خلال الفترة من 6 إلى 9 يونيو المنصرم، صوت 400 مليون شخص لاختيار 720 عضواً في البرلمان الأوروبي، والنتائج التي حقق خلالها اليمين المتشدد مكاسب مذهلة، دفعت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإجراء انتخابات مبكرة في فرنسا في 30 يونيو المنصرم. البرلمان يعمل مع المجلس الأوروبي لتمرير القوانين بناءً على مقترحات المفوضية الأوروبية، كما يوافق على الميزانية أو يرفضها. ويرى محللون أن نتائج الانتخابات التي تعكس التحول نحو اليمين المتشدد بشكل أكبر قد تسفر عن تغيير في المشهد السياسي داخل الاتحاد الأوروبي. وبعد تصدره انتخابات البرلمان الأوروبي في فرنسا وألمانيا وإسبانيا وبلجيكا، يتجه اليمين الأوروبي لتحقيق نتيجة كبيرة في الانتخابات البرلمانية المقبلة على مستوى البلدان الأوروبية. وفي هذا السياق، قال عضو الحزب «الاشتراكي الألماني»، الباحث في الشأن الأوروبي حسين خضر، إن الأزمة الأوكرانية وتزايد معدلات الهجرة من الجنوب خلال السنوات الأخيرة، عززت شعبية اليمين المتشدد الذي وضع في برامجه الانتخابية أولويات تتمثل في عدم المشاركة في الأحداث الإقليمية، إلى جانب الحد من الهجرة غير الشرعية. وأوضح خضر لـ«الاتحاد» أن الأحزاب اليمينية تعتمد على أن اختيارات الناخب الأوروبي تتوقف على عدم المشاركة في الأحداث الإقليمية والدعوى بضرورة عدم التأثر بها في ظل إعلان قوى اليسار والوسط المشاركة المادية في دعم أوكرانيا في الحرب الروسية، ما أدى إلى تراجع اقتصادي واضح للقارة العجوز. وأشار إلى أن فوز اليمين في الانتخابات الجارية سيكون له تأثير كبير على الأحداث ليس في أوروبا فحسب وإنما على العالم نظراً للتأثير الأوروبي الكبير في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، حيث ستكون حاسمة في تحديد مسار الاتحاد وقدرته على التعامل مع هذه التحديات بشكل جماعي. من جهته، أشار الباحث في الشأن الأوروبي أحمد الياسري إلى أن فوز اليمين المتشدد في الانتخابات يعود إلى عوامل عدة، أهمها تركيزه بشكل رئيس على قضايا الهوية والقومية بدلاً من المسائل الاقتصادية أو الاجتماعية، ما أدى إلى زيادة شعبيته بشكل واسع على مدار العقد الأخير في أنحاء القارة كافة. وقال الياسري لـ«الاتحاد» إنه مع تراجع اليسار الليبرالي في العديد من الدول، فإن الاتجاه نحو اليمين المتشدد يزداد قوة، ما يعزز نفوذهم، ويعطيهم مساحة أكبر للتأثير على السياسة الدولية. وذكر عضو جمعية الصحافة الرئاسية الفرنسية خالد سعد زغلول إن الانتخابات ستساعد ملايين الأوروبيين على تشكيل مستقبل الديمقراطية في القارة، فهذه لحظة فريدة تسمح لهم باتخاذ قرار جماعي بشأن مستقبل الاتحاد، فالتصويت مهم دائماً، سواء على المستوى المحلي أو الوطني أو الأوروبي، وهذه فرصة لإبداء رأيهم في المواضيع التي تهمهم. وكشف زغلول لـ«الاتحاد» أن البرلمان الأوروبي يتبنى قوانين تهم الجميع، وتتناول تشريعاته أولويات الناس من البيئة والأمن والهجرة والسياسات الاجتماعية وحقوق المستهلك والاقتصاد وسيادة القانون والعديد من المجالات الأخرى، واليوم، أصبحت كل قضية وطنية مهمة لها زاوية أوروبية. وأشار إلى أن قوة البرلمان الأوروبي قادمة من مواجهته تحديات عالمية لا تستطيع أي دولة في الاتحاد أن تتصدى لها بنجاح بمفردها، فالاستجابة لهذه التحديات ليست بالأمر السهل، ويتيح للناخبين التأثير على الأمور التي يجب اتباعها.
مشاركة :