القاهرة: «الخليج» ربطت قطر نفسها على مدى العقدين الماضيين بسياسات وتحالفات، وضعتها في بؤرة الداعمين للإرهاب العالمي، ضمن سياقات إقليمية ودولية تستهدف ضرب الاستقرار، ونشر الفوضى في المنطقة العربية، تنفيذا لمخططات تسعى لقضم الدول العربية قطعة، قطعة، ضمن مؤامرة إعادة تشكيل خرائط المنطقة. واعتمد الجانب الأكبر من السياسات القطرية على التآمر، أكثر مما اعتمد على التعاون، كما اتسم بالسرية المظلمة بأكثر من الوضوح والشفافية، ذلك أن علاقات قطر انحصرت في الارتباط بالقوى الطامعة في العالم العربي، سواء كانت هذه القوى دولاً أو تنظيمات إرهابية، مما جعل سياساتها أشبه بجبل الجليد، لا يظهر منه سوى قمته، بينما كل مكوناته مختفية تحت الماء.ظلت قطر تلعب باحترافية شديدة على كل الحبال، ظنا منها أنها قادرة على المضي في السياسات والتحالفات التآمرية دون أن ينفضح أمرها، إلا أن الدول العربية تنبهت لها بقوة، وتيقنت من الشرور التي تشارك فيها الدوحة، وتجليها على المنطقة، ولذا تشكل تحالف الدول العربية الداعية إلى محاربة الإرهاب، ليس فقط في مواجهة قطر، ولكن في مواجهة من يقفون وراءها ويحركونها، ولجأت هذه الدول مضطرة إلى تطبيق العقوبات على قطر، لعلها تعود إلى عقلها الغائب عن تصرفاتها، بعدما رفضت النصح المباشر والمستتر على مدى سنوات، إلا أن قطر ركبت رأسها، واستمرت في غيها، ورفضت التراجع عنه، كما عجزت عن التقدم نحو الدول العربية، في ظل حالة ارتباك وعناد عام سيطرت عليها، فلا هي قادرة على فك ارتباطها بالمتآمرين الدوليين والإرهابيين، ولا هي قادرة على التعامل مع الاستحقاقات العربية.لقد أصبحت سياسات التآمر وتحالفات الشر، التي بنتها قطر على مدى العقدين الماضيين مع القوى الإقليمية والدولية، استراتيجية متحكمة فيها، حتى أصبحت كالمدمن، الذي سلم نفسه إلى تاجر المخدرات، فأصبحت لهذا التاجر السيادة على عقله وروحه وجسده. وهذا يفسر بوضوح عدم التزام قطر بما وقعت عليه في اتفاق 2013، وكذلك مسارعتها إلى التنصل من المكالمة الهاتفية، التي أجراها أميرها مع ولي العهد السعودي، وسيكون هذا حال قطر في أي اتفاق آخر، فهي بلا كلمة ولا عهد، ولا تستحق أي ثقة من جانب الدول العربية الداعية إلى محاربة الإرهاب.وبرهنت تطورات الأزمة القطرية، التي تختتم شهرها الرابع، أنه لا أمل قريبا في عودة قطر إلى محيطها العربي، لأنها تريد ذلك، ولأن حلفاء التآمر والإرهاب لن يسمحوا لها بأن تفلت من أيديهم، وتعود إلى محيطها العربي، لأن في هذه العودة فشلًا لجميع مخططاتهم في المنطقة، وفضحًا لهم في العالم كله، بل ومحاكمتهم دوليا. وهذا هو سر إصرار الدوحة، منذ اللحظة الأولى للأزمة، على اللجوء إلى التدويل على كل المستويات، وفي كل المؤسسات الدولية، بعيدا عن البيت العربي، لأن الطريق العربي سيلزمها بما لا تريد، وسيغضب حلفاءها، لأن الطريق العربي سيقتضي منها سياسات جديدة تتوافق مع الأمن القومي العربي، والمصالح العربية، وهو ما لا يريده الطامعون والمتآمرون.
مشاركة :