كل دولة لها ما يميزها من طباع وعادات وتقاليد ارتبطت بأهلها خاصة في الأكل، فيشتهر كل مكان بأكلة محددة تعبر عن وقت معين أو حتي حادثة فى تلك البلد مثل “حلوى الموت”، هكذا أطلق المماليك على “أم علي”، لأنها حلوى اختراعتها زوجة عز الدين أيبك الأولى، بعد قتلها لضرتها شجر الدر بواسطة القباقيب انتقاما لزوجها، فاخترعت خلطة الرقاق بالحليب ووزعتها على الفقراء كحلوة موت عدوتها، وأخذت شهرة واسعة صاحبتها حتى الآن. وتعتبر تلك الوجبات من أهم عوامل استقطاب السياحة في بعض الأحيان. فإذا رجعنا إلى تاريخ الكشري، فإنه يعتقد البعض أنها أكلة شعبية مصرية أصيلة، ولكن في الحقيقة هي من الأصناف التي تعود على تناولها الهنود كوجبة للإفطا، ونقلها لنا ابن بطوطة بوصفه لها “يطبخون المنج مع الأرز ويأكلونه بالسمن ويسمونه كشري وعليه يفطرون في كل يوم”. وكلمة كشرى مشتقة من اللغة الهندية وتعنى أرز مع أشياء أخرى، وانتقل إلى مصر عقب الحرب العالمية الأولى عند مجيء الهنود مع القوات البريطانية عند فرضها الحماية البريطانية على مصر عام 1914، وكانوا يطلقون عليه حينها “كوتشري”، ولأن المصري “عشري” بعادته اختلط بالجنود الهنود وعندما علم المصريون بقيمتها الغذائية أضافوا لها المعكرونة والعدس والحمص وأصبح من أساسيات المائدة المصرية، ليرتبط الكشرى بالمصريين ويمحى انتمائه للهند مع الوقت. فبرغم من أن الكشرى أكلة ترتبط بوجدان الشخصية المصرية، إلا أنها تحولت الآن إلى وجبة مفضلة للعديد من الأجانب إلى أن تم تصدير تلك الفكرة المصرية الأصيلة إلى دول أوروبا والخليج ولعل من أهم المعالم المرتبطة بالكشري المصري هو كشري أبو طارق والذي يعود بدايته إلى أكثر من 80 عاما على أيدي الجد من خلال عربة بسيطة بشارع شامبليون بقلب القاهرة وعبر عقود طويلة استطاع الأبناء والأحفاد التوسع لتتحول العربة إلى أكبر مول خاص يبيع الوجبة الشعبية الأولى في مصر، وعلى مدار عقود قامت كبرى الشركات العاملة في مجال السياحة في مصر بوضع زيارة وتناول وجبة الكشرى من أبو طارق ضمن برنامجها السياحي الرئيسي لكل الوفود الأجنبية التي تقصد القاهرة. إلى أن اصبح الآن من أهم معالم الحياة المصرية والتي تعتبر مقصدا للعديد من الأجانب والسفراء وفنانين الغرب، وأصبح أبو طارق صاحب التاريخ الأشهر في صناعة الوجبة الشعبية صاحب العلامة التجارية الوحيدة لصناعة الكشري في مصر إلى أن بدأ غزو العالم عن طريق افتتاح فرع للمحل في العاصمة الإنجليزية لندن خلال الفترة القليلة القادمة، كما سبقها السعودية والذي لاقى نجاحا كبيرة نظرا لتغير مفهوم أكلة الكشري لديهم، إلى أن وصل إلى مدينة دبى لاستقبال أول فرع من أبو طارق الشهر المقبل. واستطاع أبو طارق أن يسطر اسمه في موسوعة جينيس العالمية عام 2015 عن طريق صناعة أكبر طبق كشري في العالم بلغ وزنة 8 آلاف كيلو جرام وقطره 10 أمتار في 10 أمتار وبلغ ارتفاعه 120سم.
مشاركة :