سلمت «الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان» تقرير لجنة تقصي الحقائق بشأن السجون السرية المزعومة في اليمن إلى مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.وسلم التقرير أحمد الهاملي رئيس الفيدرالية إلى محمد علي النسور، رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في المفوضية بمكتبه بمقر الأمم المتحدة في جنيف.وقال الهاملي، في معرض تسليم التقرير، إن الفيدرالية كانت حريصة للغاية على تقصي الحقائق المتعلقة بمزاعم السجون السرية في اليمن، ولذلك شكلت لجنة للوقوف على الحقيقة. وأكد أن الفيدرالية سعت بحيادية للتحقق من المزاعم، ولذا حرصت على أن تضم اللجنة حقوقيين وقانونيين يمنيين؛ سعياً للتأكد من مدى صدقية الادعاءات.وقال النسور: «جاءتنا معلومات بخصوص السجون السرية ورفضت إدراجها ( في تقارير)؛ لأنني غير متأكد من صدقيتها». وأرجع موقفه إلى «صرامة مهنية المفوضية فيما يتعلق بالادعاءات» تحري الدقة.وفي تقريرها، فندت لجنة تقصي الحقائق المزاعم التي تروج لوجود السجون المزعومة. وأوصت اللجنة منظمات المجتمع المدني بتحري الدقة والاعتماد على مصادر موثوقة وليس الادعاءات الكاذبة. ودعت كل الأطراف السياسية في اليمن إلى عدم تسييس قضية حقوق الإنسان. وصدر تقرير اللجنة بعنوان «تقرير لجنة تقصي الحقائق بشأن أوضاع السجون في محافظتي عدن وحضرموت اليمنيتين».ومارست اللجنة عملها لمدة شهر بين 15 يونيو/ حزيران إلى 15 يوليو/ تموز 2017. وتقول الفيدرالية، إنها شكلت هذه اللجنة في إطار متابعة تنفيذ مهمتها في مراقبة أوضاع حقوق الإنسان في البلدان العربية، بهدف «التأكد من مدى صحة الادعاءات بوجود سجون سرية يُزعم تعرض نزلائها لأساليب التعذيب، وتلمس مدى تطابق المعايير الإنسانية على أوضاع السجون الرسمية ونزلائها».ووفق التقرير فإن أعضاء لجنة تقصي الحقائق «استطاعوا إجراء الاتصالات اللازمة؛ لإنجاح مهمتها والنزول الميداني إلى السجون والالتقاء بالمعنيين بأمرها وكذا مع المساجين والمحتجزين».ويؤكد التقرير «الالتقاء مع المسؤولين والقائمين على تلك السجون، ومع ممثلي النيابة العامة والتحدث إلى العشرات من نزلائها، وقامت بتوثيق تلك اللقاءات والنزول الميداني بفيلم وثائقي وبعشرات الصور والمقاطع الصوتية». وقد زارت اللجنة سجن المنصوري المركزي في مدينة المنصورة في محافظة عدن.وحسب التقرير، فإن جميع النزلاء الذين استمعت اللجنة إليهم لم يكن أي منهم معتقلاً في قضية سياسية، ولكن في حوادث بشبهات جنائية أو إرهابية. وقد أكد السجناء عدم تعرضهم لأي تعذيب أو مضايقات داخل السجن أو أثناء التحقيق. وعقدت لجنة تقصي الحقائق اجتماعاً مع إدارة البحث الجنائي في محافظة عدن، وهي مختصة بالتحقيقات. وقطع مسؤولو الإدارة بعدم وجود أي معتقل سياسي لديهم. وفي عدن أيضاً، زارت اللجنة معسكر ماطر في مدينة الريقا. وكانت تقارير قد أشارت إلى وجود سجن سري به معتقلون سياسيون في قاعدة «وضاح»، التي تحولت من منتجع سياسي إلى مقر لقيادة اللواء الأول مشاة. ويقول تقرير لجنة تقصي الحقائق، إن اللجنة زارت السجن فجأة دون أي موعد مسبق، وأجرت مقابلة مع قائد اللواء، وتم تفتيش المكان بدقة. وشملت الزيارات معسكر جبل حديد للواء الأول مشاة، الذي زُعم أن به سجناً سرياً. وتأكد للجنة عدم صحة الادعاءات، ووجدت في المعسكر غرفة كبيرة تستخدم لتوقيف الجنود المخالفين التابعين للواء.وقد واجهت اللجنة ما وصفته بعراقيل أحياناً، خلال تأدية المهمة، منها تشدد بعض القائمين على شؤون السجون أو بعض الحراسات الأمنية، مبررين ذلك بأعذار إجرائية، إلا أن تدخل مديري السجون ذلل العراقيل. وفي محافظة حضرموت الساحل، زارت اللجنة في المكلا السجن العام المؤقت في مركز الاحتجاز لإدارة أمن المدينة، ومركز الاحتجاز للبحث الجنائي، مديرية الأمن، الإدارة العامة للنيابة العامة.وأكدت لجنة تقصي الحقائق أن أوضاع السجون والنيابة والمحاكم هي نتيجة ما ارتكبته الميليشيات الانقلابية أثناء اجتياحها لمدينة عدن في 15 مارس 2015، والعناصر الإرهابية لمدينة المكلا في 29 إبريل من العام نفسه.وحسب اللجنة، فإن تحقيقاتها التي أجريت بدقة ومهنية أكدت أنه «لا توجد أي سجون سرية، لا في محافظة عدن أو محافظة حضرموت، وبالتالي فإن أية مزاعم تدعي عكس ذلك غير صحيحة بل ومغرضة».وتشدد اللجنة على «عدم عثورها أو وصول أي شيء إلى مسامعها عن وجود أية سجون سرية خارجة عن نطاق القانون، سواء أكانت سجوناً تخضع للقانون العام، أو سجوناً تخضع للقانون العسكري».وفيما يتصل بالشكاوى، قال التقرير إن أعضاء اللجنة لم يتلقوا أي شكوى تشير إلى وجود حالات اعتقال تعسفي أو حالات اختفاء قسري أو احتجاز غير قانوني. ومن بين 31 نتيجة خلصت إليها اللجنة، تأكد كما يقول التقرير «عدم وجود أية قوات تتبع التحالف العربي تدير أو تحرس تلك السجون... وعدم وجود أية جهات تحقيق تتبع الأجهزة الأمنية لدولة الإمارات العربية في تلك السجون».وتشير النتائج إلى عدم صحة الادعاءات بوجود سجون سياسية ومعتقلين على خلفية مواقفهم السياسية، وأن جميع حالات القبض التي تمت هي على خلفية تهم جنائية تتعارض والقوانين النافذة، أوعلى خلفية جرائم حربية أو إرهابية أوتخريبية. وقدمت لجنة تقصي الحقائق عدة توصيات تشمل: دعوة الحكومة اليمنية لأن تعير اهتماماً خاصاً لأوضاع السجون والإسراع بإعادة تأهيلها إعماراً وإدارياً وتنفيذياً، وحث المنظومة القضائية اليمنية على العمل على انتشال أوضاعها.كما أوصت اللجنة الأجهزة الأمنية اليمنية بسرعة النظر في قضايا المحتجزين والمعتقلين، وإحالة المتورطين منهم إلى القضاء.وفيما يتعلق بالمجتمع المدني أوصت اللجنة منظمات المجتمع المدني الحقوقية والإنسانية اليمنية بنشر ثقافة حقوق الإنسان بين أوساط الأجهزة الأمنية، وكذا تقديم الدعم القانوني للمتهمين.ونصح تقرير اللجنة المنظمات الدولية الحقوقية والإنسانية بتقصي الحقائق من مصدرها دون الاعتماد على ما يشاع من ادعاءات ومزاعم ذات توجهات سياسية غير صحيحة.ومن بين التوصيات دعوة الأطراف السياسية اليمنية إلى عدم تسييس قضايا حقوق الإنسان وتسخيرها لاستهدافات سياسية.ودعت اللجنة مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى تكثيف الدعم اللوجستي للحكومة اليمنية لما من شأنه تعزيز قدراتها للتغلب على ما خلفته الحرب من معاناة تجاه أوضاع حقوق الإنسان.وقد تبنت 13 منظمة أهلية حقوقية وقانونية يمنية تقرير لجنة تقصي الحقائق التي شكلت من ستة محامين ومحاميات يمنيين.
مشاركة :