طالبت الأم المفجوعة في طفليها (عبدالله وأحمد) اللذين زج بهما والدهما في الصراع الدائر في سورية بعد إعلانه الانضمام إلى ما تسمى بدولة الخلافة الإسلامية «داعش»، طالبت في أول حديث موسع لها خصت به «الرياض» عقب إفاقتها من هول الصدمة وخروجها من المستشفى، المجتمع والجهات المختصة بألا يعطوا الفرصة للمتطرفين لخطف أبنائهم والتحكم بمصير ومستقبل جيل كامل من الصغار والشباب، مشددة على ضرورة ألا يكون مثل هؤلاء أقوى منهم فيدهورون المجتمع، مبدية في حديثها مخاوفها البالغة من ظهور العديد من الأشخاص فيما بعد يكررون نفس السيناريو في خطف أطفالهم ومن ثم الزج بهم في القتال المشتعل في الدول المضطربة بالمنطقة. «أم عبدالله» تحذّر من تكرار سيناريو الزج بالأطفال في ساحات الصراع وبنبرات مؤثرة للأم المكلومة في طفليها وهي تشاهد صورهما وهما في حالة استعداد للقتال حاملين أسلحة الكلاشنكوف والقنابل وخلفهما الشعار الأسود الذي يرمز لمستقبل مظلم لمن يدخل دهاليز هذا التنظيم الإجرامي الخطير.. قالت «أم عبدالله» إن هذه الصورة كانت «الصدمة القاضية» بالنسبة لي بعدما صدمت قبلها بنبأ خروجهم إلى هناك ثم صدمت مرة أخرى بتلك الصورة التي وضعتني أمام الأمر الواقع وأمام مصير مجهول ينتظر ابني اللذين لم يكملا (10 و12) ربيعاً على وجه هذه الدنيا. (وقع الصدمة) قالت «أم عبدالله» ل «الرياض» التي هاتفتها وهي إلى جوار الحرم المكي الشريف حيث تقضي أياماً هناك بعد فاجعة فقدها لطفليها المؤلمة: «إنني لم أعد أحتمل أي صدمة أخرى بعد ما حدث وليس بي طاقة لتحمل أي مفاجأة، فما حدث لي أكبر مني بكثير ولا يحتمله أي إنسان، ومنذ أيام وأنا منقطعة عن الحديث مع الجميع بعدما أبلغت الجهات المختصة بالحادثة في انتظار ما ستسفر عنه جهودهم لاستعادتهما لي. وبعد صمت استطردت: «أشعر أني في حلم حتى الآن وأن ما يحدث لي ليس حقيقة وكنت أكذب نفسي وأنا أتلقى نبأ دخول طفليّ للأراضي السورية وأتلقى صورهم بالسلاح، بأن من ظهرا في الصورة ليسا ابني فأنا أعرفهما جيداً فهم أفضل مما ظهرا عليه». وعما إذا كانت ترى حالة الإعياء والتعب على ملامح طفليها في الصورة التي ظهرا فيها ومدى دلالات ذلك على احتمالية أن يكونا قد قطعا مسافات طويلة سيراً على الأقدام عقب عبورهم الحدود التركية السورية الى الداخل السوري، ذكرت أن ذلك حدث بكل تأكيد، فهما أفضل مما ظهرا عليه لدرجة أنها شكت بأن الصورة مفبركة». والدهما أعلن انضمامه مع ابنيّ لدولة الخلافة المزعومة عقب وصوله إلى سورية (رسائل الثالثة فجراً) وروت «أم عبدالله» تفاصيل رسائل «الثالثة فجراً» ثالث أيام العيد التي تلقوها من والد الأطفال الذي انفصلت عنه قبل سنوات، حيث أبلغهم فيها بمغادرته إلى سورية عن طريق تركيا للمشاركة في القتال هناك بعد أن أوهمهم انه في رحلة الى دبي بصحبة الأطفال، وطالب أسرته بأن يستلموا سيارته من المطار، كما طالبنا بأن نحتسب الأطفال عند الله، موضحاً انه متوجه الى دولة الخلافة كما يقول للانضمام مع خليفتهم المزعوم أبو بكر البغدادي، وعندما حاول أخي وأقاربه الاتصال به أبلغهم بأن هاتفه للرسائل فقط، فأرسل له أخي ليوضح أن ما فعله لا يجوز وأن الأطفال لم يبلغوا سن الرشد، فرد بأن البلوغ ليس له علاقة فيما أقدم عليه. (تحول الأب) وحول ما إذا كانت قد بدت عليه علامات التحول في فكره في أيامه الأخيرة ومدى ملاحظتهم ذلك، أفادت أنها منفصلة عنه منذ نحو 6 سنوات ولا تعرف عنه أي شيء إلا أنها حسب علمها وحسب تعامله مع أطفاله لم يظهر عليه أي شيء يشكك أي قريب منه في وضعه، حيث كان تعامله جيداً مع أبنائه وكذلك اهتمامه بهم وتلبية متطلباتهم وكان كثير السفر بهم وكانت كافة سلوكياته معهم لا تظهر أي أمر يدل على انه كان مبيتاً النية للخروج للقتال. وأضافت أن وضعه المالي كان جيداً حيث تنقل في العمل بين عدة جهات وعمل بعد ذلك في شركة إلا أن ملاحظتها عليه في الفترة الأخيرة انه كان كثير الصرف على أطفاله بطريقة لافتة فقد كان يلبي لهما كل طلباتهما من الألعاب والأجهزة الإلكترونية من أغلى الأصناف، وكنت أشك في هذا التحول المفاجئ في هذا الجانب. وأفادت أنها فور علمها بحادثة مغادرته مع أطفالها إلى سورية أبلغت وزارة الداخلية على الرقم (990)، ثم تواصلت مع سفارة المملكة العربية السعودية في أنقرة ومع شؤون الرعايا هناك لمتابعة مستجدات القضية، كما زودت الجهات المختصة بصور طفليها، ولا تزال تنتظر كل لحظة أي بارقة أمل في عودتهما الى أحضانها. (الضربة القاضية) وعن وقع الصورة التي ظهر فيها طفليها حاملان السلاح على أقاربهم خصوصاً الأطفال منهم، أوضحت «أم عبدالله» أن الجميع غير مستوعب ذلك ولم يصدقوا أن شخصاً سيقدم على عمل جريء وغير محسوب العواقب كهذا بل إن البعض من هول الصدمة كان يشكك بأن الصورة مركبة عبر برنامج ال»فوتوشوب»، معتبرة أن هذه الصورة هي الضربة القاضية بالنسبة لها التي وضعتها أمام الأمر الواقع بعد رسائله التي سبقتها والتي أكد فيها انه مغادر الى هناك. وفي سؤالنا لها عن هوية الشخص الذي ظهر في الصورة مع طفليها أشارت، الأم إلى أنها لا تعرفه ولأول مرة تراه، متوقعة أن يكون على علاقة بوالد طفليها وان الأخير هو من كان يلتقط الصورة التي ظهرت. (حياة الطفلين) وبخصوص وضع طفليها الغائبين (عبدالله وأحمد) قبل الحادثة، لفتت والدتهما الى أن وضعهم الدراسي ممتاز جداً، وكانا ينشران صور احتفالهما بنجاحهما في المدرسة وصورهما في مناسبات أخرى على مواقع التواصل الاجتماعي، ولم يبديا أي أمر يثير الشكوك في علاقتهما مع والدهما أو ما يظهر نيته في الإقدام على فعلته، وكذلك حالتهما المعيشية والاجتماعية الأخرى حيث تجاوزا موضوع انفصالها عن أبيهم تماماً ولم يكن لذلك أي تأثير عليهم، كما أن ليس لديهم أي مشاكل نفسية أو غيرها قبل الحادثة، مؤكدة أن ما حدث كان مفاجأ للجميع. وختمت «أم عبدالله» حديثها طالبة من الجميع الدعاء لها لتجاوز ما تمر فيه من صدمة والدعاء لطفليها بأن يعودا إليها سالمين، كما دعت كل من بيده شيء لعمله لإنهاء المأساة والحرقة التي تعيشها ليل نهار.
مشاركة :