قبل أسبوع من الاستفتاء المقرر تنظيمه في كردستان العراق وبعض المناطق المتنازع عليها حول الانفصال عن العراق، تتصاعد الضغوط على الأكراد، وآخرها أمر من المحكمة العليا بوقف إجراءات الاستفتاء، وسط توافق دولي وإقليمي على أن الوقت غير مناسب للمضي به. أصدرت المحكمة الاتحادية العليا، أعلى سلطة قضائية في العراق، أمس أمراً بإيقاف الاستفتاء المرتقب حول استقلال إقليم كردستان في 25 الجاري. وقال إياس الساموك، مدير المكتب الإعلامي للمحكمة الاتحادية العليا في بيان: "بعد المداولة ولتوفر الشروط الشكلية القانونية في الطلبات، أصدرت المحكمة أمراً ولائياً بإيقاف اجراءات الاستفتاء المنوي اجراؤه في 25 سبتمبر لحين حسم الدعاوى المقامة بعدم دستورية القرار المذكور". يذكر أن "الأمر الولائي"، هو نمط من القرارات التي يجوز للقضاء اتخاذها في قضايا مستعجلة، ويغلب على هذه القرارات الصفة الإدارية، أكثر من الصفة القضائية، فهو قرار وقتي يصدره القاضي في الأحوال المنصوص عليها في القانون، في أمر مستعجل بناء على طلب يقدم إليه من أحد الخصوم، ولا يشترط في إصداره مواجهة الخصم الآخر. وأعلنت الحكومة العراقية أن قرار المحكمة الاتحادية العليا جاء بناء على طلب من رئيس الوزراء حيدر العبادي. وذكرت الدائرة الإعلامية في الحكومة، في بيان صحافي، أن العبادي "وجه طلبا الى المحكمة الاتحادية بشأن عدم دستورية اجراء انفصال أي إقليم أو محافظة عن العراق، وكذلك إصدار أمر ولائي بإيقاف إجراءات استفتاء انفصال اقليم كردستان". وأضافت: "بناء عليه وافقت المحكمة الاتحادية على الطلب". وكان عدد من النواب والسياسيين العراقيين قدموا أيضا طلبات لدى المحكمة الاتحادية العليا للبت بعدم دستورية قرار رئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني اجراء استفتاء حول انفصال الإقليم عن العراق. حزب البارزاني وتعليقا على قرار المحكمة العليا، اعتبر الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني أن "القضاء مسيس وقراراته تصب بمصلحة اطراف معادية للأكراد". كركوك الى ذلك، وصل وفد من قيادات الحشد الشعبي برئاسة المدعو أبومهدي المهندس الى مدينة كركوك المتنازع عليها بين الأكراد والعرب والتركمان. وعقد المهندس اجتماعا مع قيادة محور الشمال لـ"الحشد الشعبي" في محافظة كركوك. وكان لافتاً وصول وفد الحشد الشعبي الى كركوك بطريقة استعراضية قال مراقبون انها رسالة واضحة للأكراد الذين اعلنوا نيتهم اجراء الاستفتاء في كركوك وعدد من المناطق المتنازع عليها. وكان محافظ كركوك نجم الدين كريم دخل في نزاع مع الحكومة المركزية في بغداد بسبب قراره رفع علم كردستان على المباني الرسمية في المحافظة. وقبل أيام أقال البرلمان العراقي كريم وسط مقاطعة من النواب الأكراد بسب تمسكه بإجراء الاستفتاء في كركوك. ويدلي مسؤولون في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي السابق جلال الطالباني بمواقف متضاربة عن موقف الحزب من اجراء الاستفتاء في كركوك، بينما يؤيد الحزب الديمقراطي الكردستاني اجراء الاستفتاء هناك. تركيا وصعدت تركيا، امس، تهديداتها للأكراد، وأعلنت القوات المسلحة التركية بدء مناورات عسكرية على الحدود العراقية، في رسالة تهديد واضحة قبل أسبوع من موعد استفتاء كردستان. وقال الجيش التركي، في بيان، إن "عمليات مكافحة الارهاب في المنطقة الحدودية تتواصل بالتوازي مع التمارين". وذكر شهود أنهم رأوا ما يصل إلى حتى مئة آلية عسكرية من بينها دبابات تنتشر على الحدود العراقية في وقت مبكر أمس. ومن المقرر أن ينعقد مجلس الأمن التركي في 22 الجاري لاعلان موقف رسمي من الاستفتاء، الذي كررت تركيا عدة مرات معارضتها له، محذرة من أنه "سيكون له ثمن". بريطانيا وفرنسا إلى ذلك، زار وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون، أمس، بغداد وأربيل، إذ التقى المسؤولين العراقيين والأكراد، في محاولة لاقناع اربيل بالتخلي عن الاستفتاء. وأيدت بريطانيا وأميركا اقتراحا قدمته الامم المتحدة لبارزاني ينص على التوصل بحلول ثلاث سنوات الى اتفاق بين كردستان العراق والحكومة المركزية في بغداد حول وضع الاقليم الذي يحظى بحكم ذاتي، لقاء ارجاء موعد الاستفتاء. وفي أقوى موقف حتى الساعة، انضمت فرنسا الى الرافضين للاستفتاء، وقال وزير خارجيتها جان ايف لودريان إن "الاستفتاء غير مقبول ولابد من حوار". حركة السفراء وشهدت بغداد حراكا نشيطا لسفراء دول غربية وإقليمية. وأجرى السفيران الايراني والتركي، مساء أمس الأول، اجتماعا في العاصمة العراقية بغداد، وتم التباحث حول استفتاء كردستان والتأكيد على "ضرورة اتخاذ خطوات منسقة بين البلدين في هذا الشأن". وطالب السفيران الايراني والتركي البارزاني بالتخلي عن الاستفتاء. كما أكد سفيرا فرنسا وتركيا خلال لقائهما رئيس الحكومة العراقية، أمس، دعم بلادهما موقف الحكومة العراقية من الاستفتاء.
مشاركة :