أشار تقرير بنك الكويت الوطني إلى أن البنك خفض توقعاته لمعدل النمو العام للاقتصاد القطري في 2017 إلى 1.8 من 2.5 في المئة، وذلك على خلفية الأزمة الخليجية، وهو أقل مستوى منذ 23 عاماً. ولفت التقرير إلى أنه تم خفض النمو غير النفطي إلى 4 من 5.3 في المئة نظراً لاستمرار الأزمة الخليجية التي سبب تراجعاً ضخماً في نشاط التجارة والسياحة، وارتفاعاً كبيراً في أسعار المواد الغذائية، وولّد ضغوطاً على العملة والبورصة، ونتج عنه خفض للتصنيف الائتماني، وأثر سلباً على إيرادات الشركات. وأفاد التقرير أن السلطات قامت باستعادة بعض استثماراتها من الخارج لدعم القطاع المالي المحلي، موضحاً أنه ورغم استقرار بعض تلك الضغوط قليلاً إلا أن محاولات الصلح لم تثمر حتى الآن. في الوقت نفسه، أشار التقرير إلى أنه تم أيضاً خفض نمو القطاع النفطي في العام 2017 إلى 0.5 في المئة من 0.3 في المئة نتيجة الالتزام الجيد باتفاقية منظمة «أوبك» لخفض الإنتاج الشديد بهدف الإنتاج. وتوقع «الوطني» أن يسجل نمو الناتج المحلي الإجمالي تحسناً كبيراً في العام 2018 ليصل إلى 4 في المئة مقارنةً بتوقعاته السابقة عند 3.1 في المئة وذلك بدعم من مشروع محطة برزان للغاز التي من المخطط تشغيلها في نهاية العام الحالي. وأفاد أنه من المحتمل أن تضيف المحطة 5 في المئة إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي للقطاع النفطي حين اكتمال التشغيل، لافتاً إلى أنه قد تم تأخير المشروع كثيراً وقد يؤثر أي تأخير آخر سلباً على التوقعات. وتوقع أيضاً أن يشهد إنتاج النفط، الذي يعتبر صغيراً مقارنة بإنتاج الغاز، ركوداً بشكل عام نتيجة التزام الدول بخفض الإنتاج وفق اتفاقية «أوبك» التي تم تمديدها حتى العام 2018، مبيناً أنه ليس من المحتمل أن يكون لرفع الوقف عن حقل الغاز الشمالي الجديد، الذي استمر 12 عاماً، تأثيراً على النمو في فترة التوقعات. ولفت إلى أنه من المتوقع أن يستقر نمو القطاع غير النفطي خلال العام المقبل عند 4 في المئة وذلك أقل من مستوى التوقعات السابقة البالغ 5 في المئة، موضحاً أن هذا المعدل يعد أقل من نصف معدل الفترة من العام 2012 حتى العام 2016. وبيّن التقرير أن الأوضاع الاقتصادية ستستمر معطلة في ظل غياب حل للأزمة الخليجية الحالية، كما من الممكن أن يسبب ذلك المزيد من العثرات إذا تصاعد التوتر السياسي، متوقعاً أن تستمر الكثافة السكانية بالتراجع. بالمقابل، نوه التقرير بأن صادرات الغاز الطبيعي (بما فيها الصادرات إلى الإمارات) لن تتأثر كما أنه لا يوجد أي مؤشرات لتباطؤ الإنفاق الحكومي على البنية التحتية أكثر مما كان مخططاً له في ظل تراجع أسعار النفط، كما من الممكن أن تقوم الحكومة بتأجيل بعض الإصلاحات التي قد تضر بالطلب. التضخم أوضح تقرير «الوطني» أن الأزمة تسببت في زيادة تضخم أسعار المواد الغذائية إلى 4.5 في المئة على أساس سنوي في يوليو من 0.1 في المئة في يونيو نتيجة شح معروض السلع وزيادة تكاليف العبور بعد تغيير مسار بعض الموردين. ولفت إلى أن التضخم في المواد الغذائية قد تراجع قليلاً في أغسطس إلى 2.8 في المئة، وتراجع معدل التضخم العام إلى 0.4 في المئة على أساس سنوي في أغسطس من 0.2 في المئة في يوليو مع تراجع البيانات في معظم المكونات غير الغذائية. وبيّن التقرير أنه من المحتمل أن يتسارع التضخم مستقبلاً ولكن في ظل تدني الأوضاع الاقتصادية فإنه قد يظل عند نسبة أقل من 1 في المئة على أساس سنوي لبقية العام 2017، ويبلغ متوسط 0.5 في المئة فقط للعام بأكمله. وتوقع أن يصل متوسط التضخم في العام المقبل إلى 2.5 في المئة بدعم من تأثيرات قاعدية وقوة طفيفة في النمو وتراجع الدولار الذي سيرفع تكاليف الواردات، بالإضافة إلى تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5 في المئة في سبتمبر التي من المحتمل أن ترفع معدل التضخم السنوي بواقع 2 في المئة. العجز سيتراجع توقع «الوطني» أن يتراجع العجز المالي إلى 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام من 9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2016، وذلك نتيجة ارتفاع الإيرادات بنسبة 18 في المئة إثر ارتفاع أسعار النفط والغاز (ولكن إنتاج النفط والغاز سيظل راكداً). ولفت إلى أن الإيرادات النفطية تشكل ما يقارب 85 في المئة من إجمالي إيرادات الميزانية، مبيناً أن الإجراءات التي من شأنها زيادة الإيرادات غير النفطية ليست مقررة حتى العام 2018، وتتضمن هذه الإجراءات فرض الضريبة الانتقائية التي تشكل ما يصل إلى 0.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بالإضافة إلى ضريبة القيمة المضافة (بنسبة 1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي) التي من المزمع تطبيقها في سبتمبر من العام المقبل. وقدّر «الوطني» أن السلطات قد خفضت الإنفاق بنحو 17 في المئة في العام 2016 نسبياً بعد احتساب السنة المالية القصيرة في 2015 نتيجة بعض التغييرات في إعداد التقارير، وذلك نتيجة رغبتها في مواجهة العجز الكبير وتعديل أوضاعها وفقاً لبيئة أسعار النفط الجديدة المتدنية. وأفاد أن ميزانية العام 2017 تضمنت المزيد من الخفض في الإنفاق بواقع 2 في المئة، إلا أنه ومع الإنفاق الطارئ المتعلق بالأزمة الحالية (بما فيها ارتفاع أسعار الواردات) وأهمية محافظة السلطات على ارتفاع الإنفاق الاستثماري، بالإضافة إلى تحسن وضع الإيرادات، توقّع «الوطني» زيادة طفيفة في الإنفاق بواقع 4 في المئة تقريباً، إلى جانب تقلص العجز بشكل أكبر بواقع 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2018 تماشياً مع ارتفاع معتدل في الإنفاق مقابل ارتفاع إيرادات القطاعين النفطي وغير النفطي. أوضح تقرير «الوطني» أن الحكومة اعتمدت على أدوات الدين لتمويل عجز الميزانية بدلاً من اللجوء لاحتياطاتها الضخمة التي تديرها هيئة الاستثمار القطرية، والتي تقدر بنحو 320 مليار دولار (ما يقارب 200 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي) في يونيو. وأشار إلى أن دين الحكومة المركزية الخارجي القائم استقر عند 32 مليار دولار في يونيو (20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للعام 2017) كما بلغ الدين المحلي بما فيه الائتمان المصرفي الممنوح للحكومة 78 مليار دولار (48 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي). ولفت إلى أن الحكومة تفادت إصدار المزيد من أدوات الدين السيادية في العام 2017 بعد أن أصدرت سندات في مايو الماضي بقيمة 9 مليارات دولار، ولكنها اقترضت من البنوك 5 مليارات دولار إضافية. وأضاف أنه لا يزال الدين الحكومي يصنّف بدرجة استثمارية عالية من قبل وكالات التصنيف، إلا أن التصنيف قد تراجع من قبل وكالتي «ستاندرد أن بورز» و «فيتش» إلى (AA-) مع نظرة مستقبلية سلبية مع توقعات بالمزيد من الخفض.
مشاركة :