تواصل قطر الإنفاق بسخاء حول العالم لغسل سمعتها وصنع لوبيات تخدم مشروعها وتساعدها على بث سمومها في صنع القرار والصحافة والإعلام، وفي هذا الإطار كشفت وثائق عن إنفاق الدوحة أكثر من 20 مليون دولار منذ مطلع العام 2017، في مسعى لتحسين صورتها في الولايات المتحدة، إلا أنها تظل مكروهة في واشنطن، وليس أدل على ذلك من رفض الرئيس الأميركي دونالد ترامب مصافحة الشيخ تميم بن حمد خلال لقائهما الليلة قبل الماضية. وقال تقرير نشره موقع «كوسنرفتيف ريفيو» الأميركي: «تستثمر إمارة قطر الصغيرة في تقديم الملايين من الدولارات لمجموعات مؤثرة في واشنطن العاصمة، من أجل إعادة تأهيل صورتها مع الشعب الأميركي والعالم الغربي». وأضاف أنه «مع تواصل ظهور الروابط المؤكدة لها مع الجماعات الإرهابية، فإن قطر تعتمد الآن على حملة علاقات عامة واسعة لحل مأزقها»، مستطرداً أن «قطر في خضم خلاف دبلوماسي شرس مع جيرانها حول دعمها للجماعات الإرهابية، وعلاقاتها مع النظام الإرهابي في إيران». ولفت الموقع الإخباري إلى أن الخلاف القائم «وضع الولايات المتحدة في موقف غير مريح، نظراً لوجود قاعدة العديد الجوية في الدوحة، التي هي مقر القيادة المركزية الأميركية، وتستضيف أكثر من 11 ألف موظف أميركي». مستدركاً: «لكن تعاملات قطر مع الجهات الشائنة الفاعلة والإرهابيين الواضحين لم تُثرْ غضب الجيران فحسب، بل تسببت في مطالبة العديد من الأميركيين (مثل الرئيس ترامب نفسه) بأن يتوقف شريكنا عن توفير ملاذ آمن للإرهابيين وموجهيهم». واستطرد: «وعدت قطر مراراً وتكراراً بمعالجة هذه المخاوف وكبح العناصر المتطرفة داخل حدودها، ومع ذلك لاتزال المخابرات تتلقى معلومات بأن الدوحة لا تواصل دعم الإرهابيين فحسب، بل تضم أيضاً أعضاء رفيعي المستوى في حكومتها ومجتمعها، مشاركين في تسليح وتمويل الإرهابيين في سورية وغزة وأماكن أخرى». ولفت التقرير إلى ما قاله مسؤولون غربيون بأن «قطر ليست فقط الداعمة الأولى لحماس وجبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة، بل لتنظيم داعش أيضاً». وأردف: «بما أن قطر لم تظهر اهتماماً كبيراً بإصلاح عناصرها الأكثر أصولية، فإن النظام الحاكم الغني هناك قرر تفريغ الملايين من الدولارات في الولايات المتحدة في محاولة لتعزيز صورتها مع صناع القرار في واشنطن». ولفت التقرير إلى تعاقد قطر مع سبع شركات علاقات عامة في الولايات المتحدة، وقال في هذا الصدد: «لدى قطر حالياً تعاقدات بملايين عدة من الدولارات مع سبع شركات علاقات عامة مختلفة في واشنطن، وتكلف هذه المجموعات بغسل سجل قطر في مختلف القضايا، بدءاً من علاقاتها الإرهابية المقلقة إلى موقعها الدبلوماسي». ويشير التقرير إلى أن قطر تتحرك أيضاً في نقل الأموال إلى مراكز الفكر، سعياً للتأثير على النقاش داخل المجتمع الأكاديمي النخبوي في واشنطن. وذكر في هذا الإطار: «في حين تركز جهود الضغط القطرية في واشنطن، فإنها مصممة أيضاً على الوصول إلى جمهور أوسع في العالم الأكاديمي، من خلال مشاريع تعاونية مع بعض من أفضل الجامعات في أميركا». وختم التقرير: «مع وجود أكوام من الأدلة التي تظهر روابط مباشرة بالإرهاب، ووجود قيادة لا تنوي القيام بإصلاح حقيقي، لايزال يتعين علينا أن نرى ما إذا كانت قطر ستنجح في الجهود الرامية إلى دفع طريقها للخروج من أزمة صورتها الحالية». ورغم حجم الإنفاق القطري السخي فإنها أصبحت الآن مكروهة في دوائر العاصمة الأميركية واشنطن أكثر من أي وقت مضى، بسبب دعمها للإرهاب، وفقاً للمحامي الأميركي أندرو هارود، الذي أضاف في مقاله على موقع «ديلي كولر» الأميركي، أن قطر كانت ولسنوات بمثابة الممول الرئيس لعناصر حماس وتنظيم القاعدة، بينما تشجع شبكة الجزيرة القطرية على الإرهاب بلا خجل. وقال هارود إن قطر تمكنت بطريقة ما من الهرب بصورة كبيرة من التدقيق الذي يستحقه سجلها البغيض تماماً، مشيراً إلى مقال سابق له أوضح فيه أن كل ذلك تغير الشهر الماضي عندما وظفت قطر نائب رئيس طاقم الموظفين السابق للسيناتور تيد كروز عن ولاية تكساس، نيكولاس موزين، بأن دفعت لشركته «ستونينغتون ستراتيجيز» 50 ألف دولار شهرياً. وبحسب هارود، فإن قطر أرادات من موزين ترتيب اجتماعات بين القادة اليهود الأميركيين وأمير قطر تميم بن حمد، وقال: «يبدو أنه مع اليهودي الأرثوذكسي موزين، شعر المسؤولون القطريون بأنهم اشتروا على الأقل مظهر الدعم من الجمهوريين اليهود». وأوضح هارود أن الخطة كانت ماكرة ولكن بسيطة، فسوف يرتب موزين اجتماعات «سرية» للأمير القطري مع قادة عدة من المجتمع اليهودي، ثم تسريب أقاويل بأن مجموعة من القادة اليهود كانوا سعداء بمقابلة الأمير الذي تتجنبه الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب؛ السعودية والإمارات والبحرين ومصر، كما أشار العديد من القادة اليهود الذين تحدثوا عن هذه القصة إلى أن مضمون الاجتماعات سيكون غير ذي صلة. وفي إطار الكراهية التي أصبحت تلاحق كلمة قطر بسبب نظامها، كان رفض ترامب مصافحة تميم بن حمد أمام الكاميرات، ما أثار موجة سخرية على مواقع التواصل الاجتماعي. موقف ترامب عكس في عفوية لا تكترث كثيراً للبروتوكول ما يعانيه من قيود وانقسامات داخل إدارته التي أتمت قبل أيام شهرها الثامن داخل البيت الأبيض، وكشفت ما يعانيه من انحياز بعض المنتمين للدولة العميقة والمؤسسات الموالية للحزب الديمقراطي، وأولئك الذين تربطهم علاقات ما وراء الستار بإمارة قطر وأمراءها ومسؤوليها. فمن أذرع إعلامية موالية للمرشحة الخاسرة هيلاري كلينتون والرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، إلى وزير الخارجية ريكس تيلرسون، الذي تربطه علاقات بمسؤولين ورجال أعمال قطريين، وصولاً إلى اشتعال الصراعات داخل فريق المستشارين ومجلس الأمن القومي الأميركي؛ توالت الأزمات التي واجهتها مساعي الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإدراج قطر على قوائم الدول الراعية للإرهاب، خصوصاً منذ تصدي الدول العربية لدور نظام تميم بن حمد في دعم وتمويل الكيانات الإرهابية، وإعلان الرئيس الأميركي انحيازه لهذا التحرك. وكواليس الصراعات الخفية بشأن ملف قطر داخل البيت الأبيض كشفها المستشار السابق للرئيس ترامب، الذي استقال من منصبه في البيت الأبيض قبل أقل من شهر، ستيفان جوركا، بعدما أكد وجود ما أسماه بـ«عملية إقصاء» تجرى داخل البيت الأبيض لأصحاب التوجه المحافظ الصارم في مكافحة الإرهاب، محذراً من عرقلة جهود ترامب لمواجهة التنظيمات المتطرفة وفي مقدمتها جماعة الإخوان، والدول الراعية لها ومن بينها قطر.
مشاركة :