بلمسات سحرية راقية أعاد عشرات الفنانين من بلدان مختلفة من العالم الحياة لقرية مهجورة بجزيرة جربة التونسية من خلال تحويل جدران بناياتها المهجورة وأبوابها المتداعية إلى لوحات فنية مثيرة نابضة بالحياة. توافد نحو مائة فنان من ثلاثين بلدا أبرزها المكسيك وفرنسا واليابان والبرازيل وإيطاليا والأرجنتين واليونان ومصر وفلسطين وتونس والمغرب وجنوب أفريقيا على "جزيرة الأحلام" في جربة للمشاركة في تظاهرة "جربة هوود" أكبر معرض فني مفتوح في الهواء الطلق. وأطلق كل فنان العنان لمخيلته ليسكبها ألوانا على جدران منازل المدينة وأبوابها ومحلاتها التجارية والحرفية وليبدع رسومات فنية لا تخلو من السريالية لتعيد الحركة للأمكنة وتخلق حياة مفعمة بالحيوية والنشاط. قال مهدي بالشيخ صاحب فكرة المعرض الفني المفتوح في جزيرة جربة السياحية "أردت تكرار تجربة قمت بها في فرنسا ولقيت إشعاعا واهتماما كبيرين مما دفعني إلى نقلها إلى تونس والمساهمة في تقديم صورة ناصعة عن بلدي." وأضاف بالشيخ الذي يدير معرض اتينيرونس بفرنسا محل إقامته "يعتبر اجتماع أكثر من 100 فنان من بلدان مختلفة من العالم لتحويل مدينة إلى معرض فني مفتوح في الهواء الطلق الفكرة الأولى في العالم.. إنه أكبر معرض مجاني في العالم." وتابع "يختار كل فنان موضوع رسمه لكنه اختيار مدروس ومقيد بدرجة الإضاءة ووظيفة المكان وهندسته المعمارية أو تاريخه." يشارك في هذه التظاهرة الفنان التونسي "السيد" المشهور الذي تألق في المزج بين جمالية الخط العربي وفن الشارع المعاصر (الجرافيتي). وعلى جدران منازل مهجورة رسم فنان الجرافيتي البلجيكي الشهير روا لوحات لوحوش عملاقة وجماجم بشرية أضفت على المكان مسحة أسطورية لا تخلو من الجمالية. وتعتبر جزيرة "الأحلام" -جربة- الواقعة في الجنوب التونسي من بين أشهر الواجهات السياحية في حوض البحر المتوسط ويتعايش فيها المسلمون إلى جانب اليهود. واستلهم الفنانون رسومهم من حضارات بلدانهم إضافة لتراث جزيرة جربة وتقاليدها لتصبح الجزيرة العائمة في البحر المتوسط ملتقى لثقافات مختلفة وحاضنة لها. وقال بالشيخ "نريد توجيه رسالة سلام وتسامح والتقاء من جزيرة جربة التي يتعايش فيها المسلمون واليهود بسلام وتناغم منذ قرون.إنها درس للعالم يجب أن يتعلم منه".
مشاركة :