سعاد عبدالله قادت «قافلة الفن»... فنزعت الدمعة وزرعت الابتسامة - فنون

  • 10/3/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

السقاف: «لوياك» على إيمان تام بأن الفن هو الوسيلة الأسرع والطريق المختصر في تجاوز أزمات الأطفال النفسيةعبدالله: ارتبطت وجدانياً بـ «مخيم الفاعور» وزيارتي الحالية لن تكون الأخيرةحمود: الفن له قدرة كبيرة على علاج ضحايا العنف النفسيفياض: أقل واجب يمكنني تقديمه لهم هو الأرض وما يحتاجونه من طعام ورعاية صحية ما أجمل أن تكون سبباً في زرع البسمة والابتسامة على وجوه أطفال حرموا من أبسط حقوقهم التي سلبت منهم غصباً، وما أحلاه من شعورعندما تكون سبباً في محو حتى لو كان جزءاً بسيطاً من معاناة بقيت راسخة في الأذهان، لأن من عاش هذه التجربة التي أشرنا إليها وخاضها سوف يعي تماماً أنها الطريق الوحيد للسعادة الحقيقية. شاهدناهم بأعيننا من خلف زجاج«الباص» الذي أوصلنا إلى هناك، إنهم مجموعة من الأطفال تكاد لا تتجاوز أعمارهم الثانية عشر، وجوههم أصبحت شاحبة رغم جمالها، ورغم أن الابتسامة لم تغب عنها... هم يحاولون قدر المستطاع التمسك بالأمل الذي ينبض كل ثانية داخل قلوبهم، تراهم يحلمون بيوم جميل قد يأتي قريباً، وينتظرون تلك اللحظة المناسبة من أجل العودة مجدداً إلى حضن وطنهم سورية. إنهم الأطفال السوريين النازحين في مخيم «الفاعور» الواقع في البقاع اللبناني، هناك حيث تواجدت «الراي» بدعوة من أكاديمية «لوياك» التي كان لها دور فعّال وكبير جداً في تغيير مسار وحياة هؤلاء الأطفال، بعدما أنشأت مشروعاً فنياً خاصاً بهم انطلقت فعالياته في شهر رمضان الماضي تحت عنوان «قافلة الفن». هذه الرحلة كانت تحت تواجد وقيادة الفنانة سعاد عبدالله صاحبة القلب الكبير، إلى جانب تواجد رئيسة مجلس إدارة أكاديمية «لوياك» فارعة السقاف الإنسانة التي لم يهدأ لها بال منذ اندلاع الأزمة، وعدد من شباب وشابات متطوعين من الأكاديمية حملوا في قلوبهم رسالة الطفولة، حيث تم الاحتفال بانتهاء الفصل الأول للأطفال السوريين النازحين في «مخيم الفاعور»، وتمّ ذلك بجهود بذلها جنود عديدون، منهم فريق «لوياك لبنان» مصطفى بيضون منسق المشروع ودانة حيدر مسؤولة المتطوعين، إلى جانب «لوياك الكويت» يسرى العيسى نائب مدير قسم البرامج التطوعية، ومايا حناوي منسقة المشروع وآلاء ناصر مسؤولة مشروع «كن»، إلى جانب شريف صالح ومناير القلاف المسؤولين عن برنامج «الصحافة الخضراء». ففي بداية الاحتفال قدم مجموعة الأطفال المشاركين بـ «كرفان» المسرح بعض الفقرات المسرحية والتي تشاركوا في تأليفها واستلهامها من بعض لقصص العالمية كـ «ليلى والذئب»، وذلك تحت إشراف أستاذ الدراما زياد سبلاني. ثم شدت مجموعة من الأطفال بعدد من الأغاني منها «قمرة يا قمرة» و«طلعت يا محلا نورها» بمصاحبة أستاذ الموسيقى تمّام سعيد، الذي شاركهم العزف على العود. وفي الختام قامت الفنانة سعاد عبدالله بجولة على معرض الرسم الذي نفذه الأطفال بإشراف أحمد بيضون، والحرف اليدوية كانت تحت إشراف كارول الدنف ومروى إدريس. «الراي»، التي تواجدت مع وفد «لوياك»، رصدت كل ما دار هناك طوال يومين داخل «مخيم الفاعور»، وأقل ما يمكن قوله إن الإنسانية الفطرية التي يجب أن يتمتع بها كل بشري هو ما بدر من هؤلاء الأطفال الذين شاهدوا أقرانهم يعيشون العذاب بعدما حرموا من أبسط حقوقهم، فكانوا مثالاً مشرّفاً للكويت بأن قدموا لهم يد العون من دون تكبّر أو تعال... كل ذلك تمّ تحت أنظر أهاليهم الذين رافقوا أبناءهم، حيث صفقوا لهم مثنين على كل تصرف قاموا به. خلال هذا الوقت، «الراي» تحدثت إلى السقاف التي عُرف عنها مثل هذه المشاريع الخيرية الإنسانية، فقالت: «(قافلة الفن) هو مشروع إنساني فكرنا به منذ ديسمبر 2016، وبدأنا في تنفيذه على أرض الواقع بشهر رمضان الماضي، وهذه القافلة تتألف من ثلاثة (كرفانات) كل واحد منها يقدم نوعاً من أنواع الفنون (المسرح، الرسم والفنون التشكيلية، الموسيقى). وحضورنا اليوم مجدداً بين هؤلاء الأطفال بعد مضي ثلاثة أشهر من التدريب كان من أجل أن نشاهد الإنجاز الذي قاموا به، ولنعرف ما الذي قد تعلموه». وتابعت السقاف: «الرحلة الحالية ضمّت متطوعين ومتطوعات من (لوياك الكويت) هم فريق (الصحافة الخضراء) الذي يضمّ كلاً من هند وسارة النصف إلى جانب حنين صالح واللاتي سيقدمن لنا مادة صحافية سيتم نشرها بأسمائهن، إلى جانب فريق (كن) المؤلف من حصة المليفي ودانة عويضة ورند الهولي وخالد عفيفي بقيادة آلاء ناصر، ومهمتهم تقديم مقترحات وحلول لتحسين وضع المخيم، حيث إن هذا الفريق يختص بالمباردات المجتمعية ويشجّع المراهقين على تقديم مبادرات تساعد المجتمعات في تجاوز تحديات معينة، وقد اخترنا هؤلاء الشباب والفتيات كنوع من المكافأة لهم باعتبار أنهم كانوا الأبرز في البرنامج التدريبي الذي أقمناه طوال فترة الصيف، وطبعاً هم جميعاً هنا تحت قيادة الفنانة سعاد عبدالله التي أصرت على الحضور بعدما تجاوبت بسرعة مع الفكرة عندما عرضت عليها، كما أنها أبدت استعدادها لتقديم كل ما يحتاج له الأطفال النازحون في المخيم. نحن في (لوياك) على إيمان تام بأن الفن هو الوسيلة الأسرع والطريق المختصر في تجاوز أزمات الاطفال النفسية، والوسيلة الأسرع لرسم البسمة وإدخال البهجة في نفوسهم، والوسيلة الأسرع لتكوين شخصياتهم وثقتهم بأنفسهم، وهذا الأمر أعرفه من تجارب شخصية من خلال تعاملي مع المراهقين والأطفال». وأضافت: «سبق وجمعني مع سعاد عبدالله عمل في (اليونيسيف)، لكن احتكاكنا لم يكن يومياً ولم أشاهدها في هذا الموقف، لكن هنا في مخيم الفاعور كان الوضع مختلفاً، إذ شاهدت أم طلال الإنسانة وليس الفنانة المشهورة على حقيقتها الفعلية من دون تصنّع، رأيتها هذه الإنسانة الرقيقة الناعمة التي نزلت دمعتها لا شعورياً بمجرد أن شاهدت عيناها حال البشر، وبمجرد أن تسمع قصّة أم فقدت أطفالها أو طفلة وطفل أصبحا يتيمين، المحبة التي تمتلكها منحتها للجميع، وتواضعها وصبرها جعلاها تحتوي الجميع، ومهما قلت لن أوفيها حقها». وأردفت السقاف: «فن أم طلال وإنسانيتها الحقيقية ومواقفها الحلوة الجميلة ظهرت في كل موقف من المواقف هنا في مخيم الفاعور، فكانت في قمة سعادتها ولم تهتم لنجوميتها وشهرتها، وهذه التفاصيل الصغيرة لا تجدها فعلياً عند كل إنسان مشهور». ومن جانبها، صرّحت الفنانة سعاد عبدالله بالقول: «منذ انطلاق (لوياك) قبل 15 عاماً وأنا أشارك معهم في أنشطتهم كافة، لأنني مؤمنة بفكرهم وما يقدمونه للمجتمع من خلال ترسيخ حب العمل الإنساني لدى شبابنا وعمل الخير بالمطلق وأن يشعروا بعدم وجود فروقات بين كل البشر وأننا جميعنا سواسية. ففي بعض الأحيان نجد من البعض حالات من التعالي وهي مرفوضة تماماً، لكن (لوياك) ألغت كل تلك الأمور من خلال اندماج الشباب مع بعضهم البعض مهما كانت جنسياتهم أو أصولهم وأديانهم. وللعلم، هذه المرة الأولى في حياتي التي أزور بها مخيم لاجئين أو نازحين، وعندما نزلت من «الباص» في (مخيم الفاعور) للمرة الأولى شعرت بالاكتئاب وضيق التنفس وبدأت أبكي لا شعورياً، لكنني بسرعة تمالكت نفسي وأخفيت دموعي، لأنني لم أحضر كي أذكرهم بمآسيهم، فكل واحد منهم في مخيلته ذكرى (تهدّ الجبال)، لذلك رغبت من خلال ابتسامتي والكلام الإيجابي أن أمنحهم بعض الأمل مجدداً، بعدما حطم كل السياسيين طفولتهم». وأكملت عبدالله: «هذا المشروع الرائع والجميل بعث في نفوسهم الامل مجدداً، وقد لمست ذلك الامر بشكل شخصي عندما رأيتهم يغنون للفنانة فيروز وأيضاً سيد درويش، إلى جانب الرسومات الجميلة التي تعبّر فعلاً عن شخصياتهم، وتلك العروض المسرحية التي كتبوها بأنفسهم، فاختاروا شخصيات محببة إلى قلوبهم، كل هذا كان عبارة عن تفريغ لشحنات سلبية تم استبدالها بأخرى إيجابية. لقد شاهدتهم بأمّ عيني وهم يلعبون ويلهون بسعادة ومرح داخل حدود القافلة، فانسلخوا عن هموم الألم والمعاناة، وكلامي هذا عن الأطفال الذين عاشوا التجربة، أما الباقين الذين قد ولدوا داخل المخيم ولم يشاهدوا بلدهم سورية فقد شاهدوا ذلك الحزن والآسى في أعين أهلهم، وهناك أيضاً أطفال فقدوا جميع أهلهم فأصبح حالهم تعيس جداً والحزن على وجوههم (له أول ماله تالي)، وبعد كل ما شاهدته لا يسعني إلا قول (الحمدلله والشكر على كل النعم اللي عايشين فيها من دون ما نحسّ بقيمتها). لقد أصبح بيني وبين هذا المخيم ارتباط وجداني، وارتبطت بمحيطه أيضاً، وأعتقد ان هذه لن تكون آخر زيارة، وسأبقى على تواصل معهم دائماً». وحيال التغيير الذي أرادت إضافته إلى «قافلة الفن»، قالت عبدالله: «بعد أن عشت مع هؤلاء الأطفال يومين، لمست أن الغاليبية منهم أميون لا يعرفون القراءة والكتابة، لذلك اقترحت على السيدة فارعة السقاف، أن يتم أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار من خلال إضافة (كرفان) رابع ليكون مخصصاً بتعليمهم اللغة العربية والرياضيات، وهذا سيكون إلى جانب الفصول المتعلقة بالفن. كذلك، نحن بحاجة إلى عدد من (الكرفانات) المكيفة لتقدم الحصص التعليمية نفسها من أجل أن تكفي جميع الأطفال الموجودين في المخيم البالغ عددهم 120 طفلاً قابل للزيادة، خصوصاً أن هناك اندماجاً ما بين الأطفال السوريين واللبنانين أيضاً داخل (قافلة الفن)، وهو أمر أعجبني كثيراً كونه يعمل على انكسار الحواجز وزرع المحبة بين الأطفال من دون تفرقة إلى جانب هذا كله». وأردفت: «بما أن موسم الشتاء آتٍ، فكرت بوضع الحصى على كل الأرضية الترابية داخل المخيم، فتساعدهم في عملية التنقل خلال هطول الأمطار الغزيرة، وأناشد أصدقائي لمن يرغب في المساهمة أن يمدّ يد العون». ومن جانبها، قالت مدير «لوياك لبنان» سالي حمود: «عندما تعرفنا على المخيم للمرة الأولى، شعرنا بالحزن بسبب الوضع الذي تعيش فيه نحو 70 أسرة سورية أكثر من خمس سنوات، لكن بالتعاون مع زينة فياض صاحبة الأرض التي منحتها لهم بالمجان، قمنا بمساعدتهم في إقامة الخيام».وأردفت: «الفن له قدرة كبيرة على علاج ضحايا العنف النفسي، خصوصاً بعدما تعرض له أطفال المناطق المنكوبة بالحرب من عنف، ومن خلالكم أتمنى مساهمة المزيد من الداعمين والمتبرعين لمخيم (الفاعور) من أجل توفير مناخ نفسي صحي لأطفال النازحين السوريين يساعدهم على تجاوز أزماتهم النفسية وينشر البهجة في قلوبهم ويمهد لهم محيطاً آمناً». أما زينة فياض، بصفتها المنسق اللوجيستي للمشروع، فقالت بدورها: «أقل واجب يمكنني تقديمه لهم هو هذه الأرض، إلى جانب ذلك كل وقتي منحته لهم محاولة قدر المستطاع توفير ما يحتاجونه من طعام ورعاية صحية في ظل الظروف المعيشية الصعبة، خصوصاً أن هناك الكثير من الأطفال يحتاجون لرعاية صحية ليتمكنوا من الاستمرار في العيش بسلام وهناء».

مشاركة :