ما وراء الضربة الأميركية لـ«الدولة الإسلامية»

  • 8/10/2014
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

​مع بدء انسحاب القوات الأميركية نهائيا من العراق في بداية عودة حكم الديمقراطيين قبل ست سنوات من الآن، كان يتضح جليا كم أن الولايات المتحدة ندمت على استراتيجية الحرب التي دخلت بها العراق في 2003، حيث كانت الخسائر الاستراتيجية بشكل عام أكثر بكثير من الغنائم، لكن عندما تتهدد المصالح الاستراتيجية الأميركية في العراق مجددا وبشكل صارخ، في انشغال أميركي تام بتخطيط التقسيم العراقي الداخلي، فإن ذلك التهديد قد يفضي سريعا إلى نتائج لا ترغبها الولايات المتحدة، قد تؤثر بوضوح في تلك المصالح. تقدم «الدولة الإسلامية» مجددا تجاه السيطرة بشكل «تام» على مناطق الصراع في الشمال وصولا إلى إقليم كردستان يجعل المصالح الأميركية الكبيرة في تلك المناطق تحت خطر السيطرة عليها، بوقوعها في عمق الصراع العسكري بين مقاتلي «الدولة الإسلامية» والجيش العراقي وقوات البيشمركة الكردية ومقاتلي الثوار، حيث تتوافر هنالك الكثير من مصادر الاحتياطي الحيوي الذي تستورده أميركا بقيمة رمزية محددة منذ الغزو الأخير، مما جعل الرئيس الأميركي أوباما يعطي أوامره للقوات الجوية الأميركية بتوجيه ضربات جوية محدودة، على حد قوله. وبالفعل، بدأت القوات الأميركية بنشر فيديوهات لطائرات أميركية أغارت على مربض مدفعية «الدولة الإسلامية» التي استخدمتها ضد القوات الكردية التي تدافع عن أربيل، على مقربة من جبل سنجار الذي تحاصره «الدولة الإسلامية» بمن فيه من المدنيين الفارين من المناطق التي تسيطر عليها «الدولة الإسلامية». بهذه النوعية من التدخل، تثير أميركا الشكوك حولها بعد أن تأخرت كثيرا عن حماية العراق وسوريا فيما سبق من خطر الجماعات المتطرفة، وتحديدا «الدولة الإسلامية»، فتأخر التدخل حتى وصول مقاتلي «الدولة الإسلامية» إلى حدود كردستان وتهديدها المصالح الاستراتيجية الأميركية بشكل مباشر يعطي الكثير من الشكوك حول جدية أميركا في تحملها مسؤولية حماية أمن المنطقة والقضاء على الإرهاب، امتدادا بتكفل الولايات المتحدة بضمان أمن حلفائها في الخليج تحديدا الذين يبدون كثيرا امتعاضهم من السياسة الأميركية في سوريا والعراق، مما أفضى إلى توسيع مطامع إيران وتغلغلها في الداخل العربي السوري العراقي، وهو ما يعده الخليجيون تواطؤا أميركيا مع إيران لأهداف محددة، ربما تتعلق بملف إيران النووي ومخطط أميركا للشرق الأوسط. وربما تكون مدلولات الهدف الأميركي وراء التدخل الجوي ضد «الدولة الإسلامية» في العراق مريبة فعلا بالنسبة «لحقيقة » هذا التدخل، كما اختلف المحللون السياسيون في ذلك.. فالمصالح الأميركية الحيوية منتشرة في العراق عموما، ولكنها في كردستان وبعض مناطق الشمال ذات أهمية فائقة للغاية حتى بغض النظر عن المخزون الحيوي فيها، فكردستان تمثل حجر زاوية في مخطط تقسيم العراق الكلي، وتجتمع فيها مصالح أميركية وإيرانية وتركية وإسرائيلية مشتركة، كما تمثل أكثرية للطائفة الإيزيدية والمسيحية التي استهدفتها «الدولة الإسلامية» في الموصل وأربيل، وهجرت الكثير منهم، كما قتلت الكثير أيضا. ويتضح جليا من كل تلك المدلولات أن سياسة التدخل الأميركية في العراق هي فقط للحد من تقدم «الدولة الإسلامية» إلى حدود المصالح الاستراتيجية الأميركية في الشمال العراقي وكردستان. ولا يمكن أن تترك الشكوك الولايات المتحدة التي طالما تبجحت بمحاربة الإرهاب والتطرف في كل مكان، وآخر الشكوك في سوريا حينما جمدت أمام إرهاب النظام والجماعات المتطرفة، مبررة ذلك بخوفها أن تدعم الجماعات الخطأ أو تردع الجماعات المعتدلة. وعندما تقضي الولايات على التنظيم الدولي للقاعدة بعد صولات وجولات واضحة ضده، كيف لا تتدخل لدحر تنظيم صغير ربما أكثر تشددا وتطرفا من «القاعدة» ولكنه أقل عدة وعتاد منها بكثير، ويهدد أيضا بشكل مباشر في بعض الأحيان المصالح الاستراتيجية الأميركية، كما هو السيناريو الحالي في العراق؟! أقل التفكير سيفضي إلى أن الولايات المتحدة لا تريد القضاء على هذا التنظيم الآن، لماذا؟ ربما لديها ما تريد أن ينجزه أو ربما هنالك شروط خارجية أُمليت على الولايات المتحدة بهدف إبقاء هذا التنظيم على الأرض حتى أجل غير مسمى مع ضمان عدم تعرضه للمصالح الأميركية، وفي حال تعرض لها يتم التعامل معه عسكريا من الولايات المتحدة. وكأنها تقول: اعملوا ما تريدون بعيدا عن مصالحنا فقط.. وبكل هدوء، يمكن القول إن الضربة الأميركية وإن غيرت بعض الموازين على الأرض فإنها ستعطي ملامح سياسية خطيرة حيال النظرة الأميركية العامة تجاه التنظيمات الإرهابية، والموقف الأميركي من أمن دول المنطقة الحليفة لأميركا. وإذا أرادت دول المنطقة المعارضة لوجود «الدولة الإسلامية» وإقامة نظام الخلافة الاستفادة من الضربة الأميركية الجوية، فيجب عليها أن تتخذ إجراءات سريعة تستغل من خلالها هذه الضربة لصالحها في الضغط على «الدولة الإسلامية» وشل قدرتها على التوسع أكثر ومضايقة سير ثوار العشائر العراقية. رابط الخبر بصحيفة الوئام: ما وراء الضربة الأميركية لـ«الدولة الإسلامية»

مشاركة :