أقدم شاب على الانتحار داخل مسكنه في محافظة الجيزة المصرية تاركاً رسالة لوالدته ذَكَر فيها أن قَتْلَه نفسَه كان بسبب عدم حب والده له. وذكرت الشرطة المصرية إن طالباً في الصف الثالث الثانوي قام بشنق نفسه في حي بولاق الدكرور تاركاً رسالة طالَبَ فيها والدته بعدم الحزن عليه، وأنه تخلص من حياته لأن والده لا يحبه مثل بقية أشقائه. غير قليل من الآباء يهملون العدل بين الأبناء في الحب والعطاء، من دون أن يُدركوا الآثار السلبية الكبيرة في نفوسهم من حزن وألم وضيق وإحباط. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اعدلوا بين أولادكم في النِحَل (العطاء) كما تُحبون أن يعدلوا بينكم في البرِّ واللطف». صحيح الجامع. لقد ذكر العلماء أن العدل بين الأبناء ليس مقتصراً على العطاء الماديّ، بل كذلك في الحب والاهتمام والعطف والحنان، قال الدميري: لاخلاف أن التسوية بين الأولاد مطلوبة حتى في التقبيل. ويزيد ضرر عدم العدل بين الأبناء حين يقوم به الآباء أمام عدد من الأبناء أو جميعهم، فيرون أباهم يُبدي حبه لأحدهم، أو اهتمامه به، فتثور في قلوبهم مشاعر الغيرة والضيق. لهذا يحسُن بالأبوين اللذيْن يريان أن أحد أبنائهما في حاجة إلى رعاية خاصة، أو اهتمام زائد لإعاقة فيه أو ضعف، أن يُقدِّما تلك الرعاية ويُبديا ذاك الاهتمام بعيداً عن سائر أبنائهما. ولعلّ خبر انتحار ذاك الشاب الذي بدأتُ به المقال؛ يُنبِّه الآباء والأمهات إلى خطر عدم عدلهم بين أبنائهم، سواء في العطاء، أو الحب، أو الاهتمام. وليس الإقدام على الانتحار وحده هو ما قد يحصل من الأبناء، فهناك الحسد، والضغينة ، والكُره، وما يمكن أن ينتج عنها من أفعال ضارّة وتصرفات مؤذية يرتكبها الأبناء بعضهم ضد بعض. وليس خافياً عنكم ما فعله إخوة يوسف عليه السلام بأخيهم حين ملأ قلوبهم الحسد له: «إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا...» يوسف (8).
مشاركة :