اليوم الوطني قدسية المكان وعبقرية الإنسان

  • 9/23/2017
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

ستمضي المملكة في مسيرتها القاصدة إلى الخير، مستصحبة مبادئها الراسخة وأهدافها العليا، محافظة على مبادئها، باذلة أياديها بالخير للمسلمين والعالم كافة، فهذا هو الدور الطبيعي لها في ظل نجاحات استثنائية وتطور لافت في كافة مناحي الحياة، تمر علينا ذكرى اليوم الوطني الــ87 لبلادنا الحبيبة، وبلادنا أكثر منعة وقوة، وأشد تأثيرا في محيطها وفي العالم كله، 87 عاما مرت على بلادنا منذ تأسيسها على يد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، وهي فترة وإن كانت قصيرة بحساب الأيام والسنين، إلا أنها طويلة بمقدار ما تحقق من إنجازات ضخمة، وعامرة بما بذل فيها من عرق ودم، وما قدمت فيها من تضحيات جسام، تحولت بعدها صحراء الجزيرة العربية إلى واحة خضراء، تهفو إليها عقول المستثمرين والاقتصاديين، كما ظلت تهفو إليها قلوب المسلمين من كافة أنحاء الأرض، منذ 15 قرنا، يأتونها وفي قلوبهم شوق وتطلع لرؤية الحرمين الشريفين والمشاعر والمقدسات الإسلامية، فيجدون العناية والاهتمام، والرعاية والإكرام، فيفارقونها وهم أكثر لهفة ورغبة في العودة من جديد. صروح اقتصادية عملاقة شيدت فوق تراب هذه البلاد المعطاءة، ومعالم سياحية وإنسانية، ومشاريع تهتم بالإنسان أولا، انعكست على واقع الحياة المعاشة. مؤسسات تنموية وصحية وتعليمية رأت النور، وحزمة من القوانين والأنظمة التي تنظم كافة مرافق الحياة، فتطور اقتصادنا الوطني حتى باتت المملكة ضمن أكبر 20 اقتصادا في العالم، ليس لمجرد اعتمادها على النفط، بل لتنوع مشاريعها، وكثرة ثرواتها الطبيعية والبشرية. كل هذه الإنجازات تتواصل في تناغم وانسجام، وكأنها تسابق الزمن، فالاهتمام بالمواطن السعودي والسعي إلى رفعة شأنه وضمان رفاهيته وتأهيل أبنائه مقدم في اهتمامات القيادة الرشيدة على ما سواه، فكان نتيجة ذلك أن رسخت في نفوس أبناء هذه البلاد أقوى جذور الولاء والطاعة لولاة أمرهم، إعمالا للآية الكريمة «هل جزاء الإحسان إلا الإحسان». لم تقتصر عناصر التقدم على جانب دون آخر، ولم تقف عند مرفق بعينه، فالبلاد ولحمتها الوطنية تزداد وحدة وقوة، في ظل سعي المسؤولين المتواصل لتحسين مستوى المعيشة، وضمان كافة فرص الترقي لمواطنيهم، كما تنعم هذه البلاد المباركة بمستويات عالية من الأمن وفرض هيبة الدولة وضمان الاستقرار، وهي عناصر تفتقدها الكثير من الدول، سواء في محيطنا العربي أو على مستوى العالم المتقدم، كنتيجة طبيعية ليقظة رجال الأمن وتفانيهم في توفير بيئة صالحة للحياة، وكان نتيجة ذلك أن أصبحت بلادنا قبلة للمستثمرين من كافة دول العالم، يأمنون فيها على أنفسهم وأموالهم وعائلاتهم. وبعد أن كان العرب في ما مضى يهرعون بأموالهم إلى أوروبا وأميركا طلبا للاستثمار الآمن، تغيرت البوصلة، وصارت بلادنا مقصدا للآخرين، يأتونها بأموالهم وخبراتهم ومؤسساتهم، بعد أن رأوا بأعينهم اكتمال البنية التحتية، وتوفر وسائل الاتصال الحديثة، ووجود كافة العوامل المعينة على النجاح، إضافة إلى حزمة القوانين المتكاملة التي تضمن حقوقهم وتنظم العلاقة بينهم وبين غيرهم. على الصعيد السياسي تواصل بلادنا نجاحاتها، حيث تبوأت مكانة مرموقة بين الأمم، بسبب اعتدال خطها السياسي المبني على مبدأ عدم التدخل في شؤون الآخرين، وتبني الرؤية الوسطية الحقيقية للدين الإسلامي، الذي يقوم أساسا على التسامح وقبول الآخر والتعايش معه، ومساهماتها الإنسانية للدول الأخرى، ودعمها غير المحدود لمنظمات المجتمع الدولي، ودعواتها المتكررة للحوار بين أتباع الأديان الأخرى. وفي المقابل تتمسك المملكة بالدفاع عن حقوقها ومصالحها بصورة لا تقبل التأويل، وتدعم في ذات الوقت الحقوق العربية والإسلامية، وهي تنطلق في ذلك من مكانتها الكبيرة على الصعيدين العربي والإسلامي، ككبيرة للدول الإسلامية وحاضنة لمشاعرهم المقدسة، مما أكسبها احترام الآخرين. على المستوى الداخلي تمر هذه الذكرى العزيزة وبلادنا شرعت في تحديث بنياتها الاقتصادية وتطوير بيئتها المجتمعية، عبر رؤية المملكة 2030 التي تهدف أساسا إلى تنويع مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر وحيد، وتوطين العلوم والمعارف، وتسريع عجلة الصناعة، لإيجاد وظائف متميزة لشباب سعوديين عادوا من الخارج بعد أن اكتسبوا العلوم الحديثة في أرقى الجامعات العالمية ونالوا أرفع الشهادات، فكان من الضروري توفير فرص العمل التي تتناسب مع مقدراتهم. كما تهدف الرؤية إلى زيادة حصة المرأة من الناتج الإجمالي، إيمانا بقدراتها الكبيرة ومقدرتها على الإنتاج والمساهمة في رفعة الوطن ورفاهيته. لم تأت الرؤية من أمانٍ ورغبات، بل كانت نتيجة لدراسات علمية وقراءة صحيحة للواقع، واستصحابا للإمكانات، حيث أسهمت في وضعها كافة الجهات الحكومية ذات الصلة، وأشرفت على صياغتها وإكمالها أشهر بيوت الخبرة والدراسات في العالم، فكان أن خرجت بتلك الصورة المبهرة التي دفعت أشهر الشركات العالمية إلى التسابق للإسهام في تنفيذها، كما أبدت كبريات الدول الغربية والآسيوية رغبة للشراكة في تطبيقها، فقد استصحبت ما يشهده العالم من تغيرات اقتصادية متسارعة على مستوى العالم، يتجلى أبرزها في ما بات يعرف بـ«اقتصاد المعرفة»، الذي يرمي إلى الاستفادة الاقتصادية من الثورة التقنية والتكنولوجية، واستوعبت ما ينبغي أن يكون عليه الوضع خلال السنوات المقبلة، لمسايرة العالم. ومن العلامات الفارقة في هذه المناسبة الوطنية أنها تمر هذا العام وبلادنا تشهد تحولا كبيرا في اتجاه زيادة الاعتماد على جيل الشباب، ومنحه الثقة الكاملة، كي يسهم في رفعة بلاده وإعلاء شأنها، حيث تم تعيين أعداد كبيرة منهم في وظائف قيادية، لإكسابهم الخبرة اللازمة التي تعينهم على تحمل راية القيادة في المستقبل القريب، وإتاحة الفرصة أمامهم كي ينهلوا من خبرة القادة الذين سبقوهم، وهي مقاربة بالغة الدقة، تمزج بين الكفاءة والخبرة، والعنفوان والحكمة، وسيكون نتاجها بلا شك المزيد من النجاحات التي ظلت تميز هذه البلاد. حتما ستعود هذه الذكرى العام المقبل، وبلادنا ترفل في أثواب الرفاهية، وستكون أكثر عزة وقوة، وهذا القول ليس من باب الأماني فقط، وليس رجما بالغيب، بل لأننا اعتدنا على تواصل النجاحات، وستمضي المملكة في مسيرتها القاصدة إلى الخير، مستصحبة مبادئها الراسخة وأهدافها العليا، محافظة على مبادئها، باذلة أياديها بالخير للمسلمين والعالم كافة، فهذا هو الدور الطبيعي لها بعد أن اختصها الله تعالى بخدمة الحرمين الشريفين ورموز الدين الإسلامي.

مشاركة :