هل مازلنا وطنيين؟، سؤال طرحه الرئيس الأميركي دونالد ترامب على زعماء العالم في الأمم المتحدة، أكبر مؤسسة متعددة الأطراف في العالم.العرب رشمي روشان لال [نُشر في 2017/09/29، العدد: 10766، ص(6)] سنة 1945 عندما نصّب السوفييت كيم ايل سونغ رئيسا مفترضا للبلد الجديد المسمى كوريا الشمالية، قدّم المتمرد السابق نفسه لشعبه كقائد سيجعل من البلد حصنا منيعا؛ ستكون كوريا الشمالية بلدا نقيا إثنيًّا ومن ثم متفوقا على الحمقى المختلطين إثنيا في جنوب كوريا وفي كل مكان آخر، وفي الغالب سوف لن يتمكن الامبرياليون من دخول البلاد. والآن بعد مرور 72 سنة يبدو أن فكرة البلدان الحصون أصبحت ذات شعبية منذرة بالخطر في أنحاء غير متوقعة من العالم. تمعن في ما يلي: يريد المستشارون الكبار للرئيس الأميركي دونالد ترامب سقفا سنويا لدخول اللاجئين في حدود 15 ألف لاجئ، وهو تقريبا نصف عدد اللاجئين الجدد كل يوم في العالم. لدى ترامب مهلة إلى حدود غرة أكتوبر لحَسمِ المسألة. وتشير التقارير المسربة إلى أن البيت الأبيض يتوخى الانتقائية في عملية جمع المعلومات. ويقال إنه رفض دراسة رسمية تقول بأن اللاجئين درّوا على الحكومة مليارات إضافية من المداخيل خلال العشرية الأخيرة وهي مبالغ تفوق الأموال التي صرفت عليهم. ومن الواضح أنه تمت إضافة اللاجئين إلى الأجندة المعادية للمهاجرين. تزداد شعبية الأحزاب المعادية للمهاجرين في ألمانيا التي صوتت في 24 سبتمبر الحالي، وفي النمسا التي ستصوت في أكتوبر، وفي إيطاليا التي ستنتخب في مطلع العام المقبل. في النمسا وحدها من الممكن جدا أن يوصل تصاعد العداء ضد الأجانب، وخاصة أولائك القادمين من العالم العربي، الحزب المعادي للمهاجرين إلى الحكم. ويذكر أن حزب الشعب النمساوي الذي تحول إلى مواقف حزب الحرية اليميني المتطرف في مواضيع الهجرة والإسلام، حافظ على تقدمه في استطلاعات الرأي خلال الأشهر الأربعة منذ الدعوة إلى الانتخابات. وأخيرا تدافع البلدان عن حصونها ذات الجدران العالية بكل الوسائل الممكنة. وفي هذا الإطار يتم عقد صفقات استثنائية جديدة، إذ ربما تكون إيطاليا بصدد دفع أمراء الحرب الليبيين إلى منع المهاجرين من الإبحار في الساحل المتوسطي الأوسط الذي يعتبر المسلك الأكثر اكتظاظا للنفاذ إلى أوروبا، في حين يكون الاتحاد الأوروبي بصدد دفع المتاجرين بالبشر في النيجر إلى بدء مشاريع لا تتضمن إرسال كائنات بشرية. ينكر الإيطاليون القيام بترتيبات مالية مع أمراء الحرب لكن من الصعب فهم السبب الكامن وراء انخفاض عدد المهاجرين القادمين من ليبيا بشكل حاد في الشهرين الأخيرين، ففي يوليو كان عدد الوافدين إلى إيطاليا أقل بنسبة 50 بالمئة، وفي أغسطس كان أقل بنسبة 85 بالمئة. وإذا كان المال بوسعه تغيير الملكية فلا يجب أن يكون ذلك صادما إلى حد كبير. قبل ثمانية عشر شهرا توسط الاتحاد الأوروبي في صفقة المال مقابل المهاجرين مع تركيا حيث قُدمت وعود لأنقرة بأكثر من سبعة مليارات دولار للمساعدة في دفع كلفة العناية بالمهاجرين الذين يتم اعتراضهم في طريق بحر ايجي نحو أوروبا. ويبدو أن هذه الصفقة نجحت حتى وإن كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يسخر منها بشكل متكرر، اشتكى مخاطبا الجمعية العامة الأممية بالقول إن أوروبا تدفع أقل مما يجب عليها دفعه. وبطريقة مّا يتناسب تذمر أردوغان المستمر مع تشكي ترامب الدائم. ويبدو أن الرجلين يعتقدان أن عالما حاد البصر وعدائيا بصدد استغلال بلديهما. بيد أن تركيزهما الضيق على الذات يلخّص الفلسفة التي اقترحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتكون المبدأ الموجه للشؤون العالمية. قال ترامب في خطابه أمام الجمعية العامة بأن موضوع السيادة يجب أن يكون صاحب اليد الطولى بدلا من الخضوع إلى مبدأ المجموعة الدولية، واستتباعا لذلك ينظر إلى اللاجئين على أساس أنهم بلاء (على أمل أن يكون قصير المدى) من الأفضل حصره في بلدانهم الأصلية أو البلدان القريبة منهم. “هل مازلنا وطنيين؟”، سؤال طرحه الرئيس الأميركي على زعماء العالم في أكبر مؤسسة متعددة الأطراف على وجه الأرض. وأضاف “هل نحب بلداننا بما فيه الكفاية لحماية سيادتها وضمان مستقبلها؟”. بمعنى أوضح، كان ذلك دعوة إلى القومية الوضيعة، كان إيماءة إلى علاقات تبادلية قائمة على مبدأ “أنا أولا” بدلا من القيم المشتركة الملهمة أو الطموحة. في عالم من البلدان ذات المصالح والعقليات المحددة بصرامة، ويكون فيه الدفاع المشترك مفارقة، ونكران الذات خطيئة، سنكون كلنا كوريا الشمالية باسم مغاير. عن العرب ويكليرشمي روشان لال
مشاركة :