خصوصية الفن التشكيلي الإفريقي المعاصر

  • 8/12/2014
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

إن الفن التشكيلي المعاصر في إفريقيا، قد بدأ يجد مكانه بين الفنون التشكيلية المعاصرة والمميزة. وهو فن أصيل وليس مهجناً دخيلاً. وقد لفت أنظار المهتمين من المدارس الفنية المختلفة. وذلك بتعدد وثراء مصادره ومرجعياته القديمة والأصيلة والمتعددة. وله عدة خصائص بدأت تميزه عن المدارس الفنية الغربية والأمريكية قديمها وحديثها. فالفن الإفريقي، يمتاز بصفاته المتعددة. وفي كليته هو نتاج وخلاصة لثقافات مختلفة ومتعددة وضاربة في القدم. وقد لاحظ أصحاب النقد الفني الغربي أن هذا الفن له أيقوناته، التي تشكل مرجعياته. وقد صدرت عدة كتب في الغرب تهتم بهذا الفن التشكيلي العريق، من أهمها كتاب الناقد الفني التشكيلي (جويل بيوساك)، الذي صدر له كتاب بالفرنسية لفت كثير من المهتمين بهذا الفن بعنوان (نظرات في الفن التشكيلي الإفريقي المعاصر). perspectives sur l’art contemporain africain. والذي ذكر فيه أن الفن التشكيلي الإفريقي هو نتاج تجميع حضاري ضارب في القدم. وله جذوره الممتدة بقدم المجتمعات الإفريقية قديمها وحديثها. لقد أطلق الكثير من النقاد على هذا الفن العديد من التسميات منها (الفن الغرائبي)، وبعضهم أطلق عليه الفن السحري، l’art magique، فهو الأقرب إلى الواقعية السحرية. فالمشاهد الأوروبي يتلقى فناً، لا يشبه ما تعارف على مشاهدته. فقد تجده كذلك بخطوط فنية تعليمية قد تكون توضيحية أحياناً، وغامضة في أغلب الأحيان. والبعض يطلق عليه (الفن المقدس)، لأن الأديان الإفريقية القديمة من ثيماته الرئيسية. فهو فن يميل إلى الروحانية، الذي يستخدم ما يطلق عليه النقد التشكيلي المعاصر (الفن الروحاني). وهو فن يستخدم ما يسمى بالمجاز المرئي. وصوره دائماً ما تكون مرتبطة بأبطال الأساطير الإفريقية القديمة والكلاسيكية، التي أُخذت من الاحتفالات والأعياد الدينية المختلفة بعضها قد اندثر وبعضها ما تزال طقوسه قائمة، رغم ميل بعضها إلى السرية. وهي في مجملها بعيدة عن الشخصانية أو الذاتية المفردة، وإنما تميل إلى أن تكون نوعاً من التعبير الذي يأخذ من أيقونات المجتمع العامة والمعروفة. فالفن التشكيلي الإفريقي، يعتبر وسيطاً روحياً، بينه وبين أولئك الذين يؤمنون بهذه الأساطير القديمة، التي قد تتعارض مع الأديان السماوية الموجودة في إفريقيا. فله في كل ما ذكرنا أدواته وخطوطه وألوانه التي يعبر بها عن كل هذه الثقافات الروحانية القديمة برمزية عميقة وليست مباشرة ومسطحة، فيها السحر ممزوجاً بالروحانية. فذلك يعتبر عاملاً توصيلياً مساعداً، لأن الفن التشكيلي الإفريقي لا يمتاح من الفلسفة الإفريقية. يحمل روح المكان ووعيه الجمعي. رغم أن البعض من التشكيليين في إفريقيا، قد تأثروا بالمدارس الأوروبية، بحكم السيطرة الاستعمارية الأوروبية، ولكن أغلبهم قد وظف معرفته بها في استدعاء ذاكرته الطفولية وثقافته المكانية المتعددة في خلق فن إفريقي لا يشبه الفن الأوروبي. رغم أن هذا الفن لا يزال بعيداً من الأوساط العامية غير المتعلمة التي ترى فيه وفي خطوطه نوعاً من استدعاء الأرواح الشريرة التي قد تؤذي وتضر. (*) كاتب وناقد سوداني.

مشاركة :