الكتابة لأجل حياة أجمل!

  • 9/20/2017
  • 00:00
  • 18
  • 0
  • 0
news-picture

(1) لغة حين دلفت إلى المحل كانت الموسيقى تصدح هادئة من زاوية ما، أغنية أجنبية لم أفهم منها سوى عبارة تردد بصوت جماعي: «صلى الله عليه وسلم».. تجولت هنا وهناك، انتقيت أكثر من قطعة ودلفت إلى الغرفة الصغيرة خلف الستار أرتدي الثياب واحداً بعد الآخر، واحداً بعد الآخر، التنورة، القميص، البنطال، أتأمل الأزرار، أتحسس ملمس البطانة، مسافات الغرز على بعض الزوايا.. ترى من اخترع تصاميم الثياب وأسماءها؟! أتأملني في المرآة، خلف، أمام.. كنت سعيدة فقد وجدت معظم القطع رائعة، هذا بحد ذاته يعد مكسباً فلا جلد لي على متابعة التجوال ولا وقت لدي فرفيقتي بانتظاري في المحل الآخر، بين الفترة والأخرى تحدثني الصبية الشابة من خلف الستار فيما إذا كنت أريد مساعدة تأخذ قطعة وتعيد الأخرى وتحتفظ بما وقع اختياري عليه محمولاً بعناية فوق ساعدها، أخيراً انتهيت، أعدت ارتداء آخر ثيابي خطوت خارج الغرفة الصغيرة وأنا أردد أغنية عربية قديمة لا أدري لم خطرت بذاكرتي «سافر مع السلامة، ترجع مع السلامة» نظرت إلي الصبية متسائلة بعينيها وببضع كلمات تركية لا أعيها تماماً: هل طلبت شيئاً؟ قلت لها بالانجليزية: لا.. فقط أغني! أجابت مبتسمة بالتركية: عفواً.. لا أعرف الانجليزية!! تنظر إليها رفيقتها وتضحكان، أشاركهما بابتسامة وفي ذاكرتي كلمات بلغات مختلفة أود أن أبوح بها لمجهول بعيد أتمنى له العودة سالماً. (2) قرأت حواراً جميلاً مع الكاتب الروائي السوري نبيل ملحم على أحد المواقع الثقافية على الإنترنت، أجرى الحوار «معاذ اللحام» وقد استوقفتني أكثر من عبارة، من بينها سؤال: أنت لا تميّز بينك وبين أبطالك، هل كنت من بين أبطال رواياتك؟ أجاب نبيل: قبل قليل كنت أحكي مكالمة مع عادل المحمود، قلت له: «لا بد من اللجوء إلى طبابة نفسية»، فأجابني إنني قادر أن أعالج نفسي وأنا من خلق شخصيات روائية بالغة التعقيد، ونجحت في تفكيكها، قال لي عادل :»أنت طبيبك».. يضيف صاحب الأسئلة بدهشة: هذا اعتراف بأنك مريض؟ فيجيب الأستاذ نبيل: (لا يستدعي الأمر اعترافًا أو نكرانًا، نحن في الزمن المريض، زمن الحرب بما يحمل من هستيريا وعبث وانتهاكات لكل ما هو معافى فينا، كل رواياتي باستثناء «آخر أيام الرقص»، كتبت في زمن الحرب، وكل أبطالها من منتجات هذه الحرب، لقد ألقت الحرب بظلها الثقيل عليهم، وكنت أسعى للظفر بالتقاط شيء من الجمال في زمن الحرب هذا، كان جهدًا شاقًا حسب ظني، هذا الجهد فيه بعض من مساعي علاجي، نعم أنا مريض، وحيث أقرّ بذلك، تبتدئ فكرتي الجديدة عن العالم، وهذا هو الإنجاز الحقيقي الذي سرقته من أهوال ما يحدث)..

مشاركة :