فيلم أفغاني ينتمي إلى الدراما والحرب، وينتصر للمرأة المحرومة. فقد عرض «ستوديو الأربعاء» بالتعاون مع نادي الكويت للسينما، مساء أول من أمس في المدسة القبلية، الفيلم الروائي الطويل «حجر الصبر». الفيلم من تأليف وإخراج الأفغاني عتيق رحيمي، في حين تولت الممثلة الإيرانية جولشيفه فرحاني دور البطولة. تدور أحداث الفيلم على خلفية الصراعات السياسية بين الفصائل الأفغانية بعد انسحاب القوات السوفياتية، وسقوط الحكومية الأفغانية الموالية لها. والفيلم عبارة عن بوح امرأة أفغانية تدعى شهرزاد، وهي لا تقص حكاياتها لتبقى على قيد الحياة، بل لترجع زوجها المصاب إلى الحياة، وهو الذي يرقد في البيت إزاء تعرضه لطلقة في عنقه بعد أن دخل في غيبوبة طويلة، دفعت جميع رفاقه السابقين في ميدان القتال للتخلي عنه، فيما تحاول زوجته الأصغر سناً منه الاعتناء به، قبل أن تقرر في بلد تسيطر عليه النزاعات، أن تحكي له حكايات لم يكن لتخطر له على بال. وبطلة الفيلم زوجة اقترنت برجل وهي تحت سن الـ17، ولم تكن تراه إلا قليلاً بسبب تواجده الدائم مع المجاهدين الأفغان، فكانت تقوم بمفردها على رعاية البيت والأسرة في وقت حوّلها فيه المجتمع إلى شيء لا وجود له ولا صوت ولا حياة، أما الزوج فقد جعلها كأنها جزء من أثاثه المنزلي، لا يلتفت لها كإنسانة لها حقوق وواجبات ولا يلقي بالاً لرغباتها. وتجري أحداث الفيلم على وقع الحرب والدمار، بكل ما يحملانه من تشرد وحرمان ورعب، وممارسات حركة طالبان التي تسجن وتقتل وتعذب وتضطهد من يعارضها. ويخوض الفيلم بشكل متدرج في تفاصيل العلاقة الزوجية، وفي الطفولة والواقع بطريقة جميلة تضفي شاعرية على العمل، فالرجل في غيبوبة والمرأة، التي تؤدي دورها الممثلة الإيرانية غولشفتي فرحاني، تبوح بكل ما لحق بها من ظلم وقهر في عالم مشحون بالحرمان الجنسي والعاطفي، رغم الزواج الذي تحول إلى علاقة شكلية، لتجسد نزوع المرأة الطبيعي نحو الحب والحرية. وتتركز الفكرة الأساسية للفيلم على عملية البوح هذه التي تقود حتماً إلى استفزاز الزوج ومحاولة عودة إلى الحياة، وفي الوقت ذاته تنتقم بكلامها من تاريخه معها، وتهدف من قسوتها معه إلى إيقاظه لينتبه إلى وجودها، ورحلة التلاقي مع الزوج الغارق في غيبوبته تبدأ فقط بعيد فقدانه لوعيه، لأنها في هذه اللحظات فقط تكون أكيدة من إمكانية البوح له بكل شيء، وتعلم أنه يسمعها. الإضاءة كانت بطل العمل بلا منازع، حيث أضفت قداسة على المرأة المستباحة والمحرومة، كما لعبت الموسيقى دوراً كبيراً لإثارة شجون المشاهد على وقع أزيز الرصاص وأصوات القذائف.
مشاركة :