مجتمعنا يعيش هذه الأيام أجمل أيامه. لا أقولها مجاملًا ولا منافقًا. فما يصدر كل يوم من مراسيم وأوامر وتوجيهات، يُثلج الصدر، وينقلنا إلى عالم جديد أكثر أملًا وتفاؤلًا.. كنا كما لو أننا في غيبوبة طويلة، ثم جاء مَن يوقظنا لنرى النور الذي كان خافتًا طيلة عقود. لا داعيَ للحديث عن الدور السلبي الذي لعبه مجلس الشورى، والذي تسبب في عدم خروج نظام مكافحة التحرش لأكثر من ثماني سنوات. لكن لا بد من الإشارة لجزء من الأعذار التي وضعها «بعض» الأعضاء لرفض أي قرار أو توصية ضد التحرش. فمثلا يتحجّجون بأنه لا نص فقهيًّا ولا في السنة ما يشير لهذا الشأن، أو أن التحرش يحدث «فقط» عندما تكون المرأة متبرجة، أو أنه يحدث بسبب السماح للمرأة بالعمل.. باختصار فإنهم يعاقبون الضحية «الأنثى»، ويكافئون المعتدي «الذكر». وحتى لا يكون رفضنا لكل تلك الأعذار، مجرد كلام أو اختلاف في الرأي، فإني أسألهم: ألا يوجد تحرش بالأطفال من الأقارب في البيوت؟! أليس هناك مَن يتحرّش بالمعاقين جسديًا وعقليًا!؟ ألم تسمعوا عن تحرش «الشذوذ»، البنت بالبنت والطالب بالطالب في المدارس والجامعات، أو التحرش بالخادمات!؟ هل لهذه الأنواع من التحرشات علاقة بالتبرج!! دعوني أنتقل من أعذار التبرج، إلى أعذار عدم ورود نصوص لها في الفقه والسنة النبوية الشريفة.. وسأكتفي فقط بالتذكير بأن هناك أمورًا كثيرة، وضعت لها قوانين وأنظمة لم ترد لها نصوص في الفقه أو السنة. فعلى سبيل المثال، هناك نظام لجرائم الإرهاب ولغسيل الأموال والجرائم المعلوماتية وغيرها الكثير مما صدرت لها أنظمة بحكم تطور الحياة والمجتمعات والأفراد، وبحكم تغيّر سلوكيات البعض من مهووسي الجنس والشذوذ. مَن لم تؤدّبه عائلته، فالدولة بأنظمتها قادرة على تربيته وكفّ أذاه عن الآخرين.. ولكم تحياتي.
مشاركة :