعلى المستويات واتفاقيات تعاون وشراكة في مختلف الميادين والقطاعات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والتجارية والثقافية والعلمية والطبية والفنية والرياضية. آفاق واعدة للتعاون في مشروعات المونديال من المتوقع أن تزداد الاستثمارات الفرنسية في قطر مع اقترابنا من العام 2022 والاتفاق على العديد من المشاريع الفرنسية المرتبطة بتنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم بما يعود بالنفع على البلدين الصديقين بتطوير البنية التحتية في قطر وإطلاق عجلة التنمية في فرنسا بتوفير فرص عمل تتجاوز 6000 وظيفة، عبر سلسلة من المشاريع الفرنسية الموقعة هذا العام ويجري العمل بها كالمترو وميناء الدوحة الجديد وشركات الإضاءة والكهرباء الفرنسية وحتى الشركات الأمنية والبرامج السياحية الفرنسية. شراكة قوية في قطاع النفط والغاز تتمتع قطر وفرنسا بتعاون وثيق وفريد من نوعه في قطاع البترول والغاز عبر شركة توتال. وشهدت الدوحة مساء 11 يوليو الماضي في قلب الأزمة الراهنه حفل تدشين أعمال شركة نفط الشمال، لتتولى شركة توتال العمل في الحقل بدلاً من شركة ميرسك الدانماركية التي انتهى عقدها. ويعمل الجانبان على تنفيذ خطة حقل الشاهين بشكل يسمح له بإنتاج 300 ألف برميل من النفط يومياً. وتستثمر قطر 3.5 مليار دولار في هذا المشروع الذي سيرفع إنتاج قطر من النفط، ويعزّز مكانتها في منظمة الدول المصدّرة للنفط. رسالة فرنسية حاسمة برفض حصار قطر كشفت تصريحات الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بعد لقائه سمو أمير البلاد المفدى، عن رسالة حاسمة إلى دول الحصار مفادها رفض باريس للحصار الجائر على قطر وأنه لا مبرّر لفرض حصار على الشعوب للوصول إلى حلول يمكن التفاوض والحوار بشأنها. وطالب الرئيس ماكرون بحسب بيان صادر عن قصر الاليزيه الجمعة، برفع سريع في أقرب وقت لما أسماها «إجراءات الحصار التي تطال مواطني قطر»، وبالأخص «العائلات والطلبة». دعم رؤية قطر لحل الأزمة بالحوار أكدت القيادة الفرنسية دعمها الرؤية القطرية لحل الأزمة الخليجية الراهنة عبر الطرق الدبلوماسية ودعمها الوساطة الكويتية في تأكيد صريح على صواب المنهج القطري في التعامل مع الأزمة منذ بدايتها بدعم الحوار ورفض الإملاءات. وأكد الرئيس ماكرون رغبة فرنسا التي «تجمعها علاقات صداقة وثقة مع جميع الدول الأطراف في الأزمة» بأن تقوم بـ «دور فعّال عبر دعم المبادرة الكويتية، بغية الوصول إلى حل سريع لهذه الوضعية». قطر شريك استراتيجي في مكافحة الإرهاب أكدت الزيارة في إحدى رسائلها الهامة أن قطر شريك استراتيجي لفرنسا في مكافحة الإرهاب على عكس مزاعم دول الحصار، وأكدت باريس خلال الزيارة حرصها على «تعميق التعاون بين البلدين في هذا المجال ووضع آليات مشتركة تهدف لتجفيف منابع تمويل الإرهاب». كما اتفق الجانبان على العمل سوياً في إطار ندوة ضد تمويل الإرهاب، ستنظمها فرنسا بداية عام 2018. مناورات عسكرية تدحض مزاعم دعم الإرهاب برزت قوة ومتانة العلاقات القطرية الفرنسية التي تشهد تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، في إنهاء القوات البحرية الأميرية القطرية تمريناً بحرياً مشتركاً مع نظيرتها الفرنسية على مدى يومين في المياه الإقليمية القطرية أول أمس، وسبقه في 23 يونيو الماضي، أي خلال الأسابيع الأولى للأزمة إجراء مناورات بحرية عسكرية مشتركة في المياه الإقليمية شمال قطر، في إطار اتفاقيات التعاون الدفاعي الثنائي لدعم جهود محاربة الإرهاب وعمليات التهريب وحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة. ويرى خبراء ومراقبون أن مثل هذه التدريبات لم يكن لها أن تحدث لولا اليقين الفرنسي بسلامة الموقف القطري وزيف مزاعم دول الحصار بدعم الدوحة للإرهاب. وتؤكد فرنسا دائماً أن قطر شريك أساسي واستراتيجي في مكافحة الإرهاب وعضو فاعل في القضاء على التنظيمات الإرهابية التي تهدّد العالم. 30 مليار دولار حجم الاستثمارات القطرية في فرنسا بلغ حجم الاستثمارات القطرية في الجمهورية الفرنسية 30 مليار دولار عام 2016، فيما بلغ حجم المبادلات التجارية بين البلدين 3 مليارات دولار عام 2015. وتحظى الاستثمارات القطرية بترحيب واسع من الحكومة الفرنسية. وأنجز جهاز قطر للاستثمار صفقات شراء ناجحة فيما يخصّ العقارات والفنادق الفخمة في كل من باريس ونيس وكان، مثل شبكة متاجر لو برانتان، ونادي كرة القدم باريس سان جيرمان، ومجموعة لو تانور. ومن جهة أخرى، يستثمر جهاز قطر للاستثمار عبر الصندوق المشترك بينه وبين صندوق الودائع والأمانات الفرنسي لدعم المنشآت المتوسطة والصغيرة الحجم، الذي يطلق عليه اسم «أبطال المستقبل الفرنسيون». علاقات الصداقة القطرية الفرنسية راسخة جسدت الزيارة قوة علاقات الصداقة الراسخة بين قطر وفرنسا والتي برزت في تصريحات الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عقب لقائه سمو أمير البلاد المفدى، وحديثه عن «الصداقة القديمة التي تجمع فرنسا بقطر»، وتأكيده على «قوة العلاقات بين البلدين». وتدرك فرنسا أن قطر تمثل أهمية حيوية ليس فقط على المستوى الجيوسياسي ودورها كلاعب مؤثر وفعّال في الملفات الإقليمية والدولية ولكن أيضاً في البعد الاقتصادي والتجاري لكونها تسجل أفضل وضع اقتصادي ومالي في منطقة الشرق الأوسط، بامتلاكها ثالث احتياطي للغاز وخامس دولة لديها فائض تجاري في العالم، كما تسجل أعلى معدّل نمو اقتصادي في المنطقة. 4.6 مليار يورو استثمارات فرنسية مباشرة في قطر عام 2016 تشير بيانات مصرف فرنسا إلى أن مخزون الاستثمارات الفرنسية المباشرة في قطر بلغ 4.6 مليار يورو في عام 2016، ويستمرّ عدد فروع المنشآت الفرنسية في قطر في التزايد ليتضاعف عام 2017. وهناك 200 شركة فرنسية تستثمر في السوق القطري نصفها مسجل برأسمال فرنسي 100%. واستقطب السوق القطري مؤسسات فرنسية كبرى مثل فنسي ولاجرديار، كما فرضت المنشآت الفرنسية نفسها في قطاعات الصناعات الجوية ومعالجة المياه والتوزيع والإنشاء والترفيه. 8 مليارات دولار قيمة عقود فرنسية في قطر عام 2016 شهدت العلاقات التجارية بين قطر وفرنسا طفرة كبيرة العام الماضي وتضاعف مستوى التجارة الثنائية بين البلدين لعام 2016، ووصلت قيمة العقود التي وقعتها الشركات الفرنسية في قطر حوالي 8 مليارات دولار أمريكي بينما كانت في العام الماضي حوالي 4 مليارات دولار أمريكي، ما جعل فرنسا أكبر بلد للاستثمارات القطرية في الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا.
مشاركة :