إعلان حماس.. خطوة جدية نحو مصالحة فلسطينية شاملة؟

  • 9/18/2017
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

شهد ملف المصالحة الفلسطينية خطوة غير مسبوقة بعد إعلان حماس حل حكومتها في غزة وقبولها بإجراء انتخابات، ما يثير تساؤلات حول دوافع هذه الخطوة ومدى فرص نجاحها في تجاوز حالة الانقسام المهيمنة على المشهد الفلسطيني لسنوات طوال. موسى أبو مرزوق عن "حماس" (يمين الصورة)، يصافح عزام الأحمد عن "فتح" (يسار)، القاهرة 2014. بعد لقاءات عديدة جمعت مسؤولين مصريين بوفديْن عن حركتي فتح وحماس شهد ملف المصالحة الفلسطينية تقدماً ملموساً نهاية الأسبوع الماضي؛ تقدُّمٌ ترجَمَهُ إعلان حماس التي تدير قطاع غزة منذ 2006، عن حل اللجنة الإدارية في قطاع غزة، مع دعوتها حكومة الوفاق إلى ممارسة مهامها والقيام بواجبها في القطاع فوراً. حماس وافقت أيضاً في بيانها الصادر أمس الأحد (17 أيلول سبتمبر 2017) على إجراء الانتخابات العامة، وكشفت عن استعدادها لتلبية الدعوة المصرية للحوار مع حركة فتح حول آليات تنزيل اتفاق القاهرة 2011 وملحقاته، والذي كان ينص على تشكيل حكومة وحدة وطنية على أساس حوار تشارك فيه كل الفصائل الفلسطينية الموقعة على الاتفاق. دوافع التقارب الفلسطيني وراء خطوة حماس نحو المصالحة الشاملة مع فتح تقف مجموعة من الدوافع التي حرّكت ملف التصالح من جديد بعد سنوات من الجمود والشد والجذب، لعل أبرزها هو عدم الرضا الشعبي الفلسطيني عن استمرار حالة الانقسام بين مختلف الفصائل، وهو ما خلق حالة من التذمر جراء الإجراءات التي اتخذتها السلطة ضد سكان القطاع، كما يوضح مدير قسم فلسطين في مؤسسة فريدريش ناومان الألمانية في القدس، سليمان أبو دية، في حواره مع DW عربية. وشدد أبو دية على الدور المصري الريادي فيما يخص تقريب وجهات نظر الفرقاء الفلسطينيين، فضلاً عن "الموقف العربي والعديد من دول العالم، وحتى الأوروبية منها التي طالما دعت إلى تجاوز الانقسام والعودة إلى سكة المصالحات وتحسين العلاقات بين الضفة وغزة".  سليمان أبو دية، مدير دائرة فلسطين في مؤسسة "فريدريش ناومان" الألمانية في القدس. يتابع أبو دية بالقول إن "قطاع غزة المحاصَر منذ أكثر من عقد من الزمن، وسط تراجُع الدعم الدولي للقضية، وفي ظل موقفٍ مصريّ رافضٍ للتعامل مع حماس كحركة سياسية دون العودة إلى طاولة التفاوض"؛ كلها شكلت، بنظره، دوافع إضافية وعوامل ضغط لتجاوز مشهد الانقسام والخلاف القائم منذ فترة طويلة. وأشار المتحدث ذاته إلى وجود بعض الأصوات الناقدة من داخل فتح لتلك الإجراءات، مقابل رغبة حماس في تجاوز أزمة إدارة شؤون القطاع فيما يخص الكهرباء والماء، ومشاكل إعادة الإعمار، وكذلك أزمة رواتب موظفي القطاع. معاناة عجّلت بالمصالحة سنوات من محاولات رأب الصدع بين الطرفين، حركتيْ فتح وحماس، ابتدأت أبرز محطاتها باتفاق مكة عام 2007، وصولاً إلى اتفاق الشاطئ في غزة 2014، ومروراً باتفاق المصالحة عام 2011 بالقاهرة، لكن أغلب تلك المحاولات باءت بالفشل، ليتعمّق حجم الانقسام الداخلي. وخلال السنوات الأخيرة، طالما شكلت الأوضاع المعيشية لسكان قطاع غزة نقطة خلاف ساخنة قد تؤدي إلى انفجار الوضع الداخلي الفلسطيني، غير أن مدير قسم فلسطين في مؤسسة فريدريش ناومان الألمانية في القدس استبعد إمكانية حدوث ذلك على المدى القريب، لكنه بالمقابل أكد وجود "نقمة شعبية وتذمّر وعدم رضا ومعاناة يومية" في أوساط سكان القطاع نتيجة دور "حماس" في غزة. وخَلُص أبو دية إلى أن حماس، باعتبارها صاحبة السلطة والقرار في القطاع، كانت مجبَرة على التحرك لأنها انتظرت طويلاً، في ظل يقينها بعدم إمكانية تجاوز الأزمة دون العودة للتفاوض مع فتح،  وهو ما يعني التخلي جزئياً عن سلطتها القوية في غزة، واصفاً ذلك بـ"ضريبة كان لزاماً على حماس أن تدفعها". وباتخاذها قرار حل اللجنة الإدارية، تكون حماس قد رمَت الكرة في ملعب حركة فتح، إذ يرى أبو دية أن "الرئيس محمود عباس مطالَب بالتراجع عن قراراته السابقة، خاصة إعادة تمويل فاتورة كهرباء غزة، وصرف تعويضات ورواتب موظفي غزة". موسى أبومرزوق (يمين الصورة) وأحمد قريع (يسار)، أثناء محادثات سابقة للمصالحة بالقاهرة (عام 2009). إسرائيل.. "موقف تكتيكي" الخطوة الفلسطينية الأخيرة نحو الخروج من دوامة الانقسام، قوبلت بتشكيك إسرائيلي كبير وقليل من القلق، وهو ما عبّرت عنه رئيسة مؤسسة هاينريش بول في رام الله، بتينا ماركس، في حوار مع DW، مضيفة أن "الحكومة الإسرائيلية لا ترغب في أن يتّحِدَ الفلسطينيون ليعقدوا المصالحة؛ حيث كلما كانت هناك جهود حقيقية لتشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية لتجاوز الانقسام، تتدخل إسرائيل للحيلولة دون ذلك". بالمقابل، فسّر سليمان أبو دية، عدم اعتراض إسرائيل لأول مرة على خطوة تسعى للمصالحة الفلسطينية، بالتأكيد على أن إسرائيل بهذا الموقف، الذي وصفه بـ"التكتيكي والنفعي"، تنأى بنفسها عن "اتهامها بالوقوف وراء حصار غزة ومعاناة سكانها، وكذلك كونها هي السبب الأساسي في إقفال الخط البري بين الضفة والقطاع وإقفال الحدود البحرية لغزة". بيتينا ماركس، رئيسة مؤسسة "هاينريش بول" الألمانية في رام الله وبحسب رأي أبو دية، فإن هذه المصالحة بين الفلسطينيين برعاية مصرية ستخفف الضغط عن إسرائيل، وبإمكانها أن تؤدي لفتح معبر رفح، وهو ما يُبعد إسرائيل عن سهام النقد العالمي. واقعية المصالحة؟ وعن مدى جدّية خطوة المصالحة الأخيرة بين حماس وفتح وقابليتها للتحقق واقعياً، تقول رئيسة مؤسسة هاينريش بول الألمانية في رام الله "إنه من الصعب التنبؤ بمآل ذلك، في ظل التشكيك الشعبي والإعلامي في كل من الضفة والقطاع"، لكن رغم ذلك، تظل بتينا ماركس أكثر تفاؤلاً من سليمان أبو دية، الذي لا زال مترددًا في الاقتناع بإمكانية ردم الهوة الكبيرة بين الطرفين، قائلاً إنه "يجب أن ننتظر الأيام أو الأسابيع القادمة حتى نرى هل ستأخذ هذه الخطوات تطبيقها على الأرض". ومقابل الخطوة التي اتخذتها حماس بحل حكومتها في غزة، أضاف أبو دية أن "على السلطة إعادة النظر في هذه الإجراءات والقرارات كبادرة حُسن نية تجاه حماس وسكان القطاع كإشارة منها إلى رغبتها في إنهاء الانقسام، لكن تبقى الإجراءات العملية المستقبلية كفيلة بكشف مدى جدية هذه الخطوة نحو المصالحة". إيمان ملوك / يوسف يعكوبي

مشاركة :