قالت خديجة بن قنة يوماً: إن اﻣﺮﺃﺓ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻲ ﺗُﻌﺬﺏ، ﻭﻓﻲ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﺗُﻐﺘﺼﺐ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺗُﺴﺠﻦ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺼﻮﻣﺎﻝ ﺗﻤﻮﺕ جوعاً، ﻭﻟﻢ ﻳﻘﻠﻖ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻻ ﺗﻘﻮﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ. ولكن خديجة ربما لم تكن تتوقع يوماً أن قلق الغرب سيتطوّر ليتحول من القلق على عدم تمكن المرأة السعودية من قيادة السيارة إلى قلق آخر أنكى وأشد وأكذب، وهو القلق من عدم تمكّنها من السباحة مرتدية البكيني على شواطئ المملكة المطلة على البحر الأحمر. وذلك ما كشفت عنه أو تنبأت به صحيفة "التايمز" البريطانية، التي توقعت أن المملكة في العهد الجديد، وبناء على رغبة مبطنة للغرب، ستكسر كل القواعد والتقاليد وتعاليم الدين، وستخرج عليها، وذلك كله سيكون إرضاء لأسياد العالم الحالي، متمثلاً بالغرب الراعي لحقوق الإنسان ظاهراً، وهو أبعد ما يكون عنها حقيقةً. المرأة السعودية خصوصاً، والعربية المسلمة عموماً، تدرك جيداً معنى تلك الرغبات المبطنة للغرب، التي ظاهرها القلق عليها ومناصرتها وباطنها الإساءة إليها. المرأة المسلمة تدرك جيداً كلمات الحق التي يراد بها الباطل، تدرك ذلك لأنها وترى حال أخواتها المفتقدات لكل أسباب الحياة والكرامة في دول عربية ومسلمة شقيقة، وتشعر وترى موقف الغرب من معاناتهن الذي يكون متفرجاً أو مشتركاً في تلك الجرائم، وهنا لا يسعنا إلا العودة إلى قول السيدة خديجة بن قنة، الذي يختصر المشهد، فالغرب لو أهمّته المرأة العربية فعلاً لما تركها فعلاً تتعرض لكل أنواع الإساءة والإهانة والتعذيب في العراق منذ 2003 حتى يومنا على أيدي الأميركان حاملي شعلة الحرية وحقوق الإنسان وحلفائهم، ثم على أيدي مرتزقتهم اليوم في الموصل وغيرها من المدن المنسية هناك. والغرب لو كان صادق النية لأنقذ نساء سوريا اللواتي ما فتئن يستنجدن به منذ 2011. سبع سنوات لم يبقَ فيها لون من ألوان العذاب إلا وذاقته المرأة السورية من فقدان الأبناء والإخوة والأزواج إلى التغريب والتهجير والاعتقال والاغتصاب، وكل ما يخطر ولا يخطر في بال بشر، ثم ماذا كان موقف الغرب القلق إزاء ذلك لا شيء حتى القلق لم يعد يشعر به الغرب وأمينه العام مؤخراً على نساء وشعوب سوريا والعراق. هذا ولا يقتصر الحال على السوريات والعراقيات بل يتعداه ليشمل كل الجنسيات التي ذكرتها السيدة خديجة من ماليات وصوماليات وعربيات ومسلمات غيرهن، انتهاء بنساء بورما المغيبات سابقاً عن الإعلام واللواتي لم يترك الوحوش هناك فناً من فنون التعذيب إلا وطبّقوه عليهن، والغرب يكتفي بالنظر، وبالتأكيد هو شريك في السر، بينما يحتفظ بقلقه للمرأة السعودية التي لا تقود السيارة أو لا تلبس البكيني. ألهذه الدرجة يظن الغرب المرأة العربية ساذجة حتى تنساق وراء ما يريده ألم يرَ النماذج من النساء العربيات المسلمات الواعيات هنا وهناك حاضراً وماضياً واللواتي غيّرن التاريخ دون التخلي عن هوياتهن؟! وللذين يتوقعون أن الغرب سيرضى عنهم لمجرد أنهم انصاعوا إلى ما يريده ونفّذوه بحذافيره فأولئك ينقصهم بُعد النظر وأولئك هم الذين لم يستفيدوا من دروس التاريخ، ولم يعلموا أن الغرب لن يرضى عنهم حتى ولو خرجوا من جلودهم، وأنه كلما رأى منهم انبطاحاً وشعر بأنهم جاهزون بطبعهم للانقياد، تمادى معهم أكثر وأذلهم أكثر. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :