«رحمة».. يتحدى إعاقته البصرية ويصبح أول معيد بـ«إعلام القاهرة» يعتبر أحمد رحمة، البالغ من العمر ثلاثة وعشرون عاماً، نموذجا مشرفًا لمتحدي الإعاقة، فرغم أنه حرم من نعمة البصر، إلا أنه كان متفوقاً في جميع المراحل الدراسية، حتى استطاع في المرحلة الثانوية أن يصبح الأول على مستوى الجمهورية، مقررا بعدها أن يلتحق بكلية الإعلام جامعة القاهرة، لأنها اختياره الأول والوحيد لأنه يريد أن يكون طالباً بقسم الإذاعة والتلفزيون. يسافر «رحمة» يومياً من قرية شبية الواقعة بمدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية إلي الجامعة، برفقة والدته التي شاركته جميع سنوات الدراسة وشجعته على الاستمرار والمواصلة، ورغم أنها لم تكمل تعليمها إلا أنها قررت أن تعوض ذلك في تعليم أبنائها وتحفيزهم على تلقى العلم. في بداية الأمر، قرر «رحمة» أن يلتحق بقسم الإذاعة والتلفزيون، لأنه يحب الدراما والتمثيل، لكن بعد علمه بوجود ثلاثة أقسام أخرى بالكلية، قرر الالتحاق بقسم العلاقات العامة والإعلان، نظراً لتشجيع أساتذته له، رغم تخطيه اختبار قسم الإذاعة والتلفزيون. تفوق «رحمة» في الأربعة أعوام الجامعية جعله يصبح معيداً بكلية الإعلام جامعة القاهرة، بعد حصوله على المركز الأول لمدة عامين متتالين، والمركز الثاني على الدفعة رغم الصعوبات التي كان يواجهها أثناء الدراسة، من التنقل إلي عدم توافر الكتب الجامعية بطريقة «برايل»، مما جعله يحول الكتب المطبوعة إلي نصوص والقيام بطباعتها بطريقة «برايل» أو من خلال استخدام جهاز الكمبيوتر لقرأة الكتب. ثقافة وتطلع رحمة جعلته مقرباً لأساتذته الذين توقعوا له مستقبلاً باهراً قائلاً: «أقمت علاقات قوية مع أغلب الأساتذة، وكنت بحب أحضر محاضرتهم وأسمع لهم وأتابعهم حتى لو مش بيدرسولي، وبدأ يحصل مناقشات بيني وبينهم واكتشفوا أن أنا عايز أكون حاجة». المشاركة الفعالة والمناقشات المستمرة والالتزام والمتابعة، أبهرت أصدقائه لمواظبته على تقديم التكليفات في وقتها وقدرته على عرضها في وقتها، وأصبح معروفاً بين زملائه قائلاً: «في المحاضرة والمناقشة مع الدكاترة كان بيظهر نضج وإسيعاب لما يطرح في المحاضرات وده كله قدر يخلق صورة إيجابية عني في الكلية». لم يتوقف شغف وطموح «رحمة» عند هذا الحد، وسعى واجتهد وتميز حتى تحول من طالب إلي معيد بكلية إعلام جامعة القاهرة، وأصبح هو من يرشد الطلاب ويوجههم ويعطي لهم النصائح من وحي خبراته، فهو المحب لعمله ويحاول دائمًا أن يختار الطريقة المناسبة لكي يتعامل بها مع الطلاب لدعم ثقتهم بأنفسهم. بناءً على كل هذه التجارب اليت عاشها ابن محافظة الشرقية، يوجه «رحمة» رسالة إلي الشباب قائلاً: «أن الدراسة الجامعية هي أهم مرحلة في عمر الإنسان، وعليه اغتنامها من أجل تحقيق الأهداف، ولا يجب إلقاء اللوم على الظروف ولكن لابد أن نأخذ بالأسباب، ونوازن بين الخيارات المتاحة، والاجتهاد حتى يصل كل منا إلى مكانة عالية ومرموقة في المجتمع».
مشاركة :