استفتاء الانفصال الكردي.. رغبة دونها تعقيدات

  • 9/19/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يرى متابعون للشأن العراقي، أن أوراق التسوية السياسية والاجتماعية التي طرحتها أطراف عدة في العراق، تكشف مدى تفكك الوضع السياسي وكتله المعروفة، على الرغم من كونها «أوراق أمنيات»، ينتهي مفعولها فور التوقيع عليها، ولا يوجد حساب لما بعد ذلك. خير دليل على هذا الاستنتاج هو البرنامج الذي تم الاتفاق عليه عند تشكيل حكومة حيدر العبادي (الحالية)، وقبله برنامج حكومة المالكي، الذي تم تنفيذه بالمقلوب، وأخيراً برنامج إصلاحات العبادي، الذي شهد تراجعاً ملحوظاً بعد الخطوة الأولى، وغير ذلك الكثير من البرامج والاتفاقات والوعود الخلابة، التي نتج عنها تدمير البلاد، ووصولها إلى ما هي عليه الآن. ويشير مراقبون أن الجانب الكردي يئس من كثرة الوعود والبرامج وعدم تطبيقها، وهذا هو حال الشعب العراقي عموماً، فيما يطالب الكرد بوجود «ضمانات دولية» لتنفيذ أي اتفاق، الأمر الذي قوبل بالرفض من كتل متنفذة، بحجة معارضة أي تدخل أممي أو أجنبي في برنامج عراقي خالص، ما أدى بالمقابل إلى طرح الجانب الكردي «الشرط الجزائي»، في حال الإخلال بالاتفاق. كما هو الأمر في الاتفاقات المهمة، والشرط الجزائي هنا، هو إلغاء فقرة «رفض الانفصال في أي حال من الأحوال»، وكذلك رفض مشروع ائتلاف المالكي، بتشكيل حكومة «أغلبية سياسية»، وهي تعني في السياسة العراقية «الأغلبية الطائفية»، التي تلغي كل الآخرين، ليكونوا تابعين للمحور الإيراني. مادة دستورية ويستند الجانب الكردي في طرحه إلى أن المادة الأولى من دستور 1958 نصّت على أن العراق يتكون من قوميتين رئيسيتين، هما العربية والكردية، ما يلغي فكرة «الأغلبية»، التي تحكم الآخرين حسب توجهاتها، كما يستند إلى أن كل «العملية السياسية» بعد العام 2003 بنيت على أساس توافقي، فيما يحاول العبادي الخروج على هذا النهج، لكن بلا أسس تعتمد دولة المواطن لا دولة الطائفة. ويؤكد مراقبون أن طرح الجانب الكردي شرطه الجزائي «حق الانفصال» في حال عدم التزام الطرف الآخر بالاتفاقات، لكنه غير قابل للتطبيق في ظل التشظي السياسي الكردي، والتدخلات الإقليمية والدولية. وتحاول القوى السياسية الكردية لملمة أوضاعها وترميم البيت الذي يشهد صراعاً داخلياً ونزاعاً إقليمياً، في نفس الوقت، وبلا شك فإن المهمة صعبة جداً، وقد تؤجل فكرة الاستفتاء على الانفصال إلى مدى بعيد، على الرغم من تصويت البرلمان الكردي المشظى عليه، وغياب رئاسة البرلمان واثنتين من القوى الخمس الأكبر عن التصويت. وبحسب مصادر كردية مطلعة، فإنه، على الرغم من إجماع البيت الكردي على ما أسمته «حق الشعوب في تقرير مصيرها»، فإن طرح فكرة «الانفصال» التي يتبناها الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، في الوقت الحالي، لم تلق إجماعاً داخل الأحزاب الكردستانية. حسم الخلاف وفي الشأن الداخلي الكردي، تقول النائبة عن الحزب الديمقراطي الكردستاني أشواق الجاف، إن «المرحلة الأولى من حسم الخلافات بين الأحزاب الكردستانية انتهت، والتي تضمّنت عقد اللقاءات والحوارات»، مضيفة إن تلك المرحلة «وصفت بأنها مرحلة التعايش السلمي وإذابة الجليد بين الأحزاب الكردية في الإقليم». وتوضح الجاف أن هناك «مرحلة ثانية للمناقشات، تتضمن مناقشة آلية تغيير الرئاسات الثلاث في الإقليم، والتي من المقرر أن يعلن عنها قريباً، في حال لم يتمسك أحد الأحزاب الكردستانية برأيه، والذي يكون عادة ضد الأحزاب الأخرى»، في إشارة إلى حركة التغيير، داعية حركة التغيير إلى «تغيير رأيها والانضمام إلى قافلة الأحزاب الكردستانية الأخرى، لمناقشة الأمور المهمة التي تعرقل الاستقلال والاستفتاء»، مشيرة في الوقت عينه إلى أن «الانفصال حق مشروع، وحلم كل مواطن كردي في أرجاء دولة كردستان الكبرى»، حسب تعبيرها. وتؤكد «إصرار القوى السياسية الكردستانية على إتمام موضوع استقلال الإقليم بالحوار مع بغداد». ويرى الحزب الديمقراطي الكردستاني امتلاكه ثلاثة مقومات أساسية لـ«الاستقلال»، ويصف انفصال إقليم كردستان عن الدولة العراقية بأنه «واقع حال». مسؤولية وفي هذا الشأن، تقول النائبة عن الحزب نجيبة نجيب، إن «الأحزاب الكردستانية تعلم بأنها أمام مسؤولية تاريخية تجاه شعب كردستان المضحي، وحان الوقت للشعور بهذه المسؤولية تجاه هذا الشعب»، وإن «العلاقة الدبلوماسية بين بغداد وأربيل جيدة، لكن الخلافات بين الجانبين -والتي امتدت لأكثر من 13 عاماً- لم تحل حتى الآن». وتشير إلى أن «الأحزاب الكردستانية تصر على استمرار الحوار مع بغداد حتى في قضية الاستقلال والاستفتاء»، مبينة أن «أولى خطوات الاستقلال ستبدأ من بغداد». ومن أبرز المقومات التي تؤهل الإقليم لـ«مرحلة الانفصال»، بحسب النائبة عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، هي «التمتع باستقلال إداري ومالي منذ نحو 25 عاماً، على الرغم من أن الإقليم لم يشهد أزمة مالية مثل التي يمر بها منذ نحو ثلاثة أعوام». إلا أن النائب عن الاتحاد الوطني الكردستاني نوزاد رسول، يؤكد أن «طرح قضية استقلال الإقليم في الوقت الحالي لا تبتعد كثيراً عن شعارات (الحزب الديمقراطي الكردستاني)»، مبيناً إن «الشعب الكردي مع استقلال كردستان كحق دستوري، لكننا أمام موقف محرج وهو كيفية تكوين الدولة الكردية». مفاجآت وقال السياسي الكردي المخضرم محمود عثمان، قال إن قادة الاحزاب الكردية سيعقدون اجتماعا مهما بحضور رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني لدراسة المبادرة التي قدمتها الأمم المتحدة والدول الكبرى، وإمكانية ايجاد ضمانات لحقوق الأكراد، ومن ثم الخروج بموقف موحد تجاه المبادرة والدول العظمى الخاصة بتأجيل استفتاء كردستان. وأوضح، أن «الأيام القليلة القادمة ستكشف عن مفاجآت قد تغير المواقف»، لافتاً إلى أنه «يمكن استغلال العلاقة الطيبة بين مسعود بارزاني وحيدر العبادي من أجل عقد لقاءات مباشرة وحل المشاكل العالقة، وبالتالي حل مسألة استفتاء اقليم كردستان». وأشار عثمان الى أن «الأمم المتحدة والدول العظمى عندما قدمت المبادرة كانت بالتنسيق مع رئيس الحكومة الاتحادية حيدر العبادي، الذي مازال ينادي بالحوار من اجل حل المشاكل العالقة». ولفت الى أن «تأييد برلمان كردستان للاستفتاء جاء نتيجة طبيعية، لأنه تابع للأحزاب الكردية الداعمة للاستفتاء». اجتماع وكانت دول عدة وصفها بيان لرئاسة إقليم كردستان بـ «العظمى» اجتمعت ببارزاني نهاية الأسبوع الماضي لإقناعه بعد اجراء الاستفتاء، وفيما قدمت الدول بديلا ً للاستفتاء، قالت رئاسة الإقليم انها ستدرسه قبل أن تتخذ قرارها. الرئيس العراقي فؤاد معصوم، شدد على أهمية تضافر الجهود لحل المشكلات عن طريق الحوار البنّاء، فيما عبر سفيرا الولايات المتحدة وبريطانيا لدى العراق عن استعداد بلديهما لدعم حوار شامل بين بغداد واربيل للوصول إلى تفاهمات مشتركة. وقالت الرئاسة في بيان إن رئيس الجمهورية فؤاد معصوم استقبل سفيري بريطانيا والولايات المتحدة لدى العراق فرانك بيكر ودوغلاس سيليمان، وبحثا ملف استفتاء إقليم كردستان. وعبر السفيران عن استعداد بلديهما والمجتمع الدولي لدعم حوار شامل ومثمر بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان للوصول إلى تفاهمات مشتركة تضمن حقوق جميع الأطراف.

مشاركة :