أحبط سكان إقليم كاتالونيا في إسبانيا رهانات على انقسامهم حول الاستقلال عن سلطة مدريد، بتلبيتهم دعوة حكومة الإقليم بأعداد كبيرة، للتصويت في استفتاء استخدمت السلطات كل الإجراءات المتاحة لمنعه، وصولاً إلى إطلاق الشرطة الرصاص المطاط على الناخبين وضرب بعضهم، ما أوقع حوالى 500 جريح بين المدنيين ورجال الأمن. وأعطت حماسة الكاتالونيين للنزول إلى الشوارع دفعاً معنوياً لرئيس الإقليم كارليس بيغديمونت الذي ندد بـ «العنف غير المبرر للشرطة الوطنية واعتدائها بلا تمييز على أشخاص يتظاهرون سلماً»، مؤكداً أن «استخدام هذه الوسائل لم يعطل إرادة الكاتالونيين وساعد في توضيح كل الشكوك التي نحتاج إلى حلها». واتجهت أنظار المراقبين إلى الخطوة التالية التي سيتخذها بيغديمونت، كونه صرح عشية الاستفتاء بأنه سيُعلن استقلال الإقليم بعد 48 ساعة من صدور النتائج، التي يتوقع أن تصب في مصلحة الاستقلال، باعتبار أن كل الناخبين المشاركين في الاستفتاء هم من مؤيديه. وقال رئيس الإقليم: «أتحمل المسؤولية. إذا فاز مؤيدو الاستفتاء سندشن مرحلة انتقالية تشهد مفاوضات مع الحكومة على إجراءات الانفصال»، وذلك على رغم انتفاء أي صفة قانونية للتصويت، باعتبار أن المحكمة الدستورية أمرت بوقف الاستفتاء، كما أن مدريد تملك السلطة المطلقة لتجميد عمل حكومة الإقليم إذا خالفت دستور عام 1978 بإعلان الاستقلال. في المقابل، قال ممثل الحكومة المركزية في كاتالونيا إنريك ميلو: «أجبرنا على فعل ما لا نريده»، فيما أشادت نائبة رئيس الوزراء سورايا ساينث دي سانتاماريا، بـ «تصرفات الشرطة المحترفة في مواجهة انعدام المسؤولية بالكامل لدى مسؤولي حكومة كاتالونيا وتمسكهم بإجراء الاستفتاء»، مشددة على أن «الجهاز سعى دائماً إلى حماية الحقوق والحريات». وأوضح وزير الداخلية خوان إغناثيو زويدو أن الشرطة دهمت نحو 70 مركز اقتراع، «من أجل ضبط المواد المستخدمة في الاستفتاء، وليس استهداف من يريدون التصويت». وأشار إلى توقيف ثلاثة أشخاص، بينهم فتاة صغيرة «بسبب عدم إطاعة الأوامر». وسمحت حكومة الإقليم بطبع الناخبين بطاقات التصويت في منازلهم، واستخدامها للإدلاء بأصواتهم في أي مركز اقتراع لم تغلقه الشرطة، إذا لم يستطيعوا الوصول إلى مراكز اقتراعهم الأصلية. ولدى سماعهم اقتراب الحرس الوطني، كان الناخبون يضعون بطاقات الاقتراع في جيوبهم، ويخفون صناديق الاقتراع ويجلسون على أرضية مكتب التصويت. واضطر رئيس الإقليم إلى الإدلاء بصوته في قرية كورنيا دي تيري في منطقة جيرونا، بعدما اقتحمت الشرطة مجمعاً رياضياً كان سيقصده للتصويت. وأظهرت لقطات تفلزيونية تحطيم شرطيين بفؤوس نوافذ المجمع الرياضي وفتحهم باباً بالقوة، في وقت رفع ناخبون قبضات أياديهم وأدوا «النشيد القومي» الكاتالوني.
مشاركة :