تناثرت أخبار بين عدد من الصحف الغربية تزعم أن المملكة العربية السعودية كانت على وشك شن حرب عسكرية على قطر. ومن ذلك ما نشره الكاتب بيل ترو في صحيفة التايمز البريطانية، اليوم الخميس عن أن السعودية وحلفاءها كانوا يخططون لهجوم عسكري على قطر قبل أن يتدخل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ويقنعهم بعكس ذلك. ويعود ترو إلى شبكة بلومبرج الإخبارية، أحد المصادر التي أشاعت هذه المزاعم، ليستكمل الرواية التي تقول إن ترامب تدخل بعدما قاطعت السعودية والإمارات والبحرين مصر دولة قطر، وأضاف أن السعودية والإمارات كانتا تفكران في شن هجوم عسكري ضد قطر، حسبما قال مصدران لبلومبرج، ولكن ترامب تدخل للحيلولة دون ذلك، قائلا إن الهجوم سيؤدي إلى أزمة ستكون المنتفعة منها إيران. ونقل ترو عن بلومبرج قول مسؤولين، إن ترامب أجرى سلسلة من الاتصالات الهاتفية لجميع الأطراف، قائلا إن الأزمة ستشتت انتباه حلفاء واشنطن، وهي تحاول تشكيل جبهة موحدة ضد إيران. ترامب ينفي تلك الرواية الملفقة نفاها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في مؤتمر صحفي على هامش اجتماع الأمم المتحدة، الثلاثاء، وأوضح أنه لم يحذر السعودية من التحرك عسكريا ضد قطر، متوقعا انتهاء الأزمة قريبا. وقال ترامب، إنه يعتقد أن الخلاف بين قطر وبعض من الدول العربية سيجد طريقه إلى الحل قريبا. وقد اهتم بعض الكتاب العرب بالرد على تلك المزاعم التي اتخذت سبيلها للانتشار بين صحف غربية. ففي مقاله “حكاية الغزو السعودي الإماراتي لقطر!” بصحيفة “الشرق الأوسط”، يقول الكاتب والمحلل السياسي عبدالرحمن الراشد: “إحدى الوكالات الإخبارية نسبت للبيت الأبيض قوله إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نجح في منع هجوم عسكري سعودي إماراتي على دولة قطر، ولم تمضِ ساعة حتى أصدر الرئيس الأمريكي بياناً يكذّب الحكاية.. ثم ظهر خبر آخر يقول: إن ترامب وبّخ أمير قطر، الشيخ تميم، عندما التقاه في نيويورك، وأظهر له معلومات سرية تؤكد أن قطر لا تزال تمول الإرهاب، برغم أنها وقّعت تعهداً مع الأمريكيين قبل أسابيع بأن تكفّ عن ذلك”. ويعلق الراشد قائلا: “يتم ترديد كثير من الحكايات لأغراض سياسية، في حين هناك منطق ينفيها، فطبيعة الأزمة وكذلك تحصّن قطر المبكر بالقواعد الأمريكية والأحلاف العسكرية الدولية، يحول دون التفكير في ذلك، لكن قطر لجأت إلى هذه الدعاية منذ يونيو الماضي، لاستدرار التعاطف مثلاً في الكويت، وتصوير الدول التي هي على خلاف معها كدول شريرة، الحقيقة هي عكس ذلك، فقطر تعمل منذ سنين على إضعاف واستهداف -وبالتالي إسقاط- أنظمة مثل السعودية والبحرين، وكذلك مصر؛ فاستهداف دولة البحرين ليس سراً بدعمها المعارضين الذين يعلنون عزمهم إسقاط الحكم، وهي منذ التسعينيات -ولا تزال إلى هذا اليوم- تموّل المعارضة السعودية الدينية المتطرفة في لندن، التي لا تُخفي رغبتها في إسقاط الحكم السعودي، ومتورطة في محاولة اغتيال الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز؛ أما في مصر فتكفي مشاهدة وسائل إعلام قطر لليلة واحدة لسماع الدعوات الصريحة لإسقاط حكومة السيسي بالقوة؛ هذا عدا تورط قطر في تمويل المعارضة بشكل مستمر وكبير”. ويرى الراشد، أن سياسة دول المقاطعة تقوم على العزل والإضعاف، بهدف وقف التدخل القطري، وعلى الرغم من ذلك، لم تقدم أي دولة من الدول المتضررة على مشروع مسلح، ولا تحريضي آنذاك ضد قطر، حتى الرئيس المصري السابق حسني مبارك برغم أنه كان أكثر من استهدفه القطريون بالتحريض، فقد رفض أن يرد على الحكومة القطرية واكتفى بالتجاهل، الدول الأربع (السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين)، أعلنت عن نفسها وعن برنامجها ضد قطر، وهناك أكثر من عشر حكومات عربية صامتة متحمسة معها ضد قطر. موقف النظام كان مخجلا وفي مقاله “حقيقة التدخل العسكري في قطر” بصحيفة “الشرق الأوسط”، يقول الكاتب والمحلل السياسي سلمان الدوسري: “اختصر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كل المسلسل القطري الهزيل في الترويج لحكاية التدخل العسكري، وأمام أمير قطر نفسه، مجيباً عن سؤال ما إذا كان قد حذّر السعوديين بشأن التحرك عسكرياً ضد قطر بقوله «لا»، وأظن أن موقف النظام القطري كان مخجلا ورئيس أكبر دولة في العالم يفند قصة ارتكزت عليها سياسة المظلومية القطرية منذ اليوم الأول للأزمة، تبريراً لسماحها بدخول قوات أجنبية بأعذار واهية في سبيل التحريض على الدول الأربع، دون أن يعلم النظام أن هذا السيناريو لا يضر خصومه بقدر ما يثبت أنه فعلاً نظام هش وبات يشكل خطراً على الأمن الإقليمي وأمن دول الخليج”. الخوف ينهش أوصالهم ويضيف الدوسري، “كذبة أخرى تُسقط مصداقية الدوحة أمام العالم، يبدو معها النظام القطري متعرياً من أي غطاء يُعينه على مواجهة آثار المقاطعة، وما الترويج لمسرحية التدخل العسكري إلا دليل جديد على مقدار الخوف الذي ينهش في أوصال النظام، وكل يوم يمر تتعمق الأزمة أكثر وأكثر، وتتغافل الدوحة وتغمض عينها، إن الخشية الحقيقية ليست من التدخل العسكري الخارجي المزعوم، بقدر ما هي من سياسات ثورية فاشلة تزيد من الأعباء التي لن تستطيع الدوحة الخروج منها إلا بصعوبة بالغة وتكاليف باهظة”.
مشاركة :