المذاهب الإسلامية على اختلافها في فروع الدين تتفق جميعها على حب أهل بيت النبي، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وذلك عملا بوصاياه للمسلمين بهم لقوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، «تركت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي».. ولا يسع المجال هنا لذكر المزيد من وصاياه، لا سيما في سبطه الحسين بن علي، وإثبات ذلك هو ما يلهج به لسان كل مسلم في الصلاة بالقول صلى الله على محمد وعلى آل محمد. ولذلك حينما تمر ذكرى تلك الواقعة التي حلت بأهل بيت النبوة في العاشر من محرم في كل عام، يجب أن تُستحضر تلك الواقعة التي رسمت علامة فارقة في تاريخ الأمة الإسلامية. لقد خرج سبط النبي الحسين بن علي، وأهل بيته الأطهار، استجابة لنداء الاستغاثة التي بعث بها إليه أهل العراق، لما بدر من انحراف عن ثوابت الدين الإسلامي الحنيف، حيث طغت مظاهر الملك والسلطة على موجبات الخلافة، فخرج ليقومها ويثبّت أركان الإسلام. وقد دفع دون طلبه الإصلاح روحه الطاهرة وأرواح أهله وبنيه الأطهار وأرواح أنصاره الأخيار، لتكون شاهدا على مر التاريخ يتذكرها المسلمون فيرتدع عن الخروج عن ثوابت الدين الجميع. ولذلك فإن ذكرى موقعة الطف يجب أن تحظى من كل المسلمين على اختلاف مذاهبهم بالحفاوة والفخر، حيث حفظ في تلك الواقعة استشهاد الإمام الحسين دعائم الإسلام، وسار كما أراد له الله عز وجل ورسوله الكريم، صلى الله عليه وآله وسلم. وفي هذه المناسبة، من كل عام يجب أن نستحضر العبر، منها التي أرادها سبط النبي باستشهاده دونها، ومنها الثبات على الإيمان بالله واليوم الآخر، والثبات على المبادئ والقيم والدفاع عنها، وتقديم الحياة رخيصة دونها، والكثير الكثير من الدروس والعبر. ولذلك لا ينبغي أن تخرج هذه الذكرى الخالدة، التي أرادها الله أن تكون علامة فارقة في تاريخ المسلمين، عن مسارها، ولا يجب طغيان مظهرها على جوهرها. إن قيام هذه الذكرى لا تحييه المبالغة في نشر السواد ولطم الخدود وشق الجيوب وإيذاء النفس، وهذا رأي كل المراجع الدينية، نقلا عن أبي عبدالله الحسين، سلام الله عليه، بل يجب أن تبقى حية في قلوب المسلمين جميعا باستحضارها بالمجالس والمحافل بما فيها من قيم أرساها أهل بيت النبوة وصحبهم في مواقفهم أمام الظلم والطغيان والخروج عن الحق. وبهذا تشترك جميع المذاهب الإسلامية، وفي هذا الموقف الموحد نواجه الفتن المذهبية التي يروجها الاستعمار والصهيونية وأعوانهما، وفيها الرد الأمثل على وحدتنا ونبذ تفرقنا. فالحسين خرج مصطحبا أهل بيت النبوة من بني هاشم، وعددا من أنصاره لا يتجاوزون أربعا وسبعين، وفيهم النساء والأطفال، كدليل على أنه لم يخرج طالبا الملك، ولا محاربا، لكنه كما أعلنها قائلا «ما أردت إلا الإصلاح» مصطفى الصراف
مشاركة :