حمل سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي السياسات الأميركية المسؤولية مقتل اللواء فاليري أسابوف، كبير الخبراء الروس في سوريا، وقال ريابكوف في تصريحات أمس إن «مقتل القائد العسكري الروسي، هو ذلك الثمن الذي تدفعه روسيا بالدم بسبب السياسة الأميركية ثنائية الوجه في سوريا»، وفي ذلك تجدد لـ«حرب الكلمات» بين موسكو وواشنطن.وكانت وزارة الدفاع الروسية أعلنت مساء الأحد أن اللواء أسابوف قتل في دير الزور نتيجة قصف مدفعي من جانب «داعش»، وأوضحت أن «اللواء أسابوف كبير فريق الخبراء العسكريين الروس في سوريا، كان متواجدا يوم 23 سبتمبر (أيلول) في مقر قيادة القوات السورية، يقدم مساعدة للقادة العسكريين السوريين في إدارة عملية تحرير مدينة دير الزور»، وأصيب نتيجة تفجر القذيفة التي أصابت المقر بإصابة قاتلة.ويرتفع بذلك عدد قتلى القوات الروسية في سوريا منذ بدء العملية العسكرية هناك إلى 38 قتيلا وفق الأرقام الرسمية.ومعروف عن اللواء أسابوف أنه نائب قائد الجيش الروسي الخامس في الدائرة العسكرية الشرقية، حاصل على عدد من الأوسمة. شارك عام 1995 في الحرب الشيشانية، وكان حينها قائد أركان كتيبة، وأصيب بجراح في قدمه خلال المواجهات. درس في أكاديميات عسكرية شهيرة في روسيا، وكان قائد فرقة مؤللة. برز اسمه خلال الحرب في جنوب شرقي أوكرانيا، وقالت الاستخبارات العسكرية الأوكرانية عام 2016 إن الضابط اللواء أسابوف «يشارك في النزاع المسلح في جنوب شرقي أوكرانيا».ولم يتوقف ريابكوف عند تحميل السياسات الأميركية المسؤولية عن الثمن الذي تدفعه القوات الروسية في سوريا، إذ اتهم الولايات المتحدة كذلك بمساعدة الإرهابيين في سوريا، وقال إن «هذا أمر واقع للأسف، ومقلق للغاية»، وأشار إلى أن الأميركيين يعلنون أنهم مهتمون بالقضاء على «داعش»، واتهمهم «في بعض ممارساتهم يعرضون العكس تماما»، لافتاً إلى أن روسيا ترغب في العمل مع الولايات المتحدة في سوريا، لكن على أساس التصريحات الكثيرة في الفضاء الإعلامي، في إشارة منه إلى التصريحات الأميركية حول الالتزام بالحرب ضد الإرهاب. ودعا واشنطن إلى تأكيد تمسكها بأهدافها المعلنة، وأكد استمرار الاتصالات حول سوريا، بين العسكريين من البلدين على مختلف المستويات.وفيما يمكن وصفه «حرب اتهامات متبادلة» بين روسيا والولايات المتحدة، تشهدها الأيام الأخيرة، نفت وزارة الدفاع الروسية الأنباء التي تحدثت عن استهداف مقاتلاتها مواقع ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» في دير الزور، بالقرب من حقل غاز ضخم في المنطقة، طردت «سوريا الديمقراطية» إرهابيي «داعش» منه مؤخراً. وأكدت الوزارة في بيان نشرته على صفحتها الرسمية في «فيسبوك»، أن «القوات الجوية الروسية توجه ضربات دقيقة لمواقع الإرهابيين التي يتم استطلاعها، والتأكد منها عبر عدة قنوات»، موضحة أن القصف الجوي يستهدف مصادر نيران «داعش» ضد مواقع قوات النظام، وكذلك مجموعات الإرهابيين الذين يتحركون من خطوط الدعم الخلفية.وعادت الوزارة وأكدت مجددا أن طائرات الاستطلاع الروسية من دون طيار تتواجد في الأجواء بشكل دائم، ولم تسجل أي مواجهات مسلحة بين «سوريا الديمقراطية» و«داعش»، وشددت على أن هذا «بصورة خاصة في مناطق الحقول النفطية في المحافظة». كما نوهت الوزارة في بيانها إلى أنها لم تحصل حتى الآن على توضيح أو تبرير من الجانب الأميركي، ردا على صور نشرتها الوزارة أول من أمس، لمواقع قالت إنها ضمن مناطق «داعش»، وتنتشر فيها قوات خاصة أميركية. من جانبه قال براين ديلون المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف الدولي، إن «قوات سوريا الديمقراطية» أبلغت التحالف بقصف غير مباشر قرب مواقعها، وأكد أن «التحالف يجري محادثات لتفادي الحوادث مع الجانب الروسي، ويقدم المعلومات لضمان مراعاة التدابير المتفق عليها لتفادي الحوادث».وهذه ليست المرة الأولى التي تتهم فيها الولايات المتحدة أو «سوريا الديمقراطية» القوات الروسية بقصف مواقعها في دير الزور. وكان البنتاغون أعلن يوم 17 سبتمبر أن مواقع «سوريا الديمقراطية» قرب دير الزور تعرضت لقصف من مقاتلات روسية، وأكد أن القوات الروسية كانت على علم بتلك المواقع. إلا أن وزارة الدفاع الروسية نفت الاتهامات وأكدت أنها لم تقصف تلك المواقع. وفي 20 سبتمبر اتهمت موسكو الاستخبارات الأميركية بتدبير هجمات واسعة شنتها «جبهة النصرة» في منطقة خفض التصعيد في إدلب، واستهداف مجموعة من الشرطة العسكرية الروسية. وعلى خلفية تلك الاتهامات كثف العسكريون الروس والأميركيون اتصالاتهم وعقدوا لقاءات تبادلوا خلالها الخرائط لتفادي الصدام، إلا أن تلك التدابير لم تثمر على ما يبدو.وكانت تطورات المشهد السوري موضوعا رئيسيا بحثه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس خلال اتصالات هاتفية مع نظرائه قادة الدول المنخرطة في عملية أستانة، أي تركيا وإيران وكازاخستان. وقال الكرملين إن الرئيسين بوتين ورجب طيب إردوغان بحثا خلال الاتصال الهاتفي «الأزمة السورية على ضوء النتائج الإيجابية للقاء أستانة 14 - 15 سبتمبر، وأكدا أن إقامة مناطق خفض التصعيد تفتح الأبواب أمام نهاية الحرب الأهلية في سوريا والتسوية السياسية للنزاع هناك على أساس مبادئ السيادة ووحدة الأراضي السورية. وشددا على أهمية التعاون بين البلدين في الشأن السوري». وفي المحادثات مع الرئيس الإيراني حسن روحاني تناول الجانبان «الوضع الراهن في سوريا».
مشاركة :