غيرة الأدباء

  • 9/21/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

عندما قال الكاتب البيروفي ماريو بارجاس يوسا إن الغيرة تشوش العقل، ولا تسمح بالتفكير المتعقل، كان يدرك أن غيرة الأدباء أشد إيلاماً ووقعاً من غيرة البسطاء، وأنها قادرة على تدمير كل شيء، وقد تصل الغيرة بين الأدباء إلى درجة الإقدام على الانتحار. وتتجلى الغيرة في قصة أديبين من أشهر أدباء اليابان وهما ميشيما وكاواباتا، اللذان انتهت صداقتهما الطويلة التي كانت بدأت إثر تشجيع كاواباتا لميشيما بعداوة صامتة بسبب الغيرة التي قضت على كل شيء تماماً. لقد استمر الكاتبان بتبادل الرسائل لأكثر من نصف قرن، وكانت جميعها رسائل ود واحترام، ولا تخلو من عبارات المجاملات والتقدير إلى أن انقطعت بعد فوز كاواباتا بجائزة نوبل في الأدب.لقد تغيرت من لحظة فوز كاواباتا العلاقة بين الكاتبين على الفور بسبب الغيرة التي شوشت عقل ميشيما، ودفعته لما هو أسوأ. لم يهنئ ميشيما معلمه كاواباتا بالجائزة، ولم يكتب له ما سيتوقعه فائز في مثل هذه المناسبة، بل كانت آخر رسائله إلى كاواباتا التي لم يأخذها هذا الأخير على محمل الجد، محملة بالكثير من المشاعر المضطربة والتشويش وتلمح إلى مشروع انتحار ميشيما الذي نفذه بالفعل. وبعد سنتين من انتحار ميشيما ينتحر كاواباتا هو الآخر، كأنه رد غير معلن على انتحار صديقه السابق، ويذكر الناقد الذي أشرف على نشر رسائلهما أن صدمة ميشيما بفوز كاواباتا بجائزة نوبل كشفت عن رغبته في منافسة معلمه وحلمه بالحصول على الجائزة قبله.أما غيرة الكاتبة الألمانية أنجبورغ باخمان التي كانت تتبادل الرسائل مع الكاتب الروماني باول تسيلان فقد بدأت بعد انقطاع هذه الرسائل وتحولها إلى حوارات صامتة بعد زواج تسيلان، ويفاجئ هذا الأخير أنجبورغ بإهدائها ديوانه الأول «خشخاش وذاكرة» مع رسالة كتب فيها «إلى أنجبورغ»، وهو ما جعل أنجبورغ ترد عليه بإصدار ديوانها «الوقت مع وقف التنفيذ»، مع رسالة كتبت فيها «إلى باول، التبادل من أجل أن نتعزى»، واستعرت غيرة تسيلان إثر قيام أنجبورغ بدعم الكاتب الشاب ماكس فريش، فكتب إليها يطلب منها التوقف عن مراسلته قائلاً «إنه قاس جداً بالنسبة إليّ يا أنجبورغ، لذا أتمنى منك ألا تكتبي إلي مطلقاً، ليس اليوم فقط، بل لفترة طويلة قادمة». وبعد انتحاره كتبت أنجبورغ في روايتها «مالينا» آخر عبارة تقصد بها تسيلان جاء فيها: «كان حياتي، وكنت أحبه أكثر مما أحب حياتيباسمة يونسbasema.younes@gmail.com

مشاركة :