يعتبر كثيرون أن انطلاق مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للطفل في 2013 كان أول مؤشرات التغيير الحقيقي لواقع سينما الطفل في الوطن العربي.والمهرجان، الذي تنظمه «فن»، المؤسسة المتخصصة في تعزيز ودعم الفن الإعلامي للأطفال والناشئة في الإمارات، برعاية قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيس المجلس الأعلى للأسرة، بدأ بهدف رئيسي هو الارتقاء بصناعة سينما الطفل بالوطن العربي، من خلال تطوير قدرات أصحاب المواهب السينمائية من الأطفال والناشئين والشباب، إضافة إلى دعم وتقدير السينمائيين المهتمين بسينما الطفل لتحفيزهم على إنتاج المزيد من الأعمال المميزة، مع توفير البيئة الملائمة والإمكانيات المناسبة لتصوير وإنتاج وإخراج وتسويق وعرض هذه الأفلام، والتركيز على تقديمها للمضامين المنسجمة مع الهويتين العربية والإسلامية، والقيم الإنسانية العالمية. ولعل هذا الاهتمام بسينما الطفل جاء متوافقاً مع رؤية سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، الداعمة والراعية والمساندة الأولى للأطفال، والحريصة دوماً على أن تكون المصادر التي يستقي منها الطفل العربي توجهاته الفكرية ومعلوماته الثقافية ومخيلته العلمية، ومن ضمنها السينما، سليمة من كل ما هو دخيل علينا أو بعيد عن اهتماماتنا، مدركة في الوقت ذاته أن كثيراً من الاختراعات الحديثة والاكتشافات العلمية، ظهرت بداية ضمن أفلام الخيال العلمي، قبل أن تتحول إلى وسائل ومنتجات حضارية يستفيد منها العالم. ولا يقتصر المهرجان على عرض الأفلام، وإنما يعتبر مشروعاً فنياً متكاملاً يعمل ضمن فضاءات متعددة تجمعها السينما، فهو يعمل على تنمية وتطوير قدرات الجيل الجديد ليكون قادراً على الإبداع في صناعة السينما، وخصوصاً ما يتعلّق منها بعالم الطفل، ومن جهة أخرى يسهم في تمكين الأطفال والناشئين والشباب من تعزيز قدراتهم في مجال تقييم ونقد الأعمال السينمائية. وهذه إضافة مهمة إلى سينما الطفل قد يكون للمهرجان السبق فيها عربياً ودولياً.وإذا كانت الأشكال التقليدية أو النمطية لمهرجانات السينما تقتصر على عرض الأفلام الجديدة، وما تتيحه من تواصل بين نجوم هذه الصناعة، فإن مهرجان الشارقة لسينما الطفل تجاوز هذا الدور، فهو حدث يقام لعدة أيام، ولكن فعالياته تتواصل على مدار العام، من خلال منظومة عمل متكاملة ومستدامة تتضمن تنظيم الورش التدريبية، والمخيمات الصيفية، ورحلات الاطلاع على التجارب العالمية، إضافة إلى الكثير من التجارب العملية المحلية والمشاريع المتعددة.وقالت الشيخة جواهر بنت عبد الله القاسمي، مدير مؤسسة «فن» ومدير المهرجان: «تكمن أهميته في كونه ينظر إلى السينما باعتبارها وسيلة عصرية لا غنى عنها للتعليم والتثقيف والترفيه، بما تتضمنه من تنمية قدرات الطفل والمشاهد في مجال الاكتشاف والخيال والمعرفة، لذلك فهو لا يكتفي بدعوة السينمائيين إلى عرض أفلامهم وإنما يعمل أيضاً على التعاون معهم في مجال التدريب والتطوير لبناء جيل من الأطفال والشباب الموهوبين والمبدعين في هذا المجال». وأكدت أن السينما اليوم، إضافة إلى دورها الترفيهي، باتت صناعة قادرة على تحقيق الربح، وبالتالي تشجع الأطفال والناشئين على التعرف أكثر إلى هذا العالم الممتع، والانخراط فيه بشكل أكبر، لعله يوفر لهم فرص العمل مستقبلاً في مهنة تشهد نمواً مستمراً، وفي الوقت نفسه تتيح لهم التعبير بشكل أفضل عن أفكارهم، وآرائهم، ونظرتهم إلى العالم المحيط بهم، بل وإيصال الرسائل التي يرغبون بها حول واقعهم الحالي وتطلعاتهم المستقبلية، وهو أمر يفرض ضرورة وجود اهتمام أكبر بهذه الصناعة. مع انتهاء الاستعدادات لتنظيم الدورة الخامسة من المهرجان بين 8 و13 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، أعلنت (فن) عن تنظيم برنامج غني بعروض الأفلام، وورش العمل المتعلقة بصناعة السينما، بالإضافة إلى أنشطة الفنون الإعلامية، التي صُمّمت لزيادة تفاعل أطفال وشباب المنطقة مع هذه الصناعة بجميع جوانبها، إنتاجاً، وإخراجاً، وتقييماً. واختار المهرجان الذي يسعى إلى نشر التعليم والإبداع عن طريق فن صناعة الأفلام، 124 فيلماً من 33 دولة للعرض في دورة هذا العام، وذلك من إجمالي 500 فيلم من أنحاء العالم. ومن خلال هذه الأفلام، يمكن للمشاهدين، خاصة الأطفال من عمر 4 أعوام إلى 18 عاماً، اكتشاف المزيد عن ثقافات الشعوب، والتعرف إلى كيفية تعايش جميع الناس بمختلف ثقافاتهم ودياناتهم وجنسياتهم في عالم واحد بسلام وتساوٍ.
مشاركة :