اهتزت ألمانيا على وقع وصول حزب يميني شعبوي إلى البرلمان لأول مرة في تاريخها بعد الحرب العالمية الثانية، كيف ينظر الناس في أوروبا إلى ذلك، وكيف تبدو مواقفهم من سياسات حكوماتهم إزاء اللاجئين وقدومهم إلى القارة العجوز؟ وصف مراقبون نتائج الإنتخابات الألمانية الأخيرة بما يشبه "هزة زلزالية". تمثلت هذه الهزة بفوز حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي بنسبة قاربت 13 بالمائة من الأصوات لأول مرة في تاريخ ألمانيا منذ الحرب العالمية الثانية. ويعكس هذا الفوز تحول موقف الشارع الألماني والأوروبي إزاء اللاجئين من "الترحيب إلى الرفض" وفقاً لإستطلاعات رأي عديدة في ألمانيا. ويعزز التحول بروز قوى يمينية تؤجج العداء لهم من جهة والعمليات الإرهابية التي نفذتها جهات وعناصر جهادية في برلين ومدن ألمانية وأوروبية أخرى من جهة أخرى. "حزب البديل كارثة" أولريش: الديمقراطية الألمانية ستنتصر على حزب البديل اليميني كيف ينظر المواطنيين إلى فوز حزب البديل اليميني الألماني وكيف ينظر الكثير من الناس في الشارع الأوروبي إلى سياسات إستقبالهم على ضوء ذلك، DW عربية استقصت أراء أناس في ألمانيا وبلدان أخرى وكانت البداية من هامبورغ واللقاء مع "أولريش" (40 عاما)، هذا الرجل ينظر إلى فوز حزب البديل اليميني الألماني الداعي إلى رفض استقبال اللاجئين، على أنه "كارثة حلت بألمانيا". غير أن أولريش يرى أن الحزب لن يستمر وأنه لا يخشى على الديمقراطية في بلده جراء ذلك لأن "قيم هذا الحزب بعيدة عنها". بدورها تعبر "سابرينا"( 38 عاماً)،عن خيبتها من وصول اليمنيين إلى البرلمان الألماني ومن أداء النخبة السياسية الألمانية الحاكمة محملة ذلك "السياسة الخاطئة للمستشارة ميركل في ملف اللاجئين والتجرية الإمريكية والحملات الإعلامية التي أوصلت ترامب إلى سدة الحكم". أين المشكلة؟ دومينيك: المشكلة في تهرب معظم الدول الأوروبية من مسؤولياتها وإذا كانت سابرينا تحمل المسؤولية صناع القرار السياسي المسؤولية، فإن أراء أخرى كرأي الشاب النمساوي "دومينيك" (21 عاماً)، تعتبر أن المشكلة "تكمن في قيام دول أوروبية قليلة في تحمل عبء اللاجئين دون الغالبية الأخرى التي ترفضهم". وعليه فأن الأمر سيكون أفضل بكثير لو قامت "الدول الأوروبية الأخرى بإستقبال اللاجئين وتوزيعهم فيما بينها بطريقة عادلة". ويؤيده في ذلك الطالب الألماني "بيورن" (23عاماً)، الذي يرى بأنه لمن "المحزن أن دولا كألمانيا والنمسا تقوم بالمساعدة بينما تتهرب دول غنية أخرى من تحمل المسؤولية". فتح الحدود على الرغم من المشاكل المتزايدة على صعيد قضية اللاجئين فإن بعض الناس في الشارع الأوروبي وخاصة من فئة الشباب ما يزال يؤيد فكرة فتح باب اللجوء رغم الأزمات الناتجة عن قدومهم بكثافة. الشاب النرويجي "يينس" (35عاماً)، مثلا يرى أن "الحرب شيء صعب جدا، وعليه فإن الشيء الذي ينبغي علينا فعله هو مساعدة هؤلاء اللاجئيين ولاسيما بأن الوضع الإقتصادي في أوروبا يساعد على دعمهم، خاصةً في دول غنية جداً كالنرويج". وتؤيد الانجليزية "ميرندا"22 عاماً، وجهة النظر هذه بالقول: "علينا المساعدة، بسبب الحرب والأوضاع السيئة التي يمرون بها قبل وصولهم إلى هنا". الرفض وإغلاق الحدود توني: لا مكان للإسلام هنا غير أن الكثيرين أيضا أو الغالبية ترفض فكرة فتح الباب أمام اللاجئين ومساعدتهم وخاصة في بلدان شرق أوروبا لأسباب عدة. ففي بلد معروف بالرفض الشعبي والرسمي للاجئين مثل هنغاريا من الصعب حتى على صحفية من أصول مهاجرة مثلي إيجاد شخص للحديث في الموضوع. لكن وبعد محاولات مضنية كسبنا الشاب الهنغاري "اكوش" (38عاماً)، للحديث إذ قال: "لا أحد سيجيب على أسئلتك لسبيين الأول أن ملامحك عربية وتبدو من العرقيات المهاجرة، والثاني لأن موضوع اللاجئين يسبب الصداع للناس ولا يرغبون الحديث فيه، أما أنا فأرفض إستقبالهم لأن إقتصاد البلد برأيي لايحتمل عبئهم". ولا يختلف الوضع في سلوفاكيا عنه في جارتها هنغاريا، حيث يقول "روبرت"(30 عاماً)، : "ما تقوم به بعض الدول الأوروبية في قضية اللاجئين هراء يجب وقفه" مضيفاً أن "على هذه الدول مساعدة الدول الأوروبية الفقيرة المجاورة لها في الإتحاد الأوروبي بدلاً من صرف الأموال على مجموعة من الإرهابيين" حسب زعمه.وترفض الشابة السلوفاكية "لينيا" 26عاماً، بدورها استقبال اللاجئين لأن سياسة الترحيب بهم دفعت الكثيرين من غير اللاجئين إلى إستغلال الفرصة واللجوء إلى شبكات التهريب للوصول إلى أوروبا بهدف الحصول على مساعدات لا يستحقونها". أما الصحفية الدانمركية "توني"،( 52 عاماً)، فتحدد في رفضها الإسلام والمسلمين الذين يلغون المساواة بين الجنسين. "في أوروبا قمنا بالكثير كي تنال المرأة حقها في كل شيء، أما في الإسلام فالرجل هو المهيمن"، تقول "توني" مضيفة: لا مكان للإسلام هنا، أظن أن على المسلمين العودة إلى أوطانهم وممارسة طقوسهم الدينية هناك كيفما أرادوا". أين الحل؟ بغض النظر عن الأسباب التي تقف وراء العداء لللاجئين ورفض استقبالهم فإن التجربة تدل على أن الاندماج في المجتمع الجديد عن طريق التعلم والتأهيل وإيجاد فرصة العمل هو السبيل الوحيد لتقليص وإختفاء مظاهر المعادة والتمييز والرفض. وهو الأمر الذي تؤكد عليه " نور" 25 عاماً، من الدانمارك إذ تقول: "في الدانمارك تعلمت ودرست وأنا الآن موظفة وأدفع ضريبة الدخل ولا أرى فرق بيني وبين أي دانماركي سوى الحجاب الذي أضعه على راسي".
مشاركة :