جنوب السودان يتحول إلى ساحة حرب إقليمية

  • 9/26/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

خبراء يشيرون إلى أن المجتمع الدولي الذي كان متحمسا لانفصال جنوب السودان، ثم ترك الدولة الوليدة لوحدها وقبل أن تقف على قدميها.العرب  [نُشر في 2017/09/26]انفصال جنوب السودان..تجربة مدمرة إسطنبول ـ "كانت تجربة مدمرة بأتم معنى الكلمة"، هكذا وصفت الخبيرة المصرية في الشؤون السودانية والإفريقية، أسماء الحسيني، 6 سنوات من انفصال جنوب السودان عن حكومة الخرطوم. والإثنين، انطلق في الإقليم الكردي شمالي العراق استفتاء غير ملزم للانفصال عن البلاد، في تجربة لا يستبعد خبراء أن نكون مشابهة لما وقع بدولة جنوب السودان، التي انفصلت عن السودان عام 2011.. فجنوب السودان، الذي قاتل متمردوه لنحو نصف قرن من الزمان (1955-2005)؛ لينفصلوا عن الخرطوم، كان يأمل في التحول لدولة مزدهرة بعد انفصاله، خاصة وأن 75% من ثروة السودان النفطية آلت إليه بعد الانفصال (بلغت 500 ألف برميل يوميا قبل الانفصال). وإلى جانب الثروة النفطية، فجنوب السودان يتمتع أيضًا بإمكانيات زراعية وحيوانية هائلة (تربة صالحة للزراعة، وتوفر المياه خاصة نهر النيل، ونحو 11 مليون رأس من الأبقار) مقارنة بعدد سكانه الذي لم يكن يتجاوز حين الانفصال، عام 2011، 8 ملايين نسمة (أكثر من 12 مليون نسمة في 2017). وعلى عكس انفصال الإقليم الكردي، الذي يواجه رفضا دوليا، لا سيما دول الجوار وبغداد، حظي جنوب السودان بدعم كبير من القوى الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، ومن دول الجوار المؤثرة (إثيوبيا وأوغندا وكينيا)، وحتى من الخرطوم نفسها التي وقعت على اتفاقية نيفاشا عام 2003، التي مهدت لمرحة انتقالية من 6 سنوات بدأت في 2005، وانتهت بانفصال الجنوب بالعام 2011. غير أن المحللة السياسية أسماء الحسيني ترى أن انفصال جنوب السودان كان "متعجلا"، وجرى قبل نضوج الوضع السياسي في البلاد وقبل تسوية المسائل الخلافية مع الخرطوم، وخاصة ترسيم الحدود، بحسب قولها. وأشارت إلى أن "المجتمع الدولي الذي كان متحمسا لانفصال جنوب السودان، ثم ترك الدولة الوليدة لوحدها وقبل أن تقف على قدميها". وأضافت أن "سكان جنوب السودان لم يهنؤوا بالسلام منذ 1955، أي حتى قبل استقلال السودان (1956)، وبعد الانفصال تطور خلاف سياسي بين قطبي الحركة الشعبية لتحرير السودان (الحزب الحاكم بقيادة الرئيس سلفاكير ميارديت، ونائبه ريك مشار)، ليأخذ أبعادا عرقية وقبلية (بين قبيلتي الدينكا والنوير). ولفتت الحسيني، إلى أن "مئات الآلاف قتلوا خلال الحرب الأهلية (2013 إلى اليوم)، وهناك مناطق واسعة في البلاد لم تتمكن المنظمات الإنسانية والصحافيين من الوصول إليها لمعرفة أعداد القتلى في المجازر التي وقعت بشكل عشوائي ووحشي وعلى أساس الهوية". وحذرت من أن البلاد التي تتربع على ثروات زراعية ومائية ونفطية كبيرة على "شفى مجاعة وانهيار كامل". وقالت "الحرب ساهمت في أن لا تكون هناك أي زراعة بعد تدمير ما كان موجودا، إلى جانب نزوح الملايين لمناطق أخرى ولجوئهم إلى دول الجوار، ناهيك عن انتشار الأمراض الفتاكة مثل الكوليرا والملاريا". جوبا على "شفى مجاعة وانهيار كامل" وأشارت الحسيني، إلى أن المجتمع الدولي صنّف جنوب السودان مؤخرا من بين أربعة دول تهددها المجاعة على غرار اليمن والصومال ونيجيريا. كما حذرت المتحدثة، من أن الحرب الأهلية في جنوب السودان "توشك أن تتحول إلى ساحة حرب إقليمية، بسبب دعم دول الجوار لهذا الطرف أو ذاك مما قد يؤدي إلى امتداد نيران الحرب لتلك الدول". تجدر الإشارة أن الأمم المتحدة اعتبرت أن 5.2 مليون نسمة أو ما يعادل قرابة نصف سكان جنوب السودان، يعانون من انعدام الأمن الغذائي. وبخصوص الثروة النفطية التي كان من المفترض أن تساهم في بناء الدولة ومؤسساتها، أوضحت الحسيني، أن حكومة جوبا "لم تستفد منها كثيرا إذا واجهت خلافات مع الخرطوم التي فرضت رسوما كبيرة على تصدير نفط الجنوب (عبر أراضيها ومينائها النفطي)، مما جعل عوائد النفط غير مجدية للجنوب، ناهيك عن انخفاض الأسعار، ما أدى لتقليل الإنتاج". جدير بالذكر أن إقليم "آبيي"، الغني بالنفط والمتنازع عليه بين الخرطوم وجوبا، تسبب في وقوع العديد من المعارك والاشتباكات قبل الانفصال وبعده، بل إن قبائل "الدينكا نجوق" في أبيي، نظمت في نهاية أكتوبر 2013، استفتاء شعبيا أحادي الجانب ودون موافقة قبائل المسيرية العربية (التي قاطعت الاستفتاء). ورغم أن نتائج الاستفتاء أفضت إلى تصويت يشبه الإجماع بالانفصال عن السودان، والانضمام إلى جنوب السودان، إلا أن ذلك لم يفض إلى تغيير الوقائع على الأرض، حيث مازالت القضية معلقة إلى اليوم.

مشاركة :