رغم ما يحاك ضد وطننا من مؤامرات من قبل الأعداء المتربصين في الداخل والخارج للنيل من وحدته وزعزعة أمنه واستقراره، من خلال إثارة الفتن الطائفية ونشر الشائعات والأكاذيب الملفقة في القنوات الفضائية المعادية، وأيضاً في "تويتر" ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة التي تعج بالأسماء المشبوهة والمعرفات الوهمية، إلاّ أن المواطنين الشرفاء الأوفياء تصدوا لهذه المؤامرات الدنيئة وأثبتوا للعالم أن وحدتنا عصية على من أراد المساس بها وتمزيقها، ووقفوا خلف قيادتهم الحكيمة وقفة رجل واحد بصورة تعكس مدى قوة التلاحم بين الحاكم والمحكوم في المملكة، ويعود الفضل بذلك لله عز وجل أولاً ثم للوعي الذي يتمتع به المواطن السعودي عن غيره وقراءته للأحداث السياسية والأوضاع المعاصرة قراءة جيدة، ثم أن ما جرى ويجري حالياً في بعض الدول العربية من اضطرابات اقتصادية وفوضى عارمة على مستوى الحياة المعيشية بشكل عام وانعدام للأمن والأمان نتيجة ما يسمى بالربيع العربي أسهم أيضاً بشكل كبير في زيادة وعي المواطن وإدراكه لعواقب الأمور ونتائجها الوخيمة حاضراً ومستقبلاً. دور المواطن ويتميز المواطن السعودي بولائه لوطنه وولاة أمره وهذا بلا شك نابع من الدين والقيم والأخلاق الفاضلة التي تربى عليها منذ نعومة أظفاره ونتيجة لذلك نجد أن المواطن هو رجل الأمن الأول كما قال الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله- وأصبح سداً منيعاً أمام الحاقدين والطامعين وأفشل الكثير من المخططات التي تستهدف أمن الوطن ومقدراته. وفي هذا الوقت تحديداً والذي يعد مفصلياً وتوجهت فيه سهام الأعداء على المملكة من كل حدب وصوب تزداد مسؤولية المواطن أكثر من أي وقت مضى وهو ما يتطلب الحرص التام واليقظة ضد كل ما يمكن أن ينال من وطنه ودينه وقيادته من خلال نبذ كل ما يدعو للفرقة وشق الصف، ومن خلال تمثله لقيم الشريعة السمحة وأخلاق الإسلام الراقية، وكذلك من خلال قيامه بدوره بكل أمانة وإخلاص، وأن يحرص على العمل المتقن الجاد ويتعاون ويتكامل مع غيره لبناء وطنه، فالمعلم على سبيل المثال عليه أن يلتزم بواجباته الوظيفية وأخلاقه المهنية وأن يقوم بدوره في حماية طلابه من كل فكر ضال أو سلوك منحرف، وأن يعمل على تعزيز انتمائهم لوطنهم وتعميق ولائهم لقيادتهم وأن يغرس لديهم الحرص على أداء واجباتهم تجاه وطنهم ومجتمعهم. وحدة وطنية ويعد الاحتفاء بمناسبة ذكرى اليوم الوطني تأكيداً وتذكيراً بالوحدة الوطنية التي نعيشها، وتجسيداً للمحافظة على ما تحقق من منجزات ومكتسبات وطنية وتكريس للجهود المخلصة الهادفة لتحقيق المزيد من التميز والتقدم لدور المملكة ومكانتها بين جميع دول العالم، وربط شباب الوطن بالأسس والثوابت والقيم العالية التي تحميهم -بإذن الله- من الضلال أو الانحراف عن جادة الصواب، وتذكيرهم وربطهم بماضيهم العريق وما بذله الأجداد من جهد متواصل منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- حتى يومنا هذا لبناء هذا الكيان العظيم وهو ما يحتم على شبابنا أن يعوا أهمية هذه الدولة وأن يحافظوا على وحدتها وأن يرتبطوا بولاة أمرهم وعلمائهم، وأن لا ينخدعوا بالدعوات المنحرفة المضللة، وأن يعملوا بجد واجتهاد وإخلاص بما ينفعهم في أمور دينهم ودنياهم. تكثيف الوعي إننا في هذا الوقت أشد ما نكون فيه من أي وقت مضى إلى الابتعاد عن التصنيفات الفكرية المقيتة من خلال تكثيف الوعي في المجتمع عن مدى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من وسائل الإعلام وجهات التعليم المختلفة وتقرير القيم لحب الوطن، والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه في التفريق الفكري المجتمعي، فالوطنية هي جمع للكلمة وتوحيد للصف والبعد عن بث الكراهية والخلاف وتبادل التهم، ومما يجب التنبه له أن التصنيف وصل إلى المفكرين والأدباء والإعلاميين وامتدت جذوره في الفترة الأخيرة إلى الإساءة للنخب المثقفة، مما ينبغي توحيد الخطاب الثقافي من أجل الوحدة الوطنية، ووضع نظام وأُطر تحمي المجتمع من عمليات التجاوزات القائمة أياًّ كان مصدرها، وإيقاف كل من يؤجج هذا العمل ويغذيه، ووضع أقصى العقوبات أمام من يمارس أي نوع من التفرقة للوحدة الوطنية بأي شكل من الأشكال، والأمر الآخر أن يصاغ في المناهج الدراسية قضايا توضح أهمية الوحدة الوطنية وأهمية الوطن وأن الوطن للجميع ويتسع للكل وليس لأحد دون الآخر، كما ينبغي أن يؤكد الخطاب الديني والخطاب الإعلامي على مفهوم الوطن الواحد وتجريم أي سلوك ينحو نحو التمييز أو التصنيف بين أبناء المجتمع الواحد.
مشاركة :