اندماج «بيتك» و «الأهلي المتحد»: فوائد مضمونة وعقبات اقتصادية وسياسية وتنظيمية

  • 9/26/2017
  • 00:00
  • 17
  • 0
  • 0
news-picture

تنشغل السوق الكويتية منذ شهور بصفقة محتملة لاندماج «بيت التمويل الكويتي» (بيتك)، أكبر مصرف إسلامي في البلد، و «البنك الأهلي المتحد»، أكبر مجموعة مصرفية في البحرين، لتشكيل أحد أكبر المصارف في منطقة الخليج بأصول تصل إلى نحو 90 بليون دولار. لكن هذا الحلم الذي ستكون له فوائد كبيرة للمصرفين يواجه عقبات مختلفة، منها الاقتصادي ومنها السياسي والاجتماعي والتنظيمي. وأفاد خبراء وكالة «رويترز» بأن قرار الحكومة الكويتية التي تمتلك حصصاً مؤثرة في كلا البنكين سيتوقف على رأي المؤسسات الكبرى مثل «بنك الكويت المركزي» و «الهيئة العامة للاستثمار» وهيئة أسواق المال. كما ستهتم الحكومة كثيراً بمدى تقبل نواب البرلمان والشارع الكويتي مثل هذه الخطوة جنباً إلى جنب مع الدراسات الفنية. وعينت «الهيئة العامة للاستثمار» الكويتية التي تمتلك 24 في المئة من أسهم «بيتك»، والتي تدير الصندوق السيادي لدولة الكويت، مستشاراً لتقديم استشارات مستقلة لدرس «فكرة الاندماج أو الاستحواذ» بين البنكين في إجراء اعتبره مراقبون أول خطوة رسمية صوب إبرام الصفقة. لكن «بيت التمويل الكويتي» أعلن في بيان الى بورصة الكويت الثلثاء الماضي، أن الهيئة تجري هذه الدراسة «على نحو مستقل ومنفصل عن المصرفين ولم تتخذ أي خطوات للتنسيق بينهما تتصل بعملية الاستحواذ أو الاندماج المحتملة». و «بيت التمويل» واحد من أكبر المصارف الإسلامية في العالم ويبلغ رأسماله 576.6 مليون دينار (1.913 بليون دولار) ويمتلك مصارف في تركيا وألمانيا والبحرين وماليزيا، وتبلغ ملكية الحكومة الكويتية فيه 48 في المئة. في المقابل، يبلغ رأسمال مجموعة «البنك الأهلي المتحد» البحريني 1.628 بليون دولار وتمتلك الحكومة الكويتية أكبر حصة فيه تبلغ 18.83 في المئة، من طريق المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، في حين تمتلك شركة «التمدين» الاستثمارية، وهي شركة استثمارية كويتية خاصة، 8.31 في المئة. ولدى المجموعة وحدات تابعة أو زميلة واستثمارات في بريطانيا ومصر وليبيا والعراق وسلطنة عمان والكويت. قال الخبير المصرفي فؤاد العمر إن اندماج المصرفين سينتج منه «مؤسسة مصرفية قوية رأسمالها كبير وقوي» يمكّنها من التوسع في عملياتها الائتمانية جغرافياً ونوعياً. ورأى الخبير المالي ميثم الشخص أن الحكومة لديها «رغبة واضحة» لإتمام عملية الدمج، لخلق كيان مصرفي كبير، وأن، إلى جانب الملكيات المشتركة لمساهمين رئيسيين في المجموعتين، فإن بين الإدارات القائمة فيهما نوعاً من التناغم والتقارب إذ عمل رئيس مجلس إدارة بيتك حمد المرزوق سابقاً، كرئيس لـ «البنك الأهلي المتحد» الكويتي التابع للمجموعة البحرينية ويعرف كل منهما طريقة تفكير الآخر. وأضاف الشخص أن مزايا الاندماج تكمن في «توسيع قاعدة الزبائن والتمدد الجغرافي وزيادة رأس المال الذي سيكون أقوى، وتقليص الأخطار والاستفادة من الخبرات الموجودة لدى المصرفين. كما أن الاندماج سيعطي خيارات أفضل مستقبلاً لعمليات الاستثمار المباشر وغير المباشر» التي سيقوم بها الكيان الجديد. يشير خبراء الى أن عمل «بيتك» وفقاً للشريعة الإسلامية، وعمل «الأهلي» بالطريقة التقليدية، يشكلان تحدياً رئيساً أمام تكوين كيان مشترك منهما، كما أن استحواذ المجموعة الكويتية على المجموعة البحرينية غير ممكن ما لم تتحول الأخيرة للعمل وفقاً للشريعة الإسلامية. ونفت مجموعة «الأهلي» الأسبوع الماضي وجود أي قرار لديها للتحول للعمل وفقاً للشريعة الإسلامية. وقال المدير العام لشركة «شورى» للاستشارات الشرعية عبد الستار القطان، إن الاندماج «عملية معقدة بشكل كبير في الكيانات التي تعمل بطريقة واحدة أو بشكل واحد أو بصناعة واحدة»، فكيف ذلك «بين مؤسستين كبيرتين (تعملان بطريقتين مختلفيتن)... بالتأكيد ستكون العملية معقدة وطويلة وستستغرق وقتاً». واستدرك بالقول إن غالبية كيانات «الأهلي المتحد» تعمل وفقاً للشريعة الإسلامية، وهو أمر يمكن أن يسهل ضم الكيانين، مشيراً إلى أن من الناحية الشرعية «يجب أن يؤدي الاندماج إلى إنتاج كيان جديد يعمل وفقاً للشريعة الإسلامية» ولن يكون مقبولاً أن يذوب البنك الإسلامي في المؤسسة التقليدية. وفي حال إتمام الصفقة، فإنها ستتضمن عمليتين: الأولى تحول البنك البحريني للعمل وفقاً للشريعة الإسلامية، وهي خطوة تستغرق عادة ما بين أربع وخمس سنوات، والثانية هي ضمه أو دمجه مع «بيت التمويل». لكن القطان قال إن الكثير من عمليات تحول البنك التقليدي إلى إسلامي تكون مرتبطة بنقل المعرفة والخبرات والآليات والأنظمة، معتبراً أن كون البنك البحريني سيندمج مع بنك إسلامي... سيجعل «كل هذه الأمور محلولة ولن يبدأ البنك البحريني من الصفر... وهو جانب يمكن أن يسهل ويختصر مدة تحول البنك الأهلي المتحد». يتبنى «بيت التمويل الكويتي» نهجاً متحفظاً ويعمل عادة في دول قليلة الأخطار من النواحي السياسية والأمنية، في حين يعمل «البنك الأهلي المتحد» في عدد من الدول العالية الأخطار سياسياً وأمنياً وحتى من ناحية العملة. وقال القطان إن عملية الدمج ستؤدي إلى «إعادة نظر» المجموعة البحرينية في وحداتها واستثمارتها الخارجية لكن أيضاً ستفتح للكيان الجديد فرصاً واعدة في هذه الدول التي تفتقد مثل هذا النوع المتقدم من الخدمات المصرفية الإسلامية. وقال ناصر النفيسي مدير مركز الجمان للاستشارات أن المصرفين يخضعان لجهات رقابية مختلفة، ما قد يكون واحداً من بين التحديات الرئيسية أمام إتمام الصفقة، لاسيما مع انتهاج بنك الكويت المركزي سياسة محافظة تركز على تجنب الأخطار وعلى التزام كامل بقواعد الحوكمة في وقت يتبنى مصرف البحرين المركزي سياسة أكثر مرونة. وقال العمر إن خضوع أي مؤسسة مصرفية لجهات رقابية عدة يمثل نوعاً من «الصداع» ويثقل كاهلها بكلفة إضافية، مشيراً الى أن المجموعتين ستحتاجان مزيداً من الوقت لأقلمة أعمالهما من بيئتين مختلفتين وحتى تتمكنا من تبني قيم العمل والأفكار ذاتها، وأن وجود استراتيجية واضحة للمؤسسة الجديدة سيكون حاسماً في نجاح العملية أو فشلها. في الإطار ذاته، يشير خبراء إلى أن الكويت تقدم لبنوكها أنواعاً متعددة من الدعم بهدف تعزيز البيئة المصرفية، منها ضمان الحكومة أموال المودعين وإيداع بلايين حكومية في هذه البنوك، إضافة إلى إشراك البنوك الكويتية في عمليات تمويل للحكومة، وهي عمليات مربحة ومضمونة العائد. وتشكل هذه المزايا عبئاً على الحكومة الكويتية التي ستكون مضطرة لمد مظلتها لتشمل أيضاً «البنك الأهلي المتحد» البحريني في حال ضمه إلى «بيت التمويل الكويتي». وقال النفيسي إن ضمان الودائع سيمتد لأموال المودعين في البحرين في حالة دمج البنكين، لكن إذا تمت الصفقة من طريق الاستحواذ فسوف يحتفظ البنك الأهلي المتحد بشخصيته الاعتبارية ولا يضطر بنك الكويت المركزي إلى ضمان أموال المودعين فيه. وعند الحديث عن أي صفقة كبيرة تكون الحكومة الكويتية طرفاً فيها، تسود عادة حال من التوتر والتشكيك لاسيما من جانب نواب في البرلمان وبعض رجال الأعمال وعائلات ذات مصالح تجارية مهمة. وتاريخياً، فإن الكويت عانت كثيراً من تسييس الصفقات الحكومية الكبرى. لكن النفيسي رجح المضي قدماً في صفقة الدمج، واصفاً من يسعون لإتمامها بأنهم «من ذوي النفوذ». وقال إن المعارضة ستكون موجودة وقوية جداً، لكن «أشك في أنها تصل لقوة أصحاب فكرة الدمج».

مشاركة :