بدأت الأمم المتحدة الإعداد لعقد مؤتمر وطني يجمع طيفاً واسعاً وشاملاً من الأطراف الليبيين، على أن يلتئم برئاسة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إما في «مكان مناسب في ليبيا» أو في مقر الأمم المتحدة، ليشكل انطلاقة عملية لـ «خطة العمل من أجل ليبيا» التي وضعها الموفد الخاص غسان سلامة كخلاصة لمشاوراته الليبية والدولية لتشكل «خريطة طريق» يُؤمل أن تُطبق خلال سنة. وقال ديبلوماسيون في نيويورك إن «خطة العمل» تبدأ مع انعقاد لجنة صياغة تعديلات «اتفاق الصخيرات» في ٢٦ أيلول (سبتمبر) الجاري في تونس، لكي تعدل الاتفاق وفق ٤ نقاط أساسية. وأوضحت المصادر ذاتها أن التعديلات ستشمل «تقليص عدد أعضاء المجلس الرئاسي من ٩ أعضاء إلى ٣، وتشكيل حكومة الوفاق الوطني وفصلها دستورياً عن المجلس الرئاسي، وإرساء قيادة موحدة للقوات المسلحة الليبية، وتحديد دور المجلس الأعلى للدولة «. ويعتزم سلامة فور تبني التعديلات، دعوة الليبيين الى عقد «مؤتمر وطني شامل وموسّع» يرأسه الأمين العام للأمم المتحدة «إما في مكان مناسب في ليبيا أو في مدينة يوجد فيها مقر للأمم المتحدة، سيدعى إليه أعضاء مجلس النواب ومجلس الدولة وشخصيات ليبية من بينها مسؤولون سابقون وقادة قبليون وممثلون عن هيئات نسائية وأقليات وآخرين». ووفق «خطة العمل»، يهدف عقد المؤتمر الى التوصل الى «إجماع واسع النطاق على الخطوات التالية في العملية السياسية، وإطار زمني محدد لتطبيقها» إضافة الى التوافق على أعضاء المجلس الرئاسي المقبل والحكومة، رئاسة وأعضاء. ووفق تصور سلامة، سُتدعى هيئة صياغة الدستور إلى المؤتمر الوطني للنظر في مسودة الدستور في ضوء ما يقرره المؤتمر بناءً على آراء المشاركين فيه. وسيكون على البرلمان أن يقر تشريعات تتناول قانون الاستفتاء والانتخابات البرلمانية والرئاسية، وهو ما يجب أن يترافق مع إجراءات لتحسين الوضع الأمني والاستقرار السياسي في البلاد، وتوسيع نطاق المصالحة الوطنية، والانخراط في حوار مع المجموعات المسلحة «لدمج عناصرها في العملية السياسية وعودتهم الى الحياة المدنية»، فضلاً عن العمل على «مبادرة موازية لإعادة توحيد الجيش»، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية بعد سنة من عقد المؤتمر الوطني. وتلقى سلامة دعماً دولياً كبيراً لخطة عمله التي أعدها لإعادة إطلاق العملية السياسية في ليبيا خلال قمة جمعت أول من أمس، قادة دول عدة من بينها فرنسا وبريطانيا وإيطاليا ومصر الى جانب الأمين العام للأمم المتحدة. وأبلغ سلامة المشاركين أنه سيدعو لجنة صياغة تعديلات «اتفاق الصخيرات» الى مقر بعثته في تونس للبدء الأسبوع المقبل بالعمل على تعديل الاتفاق وفق ما توافق عليه الليبيون. أما غوتيريش فشدد على أن الأزمة الليبية تقف أمام فرصة ثمينة يجب اغتنامها لإطلاق عملية سياسية والتوصل الى حل. وتعهدت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي دعم جهود الأمم المتحدة وتقديم مساعدة مالية لتقوية خفر السواحل الليبي ودعم القطاع الطبي والبنية التحتية، مشددةً على أهمية التقيد بإطار زمني للعملية السياسية. وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإيطالي باولو جنتيلوني دعم بلديهما الكامل عمل الأمم المتحدة. وحضّ الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على ضرورة العمل سريعاً لتعديل الاتفاق السياسي والخطوات التالية «قبل ١٧ كانون الأول (ديسمبر) المقبل موعد الانزلاق الى الفراغ، تمهيداً لإجراء انتخابات تطوي المرحلة الانتقالية». وشدد على ضرورة دعم المؤسسات الليبية وفي مقدمها الجيش وتوحيده. وقال رئيس حكومة الوفاق الليبية فائز السراج: «مددنا يدنا للمصالحة ودعونا كل الفرقاء إلى الحوار ونقف الآن على مفترق لم يعد فيه مجال للتسويف». وذكّر بأن لقاء باريس الذي جمعه بقائد الجيش المشير خليفة حفتر تضمن «احترام التداول السلمي للسلطة وتوحيد المؤسسة العسكرية تحت سلطة مدنية». ودعا السراج المجتمعين الى الاتفاق على عقد مؤتمر دولي «لإعادة إعمار ليبيا لكي نكون جاهزين للمرحلة المقبلة».
مشاركة :