أصدرت «المحكمة الاتحادية العليا» في العراق أمس قرار وقف إجراءات استفتاء استقلال إقليم كردستان بناء على طلب رئيس الوزراء حيدر العبادي، في وقت بدأ الجيش التركي أمس مناوارت عسكرية قرب حدود الإقليم في إطار ضغوط تمارسها أنقرة لثني القيادة الكردية عن تنظيم الاستفتاء. وواصلت الكتل الكردية أمس مقاطعتها جلسات البرلمان العراقي، احتجاجاً على إقالة محافظ كركوك، مع تمسك قياداتها بالاستفتاء في 25 الشهر الجاري، على رغم تصعيد حدة خطاب الدول المعترضة على الخطوة الكردية و «تداعياتها الخطيرة» على المنطقة. وذكرت قناة «تي أر تي» التركية الرسمية إن «مناورات يجريها الجيش في منطقة سيلوبي الحدودية في محافظة شرناك، قرب معبر الخابور الحدودي (إبراهيم الخليل) المتاخم للحدود مع إقليم كردستان»، وذكرت أن «الدافع من المناورات هو تمسك الإقليم الكردي بإجراء الاستفتاء». ونقلت وكالة «فرانس برس» عن شهود عيان قولهم إنهم «شاهدوا عشرات من الآليات العسكرية من بينها دبابات تنتشر في جنوب شرقي تركيا قرب الحدود مع العراق في وقت مبكر الأثنين»، عقب إعلان الرئيس رجب طيب أردوغان أن مجلس الأمن التركي سيعقد اجتماعاً الجمعة للبحث في القضية. وكشف الجيش التركي أمس في بيان إن «عمليات مكافحة الإرهاب في المنطقة الحدودية (مع إقليم كردستان) تتواصل بالتوازي مع المناورات»، في إشارة إلى ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني. وتتزامن المناورات مع مشاورات أجراها السفير التركي في بغداد فاروغ كايماكتشي مع نظيره الإيراني إيرج مسجدي حول الاستفتاء المزمع و «تداعياته على المنطقة واتخاذ خطوات منسقة حوله»، على ما أفادت وكالة «تسنيم» الإيرانية، وسط إطلاق الدولتين تهديدات بإلغاء الاتفاقات الأمنية والعسكرية أو المنافذ الحدودية. ورجحت مصادر مطلعة أن تُعقد قمة ثلاثية بين العبادي وأردوغان والرئيس الإيراني حسن روحاني على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، للبحث في الاستفتاء الكردي، إذ ما زالت القيادة الكردية ترفض مقترحات «بديلة» تقدمت بها واشنطن وحلفاؤها بالتنسيق مع الأمم المتحدة للتراجع عن الخطوة والتفاوض مع بغداد وتقول إنها «لا تحوي على ضمانات»، إلا أنها تؤكد مواصلة الحوار مع «المجتمع الدولي». وأكد وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون خلال مؤتمر صحافي عقده أمس في بغداد أنه «سيلتقي رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني لنبلغه رفضنا الاستفتاء»، وأوضح «نحن ندعم جهود العراقيين للقضاء على الإرهاب، والاستقرار يتطلب التعاون بينهم والتحالف الدولي، وقد خسر تنظيم داعش ثلاثة أرباع الأراضي التي كان يسيطر عليها، وتم تحرير ٥ ملايين مواطن». وأبلغ رئيس الجمهورية فؤاد معصوم زعيم «الجبهة التركمانية» أرشد الصالحي بأنه «يبذل مساعيه في تقريب وجهات النظر والاطلاع على رؤى جميع الأطراف ذات الشأن من أجل تهيئة أرضية مناسبة يستند إليها الحوار للوصول إلى مخرج حقيقي للأزمة الحالية (بين أربيل وبغداد)». وذلك في إطار مبادرة طرحها معصوم في أزمة الاستفتاء الكردي. «المحكمة الاتحادية العليا» أعلنت في بيان أمس أنها «نظرت في الطلبات المقدمة لوقف إجراءات الاستفتاء في إقليم كردستان وفي المناطق المشمولة به، وبعد المداولة ولتوافر الشروط الشكلية القانونية في الطلبات، أصدرت أمراً ولائياً بوقف إجراءات الاستفتاء حتى حسم الدعاوى المقامة بعدم دستورية القرار المذكور»، لافتة إلى أن «ذلك جاء استناداً إلى أحكام المادة 151 من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969». وبيّن مكتب العبادي أن «القرار تم بناء على طلبه من المحكمة في شأن عدم دستورية إجراء انفصال أي إقليم أو محافظة عن العراق، وكذلك إصدار أمر ولائي بإيقاف إجراءات استفتاء انفصال إقليم كردستان»، في إطار سلسلة قرارات تتخذها بغداد لتقويض جهود الأكراد نحو الانفصال. وأعربت الهيئة السياسية لـ «التجمع المدني للإصلاح» بزعامة رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري أمس عن «قلقها من انسداد آفاق الحوار بين بغداد وأربيل حول الاستفتاء وتعذّر المفاوضات وغياب عقلية التنازلات والجلوس على مائدة الحوار»، وذلك على خلفية التصعيد الخطابي بين القوى العراقية والكردية. وأكد النائب عن «ائتلاف دولة القانون» عبد السلام المالكي في مؤتمر صحافي أمس «جمع 90 توقيعاً لمفاتحة المصارف العالمية لمعرفة أرصدة بارزاني وابن أخيه نيجيرفان ومحافظ كركوك، وإبرام عقود مشبوهة مع دول معادية لشراء أسلحة بطرق غير شرعية». في المقابل ردّ نائب رئيس برلمان الإقليم جعفر إبراهيم أمس على تصريحات وصف فيها زعيم الائتلاف نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي إقليم كردستان بـأنها «إسرائيل ثانية» قائلاً إن «شعبنا لن يسمح بأن يحكم (المالكي) وأمثاله كردستان ثانية، وهو مصدر مآسي وتدمير العراقيين كلهم»، وزاد أن «المالكي قتل من العرب في فترة حكمه ما لم تقتله إسرائيل». وفي شأن التحضيرات لعملية الاستفتاء، أعلن الناطق باسم مفوضية الانتخابات شيروان زراري خلال مؤتمر صحافي عن «تسجيل 11 كياناً سياسياً و64 مراقباً دولياً و65 مؤسسة إعلامية لمراقبة عملية الاستفتاء»، وأشار إلى «فتح مكتبين في محافظتي كركوك ونينوى لإدارة عملية الاستفتاء فضلاً عن تدريب الموظفين». وأضاف زراري أن «يوم التصويت للمواطنين الأكراد في الخارج سيكون في 23 و24 من الشهر الجاري، وتم إلغاء شرط تقديم البطاقة التموينية كشرط للتصويت بالنسبة إليهم لأن عدداً كبيراً منهم لا يملكونها، ويمكن الاكتفاء بتقديم الجنسية العراقية».
مشاركة :