تتوالى أزمة استفتاء كردستان فصولاً، مع تصاعد التهديدات العراقية والاقليمية للأكراد، الذين توعدتهم أنقرة بأنهم سيواجهون «الجوع» والحصار، وأرسلت طهران إلى حدودهم منظومات صاروخية، ورفضت بغداد أي حوار معهم في شأن نتائج الاستفتاء. وأكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن حكومة بغداد لن تجري محادثات مع حكومة إقليم كردستان في شأن نتيجة الاستفتاء «غير الدستوري» على الاستقلال الذي جرى أول من أمس في مناطق الإقليم شمال العراق، وأخرى متنازع عليها بين بغداد وأربيل، تشمل خصوصاً محافظة كركوك ومناطق في ديالى. وفي إطار الإجراءات «العقابية»، أعلن نواب عن «التحالف الوطني» في البرلمان العراقي، أمس، أنهم بدأوا بجمع تواقيع لإقالة الرئيس العراقي فؤاد معصوم (وهو كردي)، ونواب أكراد داخل البرلمان. وفي حين ينتظر الأكراد النتائج النهائية للاستفتاء المرجح صدورها في اليومين المقبلين، أظهرت المؤشرات الأولية أن أكثر من 93 في المئة من المشاركين في الاستفتاء (نحو 3.3 مليون من أصل 5.2 مليون) صوتوا لصالح الانفصال. من جهته، هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أكراد العراق بأنهم «سيتضورون جوعاً» إذا قررت بلاده منع مرور الشاحنات والنفط عبر حدودها مع شمال العراق، مؤكداً أن جميع الخيارات العسكرية والاقتصادية مطروحة على الطاولة. وقال في كلمة له، أمس، «سيكونون في مأزق عندما نبدأ في فرض عقوباتنا. سينتهي الأمر عندما نوقف تدفق النفط. كل عائداتهم ستختفي ولن يجدوا طعاماً عندما تتوقف شاحناتنا عن الذهاب إلى شمال العراق». وإذ اتهم رئيس الإقليم مسعود بارزاني بالخيانة لقراره تنظيم الاستفتاء من دون الإصغاء إلى موقف أنقرة، شدد أردوغان على أن دعم إسرائيل لن يكون كافياً، متوجهاً إلى بارزاني بالقول: «عليك أن تعلم أن التلويح بالأعلام الاسرائيلية لن ينقذك». كما حذر من خطر اندلاع «حرب إثنية وطائفية»، قائلاً: «في حال لم يتراجع بارزاني وحكومة إقليم كردستان عن هذا الخطأ في أقرب وقت ممكن، فسيلازمهم تاريخياً عار جر المنطقة إلى حرب إثنية وطائفية». وتزامناً مع انطلاق مناورات عسكرية مشتركة بين القوات العراقية والتركية على حدود إقليم كردستان، في رسالة تهديد مبطنة إلى أربيل، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو: «سنُقيّم طلبات العراق. كل شيء، بما في ذلك العمليات المشتركة، مطروح على الطاولة»، مؤكداً في الوقت نفسه أن ما من سبب يدعو تركيا لإغلاق معبر الخابور الحدودي مع شمال العراق حالياً. وفي إيران، حذر علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الأعلى علي خامنئي من أن نتيجة الاستفتاء «هي فوضى سياسية في المنطقة»، مضيفاً انه «من المؤسف أن يكون بارزاني على ارتباط مع الصهاينة منذ مدة وانه لم يكتسب الدروس من فلسطين، وان هذا الاستفتاء بداية لانهياره السياسي لان الشعب الكردي العظيم لن يرضخ لهذا العار». وفي حين خرج الأكراد في المنطقة الحدودية شمال غربي إيران في تظاهرات سلمية دعماً للاستفتاء، أعلن نائب قائد «الحرس الثوري» علي رضا إلهي انه تم «ارسال تجهيزات صواريخ جديدة إلى المنطقة الغربية لدعم الدفاعات الجوية والجهوزية تحسباً لاي انتهاك». وتوازياً، دعا الجنرال يحيى رحيم صفوي، أحد كبار المستشارين العسكريين لخامنئي، «الدول الأربع (العراق وسورية وتركيا وإيران) المجاورة لإغلاق الحدود البرية» مع الإقليم الكردي.
مشاركة :