اتساءل حقا، ماذا لو طالب الشعب الفلسطيني باستفتاء على الاستقلال، او الروهينجا، او اي من الشعوب المحظوظة الاخرى، هل سيستخدم هؤلاء السياسيون، واتباعهم من المثقفين، نفس الحجج والمعاذير التي يستخدمونها لمعارضة طلب الشعب الكردي الاستفتاء على استقلاله؟ هل سيكون الموقف الايراني مثلا نفسه اليوم ويعارض الاستفتاء الفلسطيني ام سيتفرغ اعلامها على مدار الساعة لتذكير العالم (مسلمين وكفار) بالقيم الانسانية، وتنقش مقولات عن الامام علي وايات قرانية مسالمة على اكسسوارات وديكورات الاستوديوهات الفضائية. وماذا سيكون الموقف التركي الذي يزداد تطرفا يوما بعد اخر في الدفاع عن الشعوب "الاسلامية" من جهة، وقمع الشعب الكردي "المسلم" من جهة ثانية؟ هل سيعتبر اردوغان ان الاستفتاء سوف يدخل الشرق الاوسط في حروب طاحنة، ام سوف يزايد على لائحة حقوق الانسان وحقوق الشعوب "المسلمة" الطبيعي بالحرية والاستقلال، باعتباره حق مكفول لجميع الشعوب؟ وموقف البرلمان العراقي، الذي عطل اهم مادة دستورية تخص هذه القضية، وهي المادة 140 بسقفها الزمني الذي كان من المنصوص عليه ان ينتهي منها في العام 2007، هل سيكون ضد الاستفتاء بعذر انه يعارض الدستور؟ اكثر من ذلك، اتساءل عن رأي اميركا، حامية الديمقراطية كما نسمع، او بريطانيا، ام الديمقراطية كما تلقب، او فرنسا، مهد القوانين الحقوقية، هل كانت مواقف هذه الدول ستعتبر استفتاء الشعوب من اجل معرفة مطاليبها هو عمل منافي للقيم الديمقراطية، وهل ستعتبر رغبة شعب يتظاهر بصورة سلمية من اجل عرض رأيه على العالم، هو فعلا تهديد للامن في العالم؟ وربما اكثر الاراء المعادية للاستفتاء الكردستاني تطرفا، هو الموقف الاسرائيلي، الذي يدعي بانه المساند الوحيد للشعب في تطلعاته للحرية. وما احوج الأكراد لابعاد اسرائيل انفها عن قضية تخص حريته واستقلاله، خصوصا وان اسرائيل هي الدولة المعروفة بعدائها لحريات الشعوب وتطلعاتها. اسرائيل تعادي كل حركة تحررية داخل حدود الدول العربية الحالية، والاسلامية القريبة، خصوصا الحركات التحررية القومية، من اجل ابقاء هذه الدول منخورة من الداخل. ولها سوابق غير خافية في قمع الحركة التحررية الكردية لعل من اكثرها شخوصا امام التاريخ هو الدور الذي لعبته في اتفاق الشاه وصدام حسين عام 1975. ولمن لا يتذكر ذلك التاريخ اشير الى اعتقال القائد الكردي عبدالله اوجلان، والذي نفذته المخابرات الاسرائيلية "الموساد" طواعية، في كينيا، وسلمته الى تركيا في شباط 1999. وضرب اسرائيل للاستفتاء الكردي، يتم بثيمة اعلامية مختلفة، وهو اعلان مساندتها للأكراد، لان ذلك من شأنه ان يعزز الصورة المزيفة التي رسمها الاعلام الرسمي، العراقي والايران، خصوصا، وهي تدعي علاقة الحركات التحررية القومية باسرائيل، كما يوفر موقف اسرائيل هذا الفرصة لاعداء الشعب الكردي باتهام الحركة التحررية الكوردية بالعمالة للصهيونية. ترى، لو كان الشعب الفلسطيني فعلا هو الذي طالب الاستفتاء، هل كانت موقف دول العالم برمته نفسها اليوم؟ معادية؟ ام انها، كل الدول والاحزاب، شرقيها وغربيها، كان يزايد على حق الاستفتاء، اكثر من الفلسطينين انفسهم؟ وسيختلف حينها حتى الموقف الاسرائيلي؟ حسين القطبي
مشاركة :