قلت له: كم هاتف نقال معك؟ قال: اثنان، الأول مخصص للأهل والأولاد، والثاني للأصدقاء والأصحاب ثم سكت، فقلت له: فقط لديك اثنان؟ قال: الصراحة لا، وعندي ثالث أتركه بالمكتب وأحيانا بالسيارة، قلت له: لمن هذا؟ هل للعمل؟ فابتسم وقال لا: هذا للصديقة، قلت: وضح لي أكثر، قال: الصداقة أنواع منها رجالية وأخرى نسائية، وهذا الهاتف للصداقة النسائية، قلت له تقصد علاقة غير شرعية؟ فابتسم وقال: أنت تعيش بأي قرن؟ قلت له: لماذا؟ قال: لأنك تسميها (غير شرعية) فهذا الكلام قديم، في الزمن الذي نعيش فيه لا يوجد رجل من غير صديقة تأنسه وتسعده، قلت له: ولكن هذا (حرام)، وخاصة أنه لديك زوجة وأبناء، قال: الحرام والحلال في البيع والشراء، فأنا لا أسرق ولا أغش، والدين المعاملة والحمد لله أنا ناجح في عملي ومعاملتي للناس، ولكن هذه صداقة مفتوحة ومعها ميزات، قلت له: وما هي هذه الميزات؟ قال: يعني صداقة تحقق مصلحة لكل واحد منا، فبالنسبة لي تخفف عليّ من ضغط الحياة ومشاكلها، وأوقات أقضيها مع صديقتي لأرفه بها عن نفسي، أما بالنسبة لصديقتي فهي تريد أحدا يهتم بها ويمدحها ويعطيها الهدايا ونخطط للسفر معا فهذا الذي يسعدها. ثم بدأ يتحدث معي عن أنواع النساء، وما هي أهدافهن عند تكوين الصداقة، فقلت له: وماذا عن أهداف الرجال في نظام (الصديقة مع ميزات) ؟ قال: الرجال في الغالب يريدون شيئا واحدا وهو الإشباع العاطفي وعلاقة الفراش، فهذا نظام (الصديق مع ميزات)، قلت له: فإذا كانت هذه رغبتك الأولي فلماذا لا تتزوج بأخرى؟ منها تكون قد حققت رضا نفسك وكذلك رضا ربك فما رأيك؟ قال: ولكني بالمقابل سأخسر رضا زوجتي وأمي وربما رضا أولادي لو تزوجت، ولا يخفى عليك وضعي الاجتماعي ومركزي الوظيفي، فإنه لا يسمح لي بذلك، فلهذا أنا آثرت السلامة، قلت له: صحيح أنت آثرت سلامة الدنيا ولكنك خسرت الآخرة، قال: ولكنها صداقة مؤقتة وليست دائمة، وكلانا يعرف ذلك وباتفاق الطرفين، قلت: وماذا لو اكتشفت زوجتك هذه الصداقة؟ قال: لقد اكتشفت أكثر من مرة ولكني أتحايل عليها بطريقة ذكية وأغطي على الموضوع. أحببت أن أنقل لكم جزءا من الحوارات التي تكررت بيني وبين بعض الرجال، ولاحظت في الفترة الأخيرة أن هذه الظاهرة بدأت تنتشر بمجتمعاتنا، وهذه العلاقة موجودة أساسا عند غير المسلمين وتسمى (Frind with benefit) أو (Open relationship) يعني العلاقات الاجتماعية المفتوحة أو (صديق مع ميزات)، ولكننا إذا عرضنا هذا المنطق على مبادئنا الإسلامية وقيمنا فإن هذه العلاقة نسميها علاقة (غير شرعية)، وإذا وصلت لعلاقة الفراش وهي في الغالب فنسميها (زنا)، وهذه الظاهرة صارت منتشرة وتدعمها صناعات وبرامج على النت واللاب والهواتف النقالة؛ لتوفير المناخ المناسب لاستمرار مثل هذه العلاقات، وأنا لا أتكلم من فراغ أو أتحدث عن حالة فردية تحدثت معها، وإنما أنا أعرف تجمعات شبابية ونسائية يعيشون على هذا المبدأ (الصداقة الفتوحة) أو (صديق مع ميزات) وقد حدثوني بذلك. بل إني أعرف أكثر من امرأة قالت لي: إن مثل هذه العلاقة تشبعني عاطفيا وماديا، فالرجل الذي أصادقه يشتري لي الهدايا ويخطط لي سفرات ورحلات سياحية، ويأخذ مني ما يريد وليس لدي أي التزام تجاهه أو هو ملتزم تجاهي، فقط نقضي وقتا ممتعا مع بعض في وقت الإجازات أو عندما يحتاج أحدنا الآخر، فكلانا حر بهذه الحياة ويحقق ما يريد. وأذكر امرأة تحدثت معي بهذا المنطق، ثم استشارتني بما تعانيه من اضطراب نفسيتها، وعدم شعورها بالأمان، وأنها صارت لا تثق بأحد وخاصة الرجال، وصارت لا تشعر بفرح الترقيات أو المميزات التي حصلت عليها بوظيفتها، وهي لا تعلم أن سر هذا التذبذب والاضطراب هو تبنيها لنظام (الصديق مع ميزات)، وعدم تركيزها على تنمية إيمانها، الذي يحيي نفسها وقلبها لتتحقق الطمأنينة بذكر الله وطاعته والقرب منه «ألا بذكر الله تطمئن القلوب». مهما أقنع الإنسان نفسه بمتع الحياة أو بالسعادة في حياته المادية أو الجنسية، فإنه سيكتشف يوما أنه كان يعيش في وهم وخيال، فالسعادة الحقيقية في ثلاثة (الانسجام مع الذات، وتحقيق الرضا النفسي، وزياة الإيمان)، فالناس تعتقد أن الدين محصور بالصلاة والصيام والصدقة فيؤدونها بصورها لا بجوهرها، ويحرصون على أدائها من بوابة تبرئة الذمة، فلا يشعرون بأثرها وطعمها، ولكن السعادة في أن يتذوق الإنسان حلاوة الإيمان، وهناك فرق بين من يحمل الإيمان ومن يتذوق حلاوته، وأولى علامات تذوق حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إلينا من كل شيء، ويعني ذلك ألا نفعل أي شيء يغضب الله ورسوله، ونجاهد أنفسنا على ذلك ومنها (الصديق مع ميزات). وكم من رجل أو امرأة عشت قصتهم وأعرفهم شخصيا، قد تركوا نظام (الصديق مع ميزات) بعدما تذوقوا حلاوة الإيمان، ووضعوا أهدافا لحياتهم وصاروا منجزين متفوقين، فتحقق لديهم الرضا النفسي وصاروا ينظرون لأنفسهم نظرة ايجابية، وقويت علاقتهم بربهم، فاستطعموا السعادة الحقيقية، وصاروا مخلصين لعائلتهم وأبنائهم.
مشاركة :