لماذا بكى الجمهور على «ها نحن عدنا ننشد الهولو»؟

  • 9/25/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

محمد حنفي | وسط حضور لافت، يمثل كل التيارات والاتجاهات التي تعج بها الساحة الكويتية، افتتح «الملتقي الثقافي» موسمه السابع باستضافة الفنان عبدالعزيز المفرج (شادي الخليج)، حيث حضر وزراء سابقون وإعلاميون وفنانون من كل الأجيال، الجميع احتفى بصوت الكويت الوطني، أو شيخ قبيلة الفن الكويتي، شادي الخليج، كما وصفوه في الأمسية. في بداية الأمسية، اشار مدير الملتقى طالب الرفاعي الى أن الحديث عن شادي الخليج هو حديث عن جزء عزيز من تاريخ الكويت وتراثها، وقال الرفاعي ان شادي الخليج ولد قبل النفط وعاصر التطورات الكثيرة التي مرت بها الكويت، كما أنه جمع بين الفن والعمل التربوي، وتطرق الرفاعي إلى نشأة شادي الخليج في بيئة محافظة لا تساعده على احتراف الفن من دون الكشف عن هويته، لولا وجود حمد الرجيب الذي توسم فيه طاقة فنية كبيرة وأطلق عليه اسمه المستعار لكي يستطيع الغناء. غرفة تمليح اللحم بدوره، تحدث الفنان شادي الخليج عن رحلته الفنية مع الغناء، فقال انه ولد عام 1939، وانه يستغرب كيف كان الكويتيون يعيشون في الماضي في ظل الظروف الصعبة، وأشار إلى أن أمه ولدته في غرفة كانت تنتشر فيها الحبال التي يتم بها تمليح اللحم وتجفيفه نظرا لعدم وجود وسيلة لحفظ اللحم. وأشار شادي الخليج إلى أن بداية اكتشاف موهبته كانت وهو في السادسة من عمره، عندما دخلت الكهرباء منزلهم، واشترى ابوه مروحة فراح يقرب صوته منها ليطلق الهواء ذبذبات جعلته يتخيل نفسه يغني وسط الجمهور. وتحدث شادي الخليج عن بداية احترافه الغناء تحت الاسم المستعار الذي اشتهر به، والذي اختاره له حمد الرجيب الذي، بدوره، كان مديرا لمركز الفنون الشعبية، وكان هو وقتها طالبا في مدرسة الشويخ، وسجل أغنيته الأولى «لي خليل حسين» عام 1960 من كلمات أحمد العدواني وتلحين أحمد باقر، مشيرا إلى الصعوبات التي كانت تمر بها عملية تسجيل الأغنيات للإذاعة، حيث كانت غلطة واحدة من المطرب أو الكورس كفيلة بإعادة تسجيل الأغنية من البداية مرة اخرى. لماذا بكى أهل الكويت؟ وقال شادي الخليج ان الحركة الغنائية في الكويت سرعان ما تطورت، وبدأ ظهور العديد من المطربين، وبدأت الأغنية الكويتية تشق طريقها وتنتشر، وقبل أن ينهي كلمته تساءل شادي الخليج عن الحدث الذي استوقفه خلال غنائه «ها نحن عدنا ننشد الهولو» في أوبريت «مذكرات بحار» الذي عرض على مسرح مركز جابر الأحمد الثقافي: ما الذي أبكى أهل الكويت؟ وتكفلت مداخلات الحضور بالإجابة. شيخ قبيلة الفنانين تحدث الإعلامي وزير الإعلام السابق محمد السنعوسي فقال انه أحد الذين بكوا في أوبريت «مذكرات بحار» وأن سبب بكائه كان خوفه على شادي الخليج العائد لتوه من رحلة علاج، لكن شادي الخليج نسي كل آلامه عندما شعر بترحيب الناس وشغفهم به، وهذا هو حال الفنان الأصيل. بينما قال الكاتب عبدالعزيز السريع ان شادي الخليج هو شيخ قبيلة الفنانين الكويتيين، وانه أعاد البسمة لأهل الكويت، وانه لو كانت الدعوة عامة لحضر أهل الكويت جميعا للملتقى الثقافي للاحتفال به، واكد السريع أن الدور الإداري الذي لعبه شادي الخليج في وزارة التربية لا يقل أهمية عن دوره في الغناء، حيث أقنع المسؤولين بتبني أعماله التي اصبحت جزءا من تراث الكويت. الأغنية الوطنية بدوره، أشار الملحن أنور عبدالله إلى أن بكاء الناس خلال أوبريت «مذكرات بحار» كان سببه أن شادي الخليج غُيّب لسنوات طويلة، وان الناس كانوا مشتاقين للأغنية الوطنية والأوبريت والموسيقي «اللايف»، وانتقد عبدالله عدم تغطية الصحافة للاوبريتات، وهو ما رد عليه الصحافي مفرح الشمري بأن الصحافة لا تتلقى دعوات من القائمين على هذه الأعمال، وبالتالي لا يمكن لومها في حالة عدم الحديث عنها، بينما اكدت الكاتبة عائشة الرشيد أن أهل الكويت اشتاقوا إلى زمن الفن الجميل في زمن تردى فيه الأوبريت كلمة ولحنا. مذكرات بحار بدوره، قال مدير العمليات بمركز جابر الأحمد الثقافي فيصل خاجة ان التردي الذي أصاب الحياة في الكويت انعكس على الفن وخاصة الأوبريت. وقال إن اختيار أوبريت «مذكرات بحار» للعرض في مركز جابر جاء لأنه عمل متكامل، ونفى خاجة ان يكون قد تم تحويل الاوبريت لعمل تجاري، مشيرا إلى أن إيرادات أيام العرض الثلاثة للأوبريت لم تغطِّ سوى نصف تكاليف العمل، وان الدعم الأكبر كان من الديوان الأميري. وقالت فادية الرفاعي انها وجيلها مشتاقون للتعرف على الفن الكويتي في الزمن الجميل، على غرار ما حدث مع «مذكرات بحار»، وطالبت القائمين على الفن والثقافة في الكويت بزرع مثل هذه الأعمال الجميلة في نفوس الأجيال الجديدة. المتشددون والموسيقى بينما تساءل الكاتب مظفر عبدالله عن نظرة المتشددين للموسيقى في جيل شادي الخليج، فرد شادي الخليج بسرد واقعة من الثمانينات أثناء الاستعداد لأوبريت العيد الوطني، وقال ان المتشددين رددوا أن هذه الأعمال تخالف العادات والتقاليد، وكان الأوبريت يقدم لوحات عن تاريخ الكويت خلال 25 عاما، مؤكدا أن المتشددين لا يريدون إلا مشاركة طالبات الصفين الأول والثاني الابتدائي في الأعمال الفنية. عودة الفرح وقال وزير التربية السابق د. رشيد الحمد ان شادي الخليج فنان كبير ترك بصمة على الفن والتراث في الكويت، بالإضافة إلى دوره التربوي الكبير، حيث اسهم في تنمية التربية الموسيقية خلال عمله في وزارة التربية، بينما أعرب مخرج أوبريت «مذكرات بحار» يعرب بورحمة عن امتنانه لإسناد هذا العمل الكبير اليه، وقال إن الفريق المشارك في الأوبريت كان يشعر بالحب لهذا العمل الذي يمثل جزءا جميلا من تراث الكويت، بينما قدم وزير الإعلام الأسبق السنعوسي بعض الملاحظات حول الإخراج التلفزيوني للأوبريت، الذي تشاهده اغلبية الناس، مشيرا إلى افتقاد الكويت إلى مخرج يستطيع نقل الأوبريت من المسرح إلى التلفزيون، بالإضافة إلى حشو الأوبريت بمشاهد حوارية بددت متعة الموسيقى. واختتمت الأمسية بكلمة للفنان شادي الخليج، حيث اجاب عن السؤال الذي طرحه: ما الذي أبكى أهل الكويت؟ وأجاب أن الفرحة بتقديم أوبريت «مذكرات بحار» كان اشبه بالفرحة بعودة الأسرى والمفقودين الكويتيين، وان بكاء أهل الكويت جاء تعبيرا عن الفرحة بعودة شادي الخليج ورفاقه وكأن شيئا عزيزا عاد لأهل الكويت بعد غياب.

مشاركة :